ذكاء اصطناعي

كواكب لا تصلح للحياة… تتحول إلى وجهات خيالية للسياحة في حملة ناسا

محمد كمال
محمد كمال

3 د

وكالة ناسا تقدم الكواكب كوجهات سياحية خيالية عبر ملصقات فنية.

المفهوم بدأ عام 2015 باسم "مكتب سفر الكواكب الخارجية".

تستخدم ناسا الفن لإبراز جمال الكواكب وتخيلها كوجهات سياحية حالمة.

الفن والعلم معًا يعززان الاهتمام بالكواكب البعيدة ويشجعان الخيال العلمي.

هل تمنيت يومًا السفر إلى الكواكب البعيدة؟ ناسا قررت أن تجعل من ذلك خيالًا ملموسًا، بإعادة تصور الكواكب الخارجية غير الصالحة للحياة وكأنها أماكن سياحية تستحق الزيارة. بهذه الفكرة المبدعة، نجحت وكالة الفضاء الأمريكية في إشعال حماسة الملايين حول العالم، ليس فقط بعلم الفلك، بل بقوة الخيال أيضًا.

الموضوع بدأ في عام 2015، حين أطلقت ناسا فكرتها الثورية بعنوان "مكتب سفر الكواكب الخارجية". وفي الوقت الذي تملأ صور تلسكوب هابل الفضاء بسحره، يظل معظم الكواكب التي تدور حول نجوم بعيدة غامضة للعين البشرية، ولا نستطيع رؤيتها إلا كنقاط باهتة وسط العتمة. باحثة الإعلام العلمي سيريـدوين دوفي أوضحت أن هذه الكواكب تأتي دائمًا في صورة غير جاذبة: "ما نملكه عادة مجرد نقطة باهتة حول شمس، أو بيانات رقمية يصعب تخيلها كعالم حي".

وهنا بدأت ناسا رحلة التحول من الجفاف العلمي إلى رواية القصص التي تلمس الأحاسيس. من خلال ملصقات فنية مستوحاة من تصاميم ثلاثينات القرن الماضي التي روجت للحدائق الوطنية الأمريكية، قدمت ملصقات تصور الكواكب الخارجية كأنها وجهات اصطياف خرافية. مثلاً، تخيلوا كوكب "كبلر 16-بي" الغازي، والذي يدور حول شمسين، حيث لا يرافقك إلا ظلك المزدوج! أما كوكب "بي إس أو 318.5-22" المنعزل والجوال في الفضاء فلا يعرف طعم الفجر، فجعلوه قبلة لعشاق السهر: "حيث الليل لا ينتهي أبدًا". هذه الأمثلة لم تكن مجرد ألعاب فنية، بل موجة اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي وتصدّرت محركات البحث وألهمت المئات لصنع نسخهم الخاصة.

الربط بين الفن والعلم أعطى للحملات تميزًا استثنائيًا، فعوضًا عن لغة الأرقام الصماء، انتقل الجمهور من منطق "كم يبعد عنا الكوكب؟" إلى "ماذا لو سافرنا إليه حقًا؟". وبقيادة المصمم البصري جوبي هاريس وفريقه، استطاعت ناسا تجاوز الصورة النمطية عن الكواكب غير المؤهلة للحياة، وإضفاء جاذبية فريدة مع الحفاظ التام على الحقائق العلمية. كانت هناك جلسات نقاش مستمرة تجمع الفنانين بالعلماء لخلق توازن بين الخيال المنعش والدقة العلمية.

من هنا، بدأت الأفكار تتقاطع، حيث لاحظت دوفي أن حتى العلماء يعتمدون على مخيلتهم في ترجمة البيانات الجافة إلى تصورات عقلية مقروءة. إدخال الفن لم يكن مجرد تزيين بل وسع باب التأمل والتساؤل، وساعد فرق البحث على إعادة التفكير في طريقة عرضهم للنتائج. وتصر دوفي على أن الفرق متعددة التخصصات قادرة على تحسين تصميم البعثات العلمية، ليس فقط في الحاضر، بل في أي مشروع فضائي مستقبلي.

ذو صلة

ومع تزايد الإبداعات بين ملصقات رحلات الفضاء الإفتراضية والكتب التلوينية التفاعلية، جعلت ناسا من علم الكواكب الخارجية موضوعًا شعبيًا يصلح للنقاش مع الطفل كما مع العالِم. القصص والصور حولت المستحيل إلى حلم قريب؛ وجعلت حتى علماء الفلك الأكثر تحفظًا يقيمون وزناً لأهمية الإبداع البشري في التواصل العلمي.

في النهاية، يتضح أن رسم صورة خيالية واقعية للكواكب الغامضة، قد يكون بنفس قيمة اكتشافها نفسه. لقد جسدت ناسا مثالًا على أن الابتكار البصري ليس مجرد مكمل في مجال الفضاء، بل قد يكون المفتاح لجذب أجيال جديدة من المستكشفين وعشاق الفلك، وربما يفتح بابًا جديدًا أمام فهمنا لهذا الكون الشاسع.

ذو صلة