شراكة تاريخية: سيري من آبل تستعد لقفزة نوعية بفضل تكنولوجيا Gemini من جوجل

3 د
تعتزم آبل تطوير مساعدها "سيري" باستخدام تقنية "جيميني" من جوجل.
يتعرض "سيري" لانتقادات بسبب محدودية إجاباته وبطء تطوره.
الشراكة تُمكّن آبل من تحسين تجربة البحث في "سفاري" و"Spotlight".
"سيري" الجديد سيقدم ملخصات مدعمة بالصور والفيديوهات بإستخدام الذكاء الاصطناعي.
التحدي يشمل حماية بيانات المستخدمين مع التطور التكنولوجي.
في خطوة غير معهودة قد تغيّر ملامح الذكاء الاصطناعي على هواتفنا، تستعد شركة آبل لإعادة ابتكار مساعدها الافتراضي الشهير “سيري” باستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المتقدمة من جوجل، وتحديدًا نموذج “جيميني” المعروف بقدراته الهائلة في فهم اللغة وتوليد النصوص. هذا التعاون المفاجئ جاء إثر تأخر تحديث “سيري” الذي انتظره كثير من المستخدمين، فآبل تريد اليوم سد الفجوة مع الرواد في سباق الذكاء الاصطناعي، أمثال OpenAI وPerplexity وحتى جوجل نفسها.
منذ مدة، يتعرض نظام “سيري” لانتقادات واسعة بسبب محدودية إجاباته وبطء تطوره، خصوصًا مع صعود المساعدين الذكيين الذين صاروا يقدمون إجابات دقيقة وفورية لملايين الأسئلة في مختلف المجالات. هذا الواقع دفع الشركة العملاقة إلى مراجعة موقفها التقليدي القائم على تطوير “كل شيء داخليًا”، لتبحث عن شراكات استراتيجية تعطيها دفعة تكنولوجية ملموسة. وهنا تشير مصادر مطلعة إلى اتفاق رسمي وقع بين آبل وجوجل يسمح بتجربة نموذج Gemini الذكي داخل “سيري”، على أمل أن يصبح الذكاء الاصطناعي الجديد قلب التجربة القادمة.
وهنا تتضح العلاقة بين استراتيجية آبل المتحفزة للاحتفاظ بمكانتها الريادية، وبين التغير السريع الذي يشهده عالم البحث الذكي والمساعدات الصوتية. فبعد سنوات من تقديم “Spotlight” – محرك البحث الداخلي في الآيفون – كمنافس محتمل لمحركات البحث التقليدية، يبدو أن آبل تعيد رسم خططها. بحسب التقارير، ليس المقصود فقط تعزيز “سيري”، بل الاستفادة من قدرات جيميني مستقبلاً داخل “سفاري” (متصفح الانترنت الأساسي على أجهزة آبل) وميزة Spotlight للبحث السريع في الشاشة الرئيسية. هذا الدمج المنتظر يفتح الباب أمام تجربة بحث جديدة كليًا، حيث يلتقي الذكاء الاصطناعي بالتخصيص الفائق وسرعة الوصول للمعلومة.
“سيري” الجديد: تجربة بحث تفاعلية مدعّمة بالذكاء الاصطناعي
تحديث “سيري” القادم لن يكون تحديثًا اعتياديًا؛ إذ ستعتمد واجهته على مزيج من النصوص، الصور، الفيديوهات ومعلومات نقاط الاهتمام المحلية، مدعومة بتقنيات توليد و تلخيص المحتوى من قبل الذكاء الاصطناعي. تخيل نفسك تسأل عن فيلم جديد أو معلم سياحي أو حتى حالة الطقس، فتحصل على إجابة عبارة عن ملخص مركّز، مدعم بالصور وأحيانًا بالفيديو أو الخرائط، وكل ذلك بسرعة ودقة لافتة.
الأهم من ذلك، تقول المصادر إن “سيري” سيصبح قادرًا على فهم السياق الشخصي للمستخدم، أي استقاء المعلومات ومساعدتك في التنقل داخل جهازك أو تطبيقاتك فقط عبر الأوامر الصوتية.
وهذه النقلة النوعية تربط بين الشغف المتزايد لدى المستخدمين بتطبيقات الذكاء الاصطناعي وبين إرادة آبل في جعل أجهزتها أكثر فاعلية وأقرب لعاداتنا اليومية، مع الحفاظ دائمًا – كما عودتنا – على أعلى درجات الخصوصية وأمان البيانات.
بالطبع، لولا وجود منافسة شديدة في سوق التقنية، لما فكرت آبل يوما في إشراك جوجل بهذا الشكل العلني. إلا أن هيمنة خدمات البحث الذكي وتطبيقات الدردشة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي (مثل ChatGPT التابع لأوبن إيه آي) فرضت واقعا جديدا يبحث فيه عمالقة التكنولوجيا عن التكامل بدل الصراع في بعض المجالات. ويبدو أن ثمار هذا التكامل ستجنيها أنت، كمستخدم لـ “سيري”، قريبا على هيئة إجابات فورية وتوصيات عملية، سواء كنت تخطط لرحلة أو تبحث عن معلومات دقيقة أثناء التنقل.
في هذا السياق كذلك، من المهم أن نشير إلى أن التحدي الحقيقي لن يكون تقنيًا فحسب، بل يشمل أيضًا ضمان حماية بيانات المستخدمين والاستفادة القصوى من الذكاء الاصطناعي دون التضحية بقيم الخصوصية المعروفة لدى آبل. عملاق كوبرتينو يعمل بحذر مع جوجل، إذ يختبر النموذج أولاً على نطاق محدود، ليقرر لاحقًا إن كان يعتمد عليه بالكامل في تحديثات النظام القادم، المقرر في عام 2026.
وهذا يربط بين التطلعات الكبيرة لعملاقي التقنية ومصالح المستخدم النهائي، الذي سيستفيد قريباً من القفزة النوعية في مستوى المساعدة الذكية وخدمات البحث عبر آيفون.
في الختام، يبقى السؤال الكبير: هل تنجح شراكة آبل وجوجل في جعل “سيري” منافسًا فعليًا لمساعدات الذكاء الاصطناعي الحديثة؟ الأيام القادمة ستحمل الإجابة، لكن المؤكد أن شكل البحث الرقمي والمساعدة الافتراضية يستعد للقفز خطوة كبيرة… خطوة ستجعل مستخدمي أجهزة آبل يختبرون الذكاء الاصطناعي بشكل أكثر ذكاء وسلاسة من أي وقت مضى.