رواد ناسا لم يطأوا القمر أولًا؟ تدريبات المشي عليه بدأت من تربة أيداهو!

3 د
تم تدريب رواد فضاء ناسا على بيئات تشبه القمر في إيداهو بأمريكا.
تقدم تضاريس فوهات القمر الوطنية تشابهًا مذهلًا لسطح القمر بسبب النشاط البركاني.
حتى اليوم، يستمر العلماء في دراسة المنطقة لفهم كواكب مثل المريخ.
ساعدت التجارب في المنطقة في فتح آفاق جديدة لاكتشاف الحياة الدقيقة على المريخ.
تحتوي المنطقة "الكيبكاس" وهي جزر طبيعية وسط الحمم البركانية تقدم تنوعًا بيئيًا.
هل فكرت يومًا كيف استطاع رواد فضاء ناسا التحرك بثقة على سطح القمر رغم أنهم أول مرة يزورونه؟ الاجابة ربما تفاجئك بعض الشيء، فالحقيقة نشرت في دراسة حديثة بأنهم لم يسافروا مباشرة من مراكز التدريب إلى الفضاء، بل كانت لهم محطة هامة جدًا هنا على كوكبنا، وتحديدًا في ولاية إيداهو الأمريكية!
تدريب رواد الفضاء في أرض تشبه القمر
في الستينيات، عندما استعدت وكالة ناسا لإطلاق رحلة أبولو التاريخية إلى القمر، أراد العلماء توفير بيئة تدريبية تشبه قدر الإمكان سطح القمر، بمناطقه القاحلة والوعرة والغريبة، وهنا وجدوا أن "نُصب ومنتزه فوهات القمر الوطني" (Craters of the Moon) الواقع جنوب ولاية إيداهو الأمريكية، هو المكان الأمثل لهذه المهمة.
تم اختيار ذلك المكان لسبب واضح ومقنع؛ فالتضاريس هناك ناتجة عن نشاط بركاني سابق، حيث تنتشر المساحات من صخور البازلت وبقايا الحمم البركانية ومخاريط الرماد والقنوات والأنفاق البركانية، تمامًا مثلما تظهر صور القمر، بالرغم من اختلاف طفيف، حيث أن قنوات القمر هي غالبًا نتيجة الاصطدام بالنيازك وليس البراكين.
وفي عام 1969، تدرب رائدا الفضاء يوجين سيرنان وجو إنجل بقيادة الجيولوجي المتخصص تيد فوس في تلك التضاريس، لاكتساب الخبرة اللازمة ليتمكنا من السير على سطح القمر وجمع العينات وتحديد معالم البيئة الجديدة بشكل دقيق.
مشاهد مذهلة من الفضاء للأرض التي استضافت التدريبات
ومؤخرًا، التقطت الأقمار الصناعية الحديثة "لاندسات 8" و "لاندسات 9" صورًا مذهلة للمنطقة؛ بدت في الصيف كمساحة واسعة من الصخور البركانية الداكنة، وفي الشتاء بغطاء أبيض ثلجي خلاب يكشف بشكل أوضح أشكال الأرض مثل المخاريط البركانية العديدة.
تدريبات الماضي تساعدنا على فهم كواكب أخرى
وعلى الرغم من انتهاء برنامج أبولو منذ عقود طويلة، لا زال موقع فوهات القمر في إيداهو يلعب دورًا مهمًا في العلوم الفضائية، فقد جذب اهتمام الباحثين مؤخرًا لمزاياه الشبيهة بتضاريس سطح كوكب المريخ.
علماء الجيولوجيا اكتشفوا في هذا الموقع أنواعًا من الكائنات الدقيقة والمجتمعات الميكروبية تعيش داخل كهوف أنفاق الحمم البركانية. تلك الاكتشافات فتحت الباب لدراسة كواكب أخرى مثل المريخ، خصوصًا أن أنفاق الحمم هناك قد تكون مأوى للحياة الدقيقة بسبب حمايتها من ظروف سطح الكوكب القاسية من إشعاعات وحرارة متطرفة.
"الكيبكاس".. جزر خضراء وسط الحمم السوداء
من الجوانب البيئية المدهشة لمنطقة فوهات القمر هي ما يعرف بـ "الكيبكاس" أو الجزر الطبيعية، وهي مساحات من الأراضي القديمة التي نجت من تغطية الحمم البركانية الأحدث، مما جعلها تبدو مثل جزر منعزلة وسط بحر من الصخور البركانية السوداء. هذه البقع الصغيرة والكبيرة تحوي العديد من الأنواع النباتية النادرة الاستخدام، ومن بينها أشجار جونيبر العتيقة التي تُعد من الأقدم في ولاية إيداهو.
ماذا يعني كل هذا للمستقبل؟
الاستفادة من تدريبات رواد أبولو والتجارب الحديثة في هذا الموقع يعطي العلماء والأخصائيين مؤشرات قيمة حول استراتيجيات رحلات المستقبل، سواء إلى القمر أو حتى كوكب المريخ، فالقدرة على التأقلم مع طبيعة الأراضي الصعبة ظل درسًا أساسيًا من دروس أبولو.
من يدري؟ ربما يومًا ما سيتمكن رواد فضاء من اكتشاف حياة دقيقة على سطح المريخ، وكل هذا يعود فضلًا لتجارب بدأت هنا، في فوهات القمر بولاية إيداهو، التي تربط الماضي بالحاضر وتفتح الباب أمام تطلعات البشرية نحو آفاق أبعد.