علماء يتوقعون بلوغ التفرّد التكنولوجي خلال 3 أشهر… هل اقتربنا من لحظة تفوق الذكاء الاصطناعي على البشر؟

3 د
أشار خبراء إلى أن البشرية قد تصل لمرحلة التفرد التكنولوجي خلال أشهر قليلة.
النماذج اللغوية الحديثة تساعد في تسريع وصول الذكاء الاصطناعي العام.
تشير الدراسات إلى تفاؤل الخبراء بوصول الذكاء الفائق بحلول منتصف القرن.
قدرات الآلات تتزايد مع التقدم في تقنيات الحوسبة الكمية والتعلم العميق.
التفرد قد يعيد تعريف علاقتنا بالتكنولوجيا والتحديات الأخلاقية المصاحبة لها.
في خطوة تثير الجدل بين العلماء ورواد التكنولوجيا، أشار بعض الخبراء إلى أن البشرية قد تدخل عصر التفرد، أي النقطة التي تتفوق فيها الآلات على قدرات الإنسان العقلية، خلال الأشهر الثلاثة المقبلة فقط. وبينما تتراوح التوقعات في الأوساط العلمية بين عقود طويلة وأشهر معدودة، يبقى التوافق الأساسي أن تغيّراً كبيراً يلوح في الأفق.
منذ بروز النماذج اللغوية الضخمة في حياتنا الرقمية، تحولت النقاشات حول الذكاء الاصطناعي إلى قضية يومية. هذه النماذج لم تفتح فقط الباب أمام استخدامات جديدة، بل أعادت تشكيل مواعيد تقدير وصولنا إلى ما يعرف بـ الذكاء الاصطناعي العام (AGI). فبينما توقعت دراسات سابقة بلوغ هذه المرحلة في حدود عام 2060، جاءت الطفرات الأخيرة لتدفع بعض رواد الصناعة، مثل الرئيس التنفيذي لشركة Anthropic، إلى الإشارة بأن الأمر قد لا يستغرق أكثر من ثلاثة أشهر. وهذا يوضح كيف سرّعت الثورة التقنية مجمل النقاشات الأكاديمية والصناعية.
وبحسب تحليل شامل أجرته مؤسسة AIMultiple على آلاف التنبؤات من علماء ورواد أعمال ومجتمع المختصين، يبدو أن قواعد اللعبة في تقدير مواعيد وصولنا إلى الذكاء الخارق قد تغيرت بشكل واضح. الدراسة أوضحت أن معظم الخبراء كانوا أكثر تفاؤلاً من الأوساط الأكاديمية، وتوقع كثير منهم أن نصل إلى الذكاء الاصطناعي العام في منتصف القرن كحد أقصى. وهذا يربط بين نتائج الاستطلاع وتحولات السنوات القليلة الماضية التي غيرت ملامح النقاش العلمي.
من جهة أخرى، يشير التقرير إلى أن قدرة الآلات على التطور لا تبدو محدودة كبشرية. مع استمرار قانون مور الذي يصف تضاعف قوة الحوسبة كل 18 شهراً، تزداد فرص تجاوز الآلات للحاجز البشري. كما أن تقنيات الحوسبة الكمية تُطرح اليوم كبديل محتمل لتجاوز أي عوائق تقنية قد توقف تقدم المعالجات التقليدية. وهذا بدوره يعزز الاعتقاد بأن الذكاء الاصطناعي يملك مساراً متصاعداً نحو مستويات غير مسبوقة.
مع ذلك، ليس الجميع مقتنعاً بأن الوصول إلى التفرد أمر حتمي. بعض العلماء، مثل يان لوكون الرائد في مجال التعلم العميق، يرون أن الإنسان يتمتع بتعقيد معرفي متعدد الأبعاد، يشمل الذكاء العاطفي والاجتماعي والوجودي، وهي أبعاد يصعب تقليدها برمجياً. هؤلاء يشددون على إعادة توصيف ما يُعرف بالذكاء الاصطناعي العام إلى مجرد "ذكاء آلي متقدم"، مع التنبيه إلى أن الآلة قد تكون أدق في التحليل لكنها تفتقر إلى جوهر الإبداع الإنساني. وهذا يربط النقاش العلمي بسؤال أوسع عن ماهية الوعي وحدود المحاكاة التقنية.
في المقابل، يعتقد مؤيدو التفرد أن حتى لو عجزت الآلة عن تقليد كل جوانب العقل البشري، فإن تفوقها الحسابي سيجعلها شريكاً أساسياً في دفع الاكتشافات الطبية والعلمية. لكنها ستظل أداة مساعدة لا بد من توجيهها أخلاقياً وبشرياً. وهذا يعيد المسألة إلى جوهرها: الذكاء الاصطناعي لن يحسم مصير الإنسانية منفرداً، بل الأمر مرهون بكيفية إدارتنا له.
بين توقعات تنذر ببلوغ التفرد خلال أشهر، وأخرى ترى أننا أمام عقود من العمل قبل الوصول إلى هناك، تتفق معظم الأصوات أن الحقبة المقبلة ستشهد تغيرات عميقة في علاقتنا بالتقنية. السؤال الحقيقي لم يعد إن كان الذكاء الاصطناعي سيصل إلى مستويات غير مسبوقة، بل كيف سنستعد نحن كمجتمع عالمي لمواجهة هذه الطفرة. فهل ستكون الوعود القادمة مبعثاً للأمل والاكتشاف، أم لمخاطر غير مسبوقة؟ الجواب في النهاية مرهون باختياراتنا.