ذكاء اصطناعي

ساحل الجوراسي يكشف عن سر جديد: أقدم حصاة معدة في سجل الحفريات عمرها 150 مليون سنة

ساحل الجوراسي يكشف عن سر جديد: أقدم حصاة معدة في سجل الحفريات عمرها 150 مليون سنة
فريق العمل
فريق العمل

3 د

اكتشاف حصاة معدة متحجرة في الساحل الجوراسي بإنجلترا يعود لعصور بحرية قديمة.

يمنح الاكتشاف العلماء نافذة على عادات الهضم والسلوك الغذائي للمخلوقات البحرية المنقرضة.

تم تحديد الحصاة كغاستروليث ضخمة قد تعود لزواحف بحرية مثل الإكثيوصورات.

تؤكد تحليلات مجهرية توافق بنية الحصاة مع خصائص الحجارة الهضمية.

تساهم  الحفريات في إثراء معرفتنا بالنظام البيئي البحري القديم وتصور حياة تلك الكائنات.

كم مرة تساءلت عن حياة مخلوقات البحار القديمة وكيف كانت تتصرف قبل ملايين السنين؟ اليوم، صار بإمكاننا أن نقترب خطوة إضافية من التصور بفضل اكتشاف مذهل على الساحل الجوراسي في إنجلترا. فقد عثر علماء حفريات على أقدم حصاة معدة متحجرة في العالم، يبلغ عمرها حوالي 150 مليون عام، وهو ما يمنحنا نافذة غير مسبوقة على عادات الهضم والسلوك الغذائي لهذه الكائنات البحرية المنقرضة.

وقع هذا الاكتشاف المثير في منطقة كيمريدج في مقاطعة دورست على ساحل إنجلترا المعروف بـ"الساحل الجوراسي"، وهو موقع مدرج على لائحة اليونسكو للتراث العالمي، نظراً لغناه الاستثنائي بالحفريات وترسبات العصور الجيولوجية الثلاثة: الترياسي والجوراسي والكريتاسي. اكتشف هذا الحجر الدكتور ستيف إيتشيز، وهو النوع الذي يُعرف علمياً باسم "غاستروليث"، أي الحصى التي تتكون داخل جهاز هضمي للكائنات، لمساعدتها في طحن وهضم الطعام.

هذا يقودنا للسؤال المهم: كيف أمكن للعلماء التأكد من ماهية هذه الحصاة وأكثر من ذلك؛ كيف يحددون الكائن الذي تعود إليه دون وجود الهيكل العظمي نفسه؟ يوضح خبير الحفريات والباحث في جامعة ريدينغ، نايجل لاركين، أن تحديد مصدر هذه الحصى ليس بالمهمة السهلة: "ما لم نعثر عليها داخل هيكل عظمي محفوظ، لن يكون من الممكن تقريباً تحديد نوع الكائن الذي تعود إليه". ومع ذلك، فإن الحجم الكبير للحصاة وسياقها الجيولوجي يدل على أنها كانت في معدة زواحف بحرية ضخمة كانت تجوب المحيطات في الحقبة الجوراسية، مثل الإكثيوصورات أو البليزيوصورات أو حتى تماسيح بحرية بدائية.

ولتأكيد هذا الاستنتاج، قام الدكتور إيفان سانسوم، الخبير البارز في علم الحفريات البيولوجية في جامعة برمنغهام، بإجراء تحاليل مجهرية دقيقة على الحجر. توصلت هذه التحاليل إلى أن بنية الحجر وتركيبه تتوافق بالفعل مع خصائص حصوات المعدة المعروفة علمياً بـ"غاستروليث"، وتدرس بشكل شبه مؤكد كحصاة متكونة بسبب عمليات هضمية داخل جهاز هضمي.

لا يبدو الاكتشاف مهماً فقط لعمره القياسي الذي يصل إلى 150 مليون عام، بل إنه يساهم بشكل كبير في فهم سلوك تلك المخلوقات البحرية وانعكاس لعاداتها الغذائية. فالحصى من هذا النوع كانت تستخدم لمساعدة تلك الكائنات في طحن الطعام في معدتها، بل وربما كانت تساعد بعض الكائنات على الحفاظ على توازنها والثبات في المياه البحرية العميقة.

ذو صلة

يقدم العثور على أقدم حصاة معدة متحجرة إضافة هائلة لسجل الحفريات، مما يجعلنا نعيد رسم الصورة حول النظام البيئي البحري لتلك العصور البعيدة. وبفضل استمرار عمليات التنقيب والاستكشاف على طول الساحل الجوراسي ذو الترسبات الغنية، نتوقع استمرار ظهور اكتشافات مذهلة تثري معرفتنا بالكائنات البحرية القديمة وأسرار حيواتها التي لم تعد غامضة كما كانت في السابق.

فتخيل معي عزيزي القارئ، كلما وجدنا دليلاً كهذا، يصبح بإمكاننا أن نتخيل بصورة أوضح حياة تلك الكائنات المثيرة للخيال، التي سكنت كوكبنا قبل عشرات الملايين من السنين. ولعل الاقتراب أكثر من وضع الحجر ضمن سياق جيولوجي أكثر دقة، مع إضافة دراسات على حفريات مشابهة مستقبلاً، يفسح المجال لمزيد من الفهم المتعمق والغني عن هذه المخلوقات البحرية الغامضة والمثيرة.

ذو صلة