كأنه خرج من الأمس… مخلوق عمره 183 مليون عام يُحفظ بجلده!

2 د
اكتشاف حفرية بحرية قديمة في ألمانيا محفوظة بشكل مذهل يعود للعصر الجوراسي.
اكتشف الباحثون الأنسجة الرخوة والجلد والحراشف، مما يوفر دراسة تفصيلية.
يطلق العلماء على الكائن المُكتشف اسم "بليزيوبيتيريس ويلدي".
يكشف التحليل تكيف المخلوق للسباحة والصيد بمرونة وسرعة.
يعزز الكشف فهم تطور الزواحف البحرية ويقدم نافذة على بيئة العصور القديمة.
تخيّل معي لو استطعت رؤية حيوانٍ بحري يعود لعهد الديناصورات قبل نحو 183 مليون عام وهو بحالة شبه مثالية! الخبر قد يبدو غير معقول، لكنه بالفعل اكتشاف مذهل تحقق مؤخراً في ألمانيا، أعاد رسم تصورنا حول كائنات عاشت قديماً في بحار كوكبنا.
فقد أعلن باحثون من جامعة لوند في دراسة علمية نُشرت بمجلة "كارنت بيولوجي"، أن الحفرية المكتشفة تنتمي إلى كائن بحري قديم أطلق عليه العلماء اسم "بليزيوبيتيريس ويلدي" (Plesiopterys wildi). لم تكن هذه الحفرية مميزة فقط لعمرها السحيق، بل كانت استثنائية أيضاً بالحفاظ التام على الأنسجة الرخوة مثل الجلد، والحراشف، وهي عناصر نادراً ما تظل محفوظة عبر حقبات زمنية طويلة كهذه.
هذا الاكتشاف الضخم تم في جنوب ألمانيا، وهي منطقة شهيرة بحفرياتها البحرية المتنوعة. يقول العلماء أن الحفاظ على الجسم بهذه الجودة، أدى إلى فتح نافذة واسعة على فهمنا لتطور الزواحف البحرية في العصر الجوراسي، وهي حقبة زمنية سيطرت فيها كائنات عملاقة ومميزة على حياة المحيطات، في ذاته كشف قد يغير الكثير من قناعاتنا العلمية السابقة.
ومن الأمور التي أثارت اهتمام الفريق العلمي الدولي هو مدى وضوح تفاصيل الجلد والحراشف عند هذا المخلوق، مما دفع الباحثين إلى دراسة بنية جسده بشكل دقيق، ومساعدتهم في التوصل إلى استنتاجات جوهرية حول بيئة الحياة البحرية في العصور القديمة، وآليات تكيف هذه الكائنات مع السباحة والصيد في أعماق المحيطات القديمة.
فحسب الدراسة، يُعتقد أن المخلوق كان يعتمد على السرعة والمرونة في السباحة والاصطياد، وهذا يشير بوضوح إلى وجود نظام بيئي مزدهر ومعقد في البحار القديمة. إن مثل هذه الأحافير ذات التفاصيل الدقيقة لا تحدث كثيراً، لذلك فإن هذا الكشف يفتح فرصاً كبيرة لفهم تطور الكائنات البحرية خلال عصر الديناصورات بشكل أعمق.
في نهاية المطاف، ما يجعل هذا الاكتشاف عظيماً بالفعل هو قدرته على المساهمة في رسم خريطة أوضح لتاريخ الحياة على كوكب الأرض. باكتشاف الحفريات الفريدة من نوعها مثل هذه، نحن أقرب إلى فهم أدق لكيفية تطور الحياة وأساليب البقاء المذهلة التي تبنّتها الكائنات القديمة لتتكيّف وتسيطر على محيطاتها. ربما لو وظفنا كلمة "كشف" بدل "اكتشاف" في بعض المواضع، ستكون قوة العبارة أقوى وأوضح. لكن الأهم في كل الأحوال هو إدراك مدى أهمية مثل هذه الحفريات المدهشة التي تأخذنا برحلة شيقة نحو الماضي البعيد.