ذكاء اصطناعي

فريق ياباني ينجح في إنتاج بلاستيك حيوي أقوى من البلاستيك التقليدي وبلا نواتج سامة

محمد كمال
محمد كمال

3 د

ابتكر باحثون في جامعة كوبي بلاستيكًا حيويًا جديدًا يسمى PDCA أقوى من PET.

البلاستيك الجديد PDCA يتميز بقدرته على التحلل وقوته الفيزيائية العالية.

تُستخدم بكتيريا معدلة وراثيًا لتصنيع PDCA من الجلوكوز دون مخلفات ضارة.

التطوير يتجاوز سبعة أضعاف الإنتاج القياسي السابق للبلاستيك الحيوي في المفاعلات الحيوية.

يعزز هذا الابتكار تحولًا نحو المواد المستدامة وتقليل الاعتماد على البلاستيك التقليدي.

في خطوة واعدة على طريق تقليص الاعتماد على البلاستيك التقليدي وحماية البيئة، نجح فريق من المهندسين الحيويين بجامعة كوبي اليابانية في إنتاج نوع جديد من البلاستيك الحيوي يُسمى PDCA، يتميز بكونه قابلًا للتحلل وبقوة فيزيائية تفوق أكثر أنواع البلاستيك شيوعًا، مثل PET المستخدم في عبوات المياه والمنسوجات. ويعتمد هذا الإنجاز على تسخير بكتيريا الإشريكية القولونية المعدلة وراثيًا لتصنيع المركب الجديد انطلاقًا من الجلوكوز، دون إنتاج مخلفات جانبية ضارة، مما يفتح الباب أمام حقبة جديدة في مجال الهندسة الحيوية وبدائل البلاستيك.

لقد شكل الاعتماد الواسع على البلاستيك المشتق من النفط تحديًا مزدوجًا للعالم؛ فمن جهة، تتميز المواد البلاستيكية بالمتانة والوفرة وتعدد الاستخدامات، ومن جهة أخرى، تفرض أضرارًا بيئية واسعة النطاق بسبب عدم قابليتها للتحلل واعتماد إنتاجها على مصادر غير متجددة تتأثر بالاضطرابات السياسية والجغرافية.

ولهذا كان هناك سباق عالمي للعثور على بدائل بلاستيكية حيوية تكون قابلة للتحلل وأقل ضررًا بالبيئة. ولسوء الحظ، غالبًا ما تصطدم محاولات تطوير هذه البدائل بمشاكل تتعلق بمحدودية كميات الإنتاج، ونقاء المادة، مما يؤثر بشكل مباشر على الجدوى الاقتصادية مقارنة بالبلاستيك التقليدي، وهنا تبرز أهمية النتائج الحديثة لفريق جامعة كوبي.

وبالانتقال من التحديات إلى الحلول، يُضيء فريق البحث على سر تقدمهم المذهل: بدل التركيز التقليدي على جزيئات تتكون من الكربون والأكسجين والهيدروجين فقط، توجهوا إلى دمج النيتروجين في تركيبة المادة الجديدة من خلال مسارات التمثيل الغذائي البكتيري. وكل ذلك عبر عمليات حيوية دقيقة تتيح تجنب إنتاج مخلفات غير مرغوب فيها، مما يحقق نقاوة عالية للمركب النهائي PDCA. وأشارت نتائج البحث المنشور في مجلة "الهندسة الأيضية" إلى أن الفريق نجح في رفع مستويات إنتاج البلاستيك الحيوي الجديد داخل المفاعلات الحيوية إلى أكثر من سبعة أضعاف الأرقام القياسية السابقة.


رحلة طويلة لحل المشكلات وتحقيق الاستدامة

من المهم الإشارة إلى أن التوصل لهذا الإنجاز لم يكن طريقًا سهلاً، إذ واجه الفريق صعوبات معقدة خلال تطوير العملية الحيوية، أبرزها ظهور مركب فوق أكسيد الهيدروجين H2O2 الشديد التفاعل، كمنتج جانبي خلال التفاعل، ما تسبب بتعطيل الإنزيم المسؤول عن إنتاج PDCA.

لكن بفضل تعديلات ذكية على ظروف الزراعة، وبالأخص إضافة مادة كيميائية قادرة على التخلص من H2O2، نجح الباحثون في تجاوز هذه العقبة، رغم إدراكهم أن تطبيق هذه الطريقة على نطاق صناعي واسع قد يحمل تحديات اقتصادية جديدة يجب التعامل معها لاحقًا. وهذا يبرز كيف أن كل مشكلة تظهر في المختبر يمكن أن تفتح بابًا جديدًا للإبداع والتحسين، وهو ما يعد سمة أساسية في مسار الابتكارات المستدامة.

ذو صلة

هذا النجاح البحثي يعيد توجيه الأنظار إلى الإمكانات الهائلة التي تقدمها التكنولوجيا الحيوية في تصنيع المواد البيئية الصديقة للمناخ. فإنتاج مركبات بلاستيكية ذات خواص استثنائية مثل القوة والمرونة والتحمل والتوافق البيئي عبر البكتيريا يُحدث نقلة نوعية في قطاع المواد، ويفسح المجال أمام تطبيقات واسعة تمتد من التغليف إلى صناعة الأقمشة والمستلزمات المنزلية. وتكمن الأهمية القصوى في حقيقة أن PDCA يتحلل في الطبيعة، ما يقلل تراكم النفايات البلاستيكية ويدعم مفهوم الاقتصاد الدائري القائم على الاستخدام المستدام للموارد.

ختامًا، فإن التمويل السخي من مؤسسات بحثية يابانية معروفة ساعد الفريق على تجاوز عقبات البحث والتطوير، بينما تؤكد تصريحات الباحثين أن هذه الخطوة تمهد الطريق لابتكارات مقبلة قد توسع من مجال المركبات الحيوية المصنعة ميكروبيًا، مع تعزيز إمكانية إنتاجها بكميات كبيرة وبتكلفة تنافسية قريبًا. وهكذا يعزز هذا الإنجاز قناعة الخبراء بأن مستقبل البلاستيك قد يتغير بفضل حلول تجمع بين الذكاء العلمي والمسؤولية البيئية والشجاعة في خوض المغامرات البحثية الجديدة.

ذو صلة