ذكاء اصطناعي

في ذكرى النكبة.. موظف في مايكروسوفت يكشف بالصوت العالي: نحن متواطئون

في ذكرى النكبة.. موظف في مايكروسوفت يكشف بالصوت العالي: نحن متواطئون
مجد الشيخ
مجد الشيخ

3 د

قاطع مهندس في مايكروسوفت خطاب الرئيس التنفيذي في مؤتمر "Build" واحتج على استخدام Azure لدعم إسرائيل.

تقود حملة "No Azure for Apartheid" جهودًا مستمرة لوقف التعاون التقني بين مايكروسوفت والجيش الإسرائيلي.

تؤكد تقارير صحفية استخدام تقنيات Azure في عمليات الاستهداف العسكري الإسرائيلي، والشركة تنفي وجود أدلة.

تزامن الاحتجاج مع الذكرى الـ77 للنكبة، في وقت تتصاعد فيه المطالبات بوقف الدعم التقني للانتهاكات بحق المدنيين.

في مشهد غير مسبوق داخل أحد أهم مؤتمرات التقنية في العالم، اقتحم موظف في شركة مايكروسوفت كلمة الرئيس التنفيذي ساتيا ناديلا، أثناء خطابه في مؤتمر "Build 2025"، مطلقًا هتافات مناهضة لدور الشركة في دعم آلة الحرب الإسرائيلية عبر تقنياتها السحابية، وهو ما أثار صدمة داخل القاعة وأعاد تسليط الضوء على جدل متصاعد حول العلاقة بين شركات التكنولوجيا الكبرى والحرب على غزة.


"كيف تُظهرون للعالم أن مايكروسوفت تقتل الفلسطينيين؟"

المهندس جو لوبيز، الذي يعمل على برمجيات أجهزة Azure السحابية، صعد من بين الحضور وصرخ موجهًا حديثه مباشرة إلى ناديلا:


"ساتيا، لمَ لا تُظهر كيف أن مايكروسوفت تقتل الفلسطينيين؟ لمَ لا تُظهر كيف أن جرائم الحرب الإسرائيلية مدعومة من Azure؟"

الحرس الأمني لم يتأخر في التدخل، وتم إخراج لوبيز من القاعة فورًا، لكن الحدث لم يتوقف عند هذا الحد، إذ قام لاحقًا بتوجيه رسالة إلكترونية إلى جميع موظفي مايكروسوفت، شرح فيها دوافع احتجاجه، ونشرها أيضًا على منصة Medium، قال فيها:


"بصفتها من أكبر الشركات في العالم، تمتلك مايكروسوفت سلطة لا تُقدّر بثمن لفعل الصواب: إما المطالبة بإنهاء هذه المأساة العبثية، أو وقف دعمها التكنولوجي لإسرائيل."

وأضاف لوبيز محذرًا:


"إذا استمرّ القادة في تجاهل هذا المطلب، فإن العالم لن يسكت. المقاطعات ستزداد، وصورتنا العامة ستنهار أكثر فأكثر."


حملة "لا لـ Azure من أجل الفصل العنصري"

الاحتجاج الفردي الذي قاده لوبيز لم يكن مفاجئًا داخل أروقة مايكروسوفت، إذ يقود عدد من الموظفين منذ عام كامل حملة احتجاجية تحت اسم "No Azure for Apartheid" (لا لـ Azure من أجل الفصل العنصري)، وهي مجموعة عمالية تطوعية تدعو الشركة إلى إنهاء عقودها مع الجيش الإسرائيلي، خاصة في مجال الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي.

وتشير تسريبات صحفية إلى أن تكنولوجيا Azure تُستخدم فعليًا من قبل وحدة "أوفِك" التابعة لسلاح الجو الإسرائيلي، وهي المسؤولة عن إدارة قواعد بيانات الأهداف المستخدمة في الضربات الجوية، كما أكدت تقارير لموقع +972 Magazine أن لمايكروسوفت حضورًا تقنيًا واسعًا داخل البنية التحتية العسكرية الإسرائيلية.


احتجاجات متكررة وعمليات فصل تعسفي

احتجاج لوبيز لم يكن الأول داخل الشركة. ففي أبريل الماضي، اقتحمت موظفتان هما ابتِهال أبو سعد وفانيا أغراوال فعالية لمايكروسوفت خاصة بالذكاء الاصطناعي، ووصفتا رئيس قطاع الذكاء الاصطناعي مصطفى سليمان بـ"تاجر الحرب". وتم فصلهما بعد الحادث مباشرة.

لكن حتى لحظة كتابة الخبر، لم تؤكد الشركة إن كانت قد اتخذت إجراءً تأديبيًا بحق لوبيز، وسط تكهنات بإمكانية اتخاذ خطوات مماثلة.


تقارير متضاربة بشأن استخدام تكنولوجيا Azure في الحرب

مايكروسوفت، من جانبها، نفت في بيان سابق أن تكون تقنياتها قد استُخدمت للإضرار بأي أشخاص، مشيرة إلى أن تحقيقًا خارجيًا لم يجد "أي دليل" على إساءة استخدام خدماتها. لكن مجموعة "Noaa" رفضت هذا التبرير، مؤكدة أن الوقائع على الأرض تشير إلى عكس ذلك.

وقال لوبيز في رسالته:


"الإدارة تنكر أن تكنولوجيا Azure تُستخدم لاستهداف المدنيين في غزة. ولكننا نحن الذين نتابع ما يحدث نعرف أن هذا كذب صريح. لسنا بحاجة إلى تدقيق داخلي لمعرفة أن أحد أهم عملاء Azure يرتكب جرائم ضد الإنسانية – نحن نراها على الإنترنت كل يوم."


الذكرى الـ77 للنكبة وظلال التاريخ

الاحتجاج الذي قاده لوبيز جاء بعد أيام قليلة من إحياء الفلسطينيين الذكرى الـ77 للنكبة، الحدث التاريخي الذي شهد تهجير أكثر من 750 ألف فلسطيني قسرًا عام 1948. وقد أشار أحد منظّمي الحملة في رسالة داخلية إلى أن ما نشهده اليوم في غزة "هو تكرار للنكبة ولكن على نطاق أكبر، وبفضل أدوات مايكروسوفت التكنولوجية."


أزمة قيم أم أزمة عقود؟

ذو صلة

الاحتجاجات داخل مايكروسوفت، وكذلك داخل شركات أخرى مثل غوغل، التي شهدت احتجاجات مشابهة العام الماضي، تشير إلى أزمة قيم داخل كبرى شركات التكنولوجيا، حيث يجد العديد من المهندسين والموظفين أنفسهم مشاركين، دون رغبة، في مشاريع ذات أبعاد عسكرية أو سياسية مثيرة للجدل.

ورغم أن مايكروسوفت تصرّ على التزامها بأخلاقيات التقنية، فإن تصاعد أصوات الاحتجاج من داخلها يشير إلى أن مسألة العقود العسكرية قد تصل إلى نقطة انفجار، خاصة في ظل الضغط المتزايد من الجمهور والمجتمع المدني.

ذو صلة