ذكاء اصطناعي

مشهد سينمائي على الكوكب الأحمر: مسبار ناسا يوثق إعصارًا ترابيًا عملاقًا يبتلع آخر في لحظات درامية!

مشهد سينمائي على الكوكب الأحمر: مسبار ناسا يوثق إعصارًا ترابيًا عملاقًا يبتلع آخر في لحظات درامية!
مجد الشيخ
مجد الشيخ

3 د

التقط مسبار ناسا "بيرسيفيرانس" مشهدًا لإعصار ترابي يبتلع آخر على سطح المريخ.

وصفت الظاهرة بأنها نادرة ودرامية، حيث ابتلع إعصار كبير آخر صغيرًا.

تساهم الأعاصير الترابية في فهم المناخ والغلاف الجوي للمريخ.

يحقق مسبار "بيرسيفيرانس" خطوات متقدمة في دراسة حالات الأعاصير على المريخ.

في مشهد استثنائي ونادر، التقط مسبار ناسا "بيرسيفيرانس" المتواجد على سطح كوكب المريخ مشهداً يُشبه إلى حدٍ كبير مشاهد الحركة التي قد نشاهدها في الأفلام: إعصار ترابي عملاق يبتلع إعصارًا آخر أصغر منه على الكوكب الأحمر.


حدث استثنائي على المريخ

في 25 يناير الماضي - والذي يمثل اليوم رقم 1399 من مهمة المسبار على المريخ - تمكنت كاميرات "بيرسيفيرانس" التابعة لوكالة ناسا من التقاط صور وفيديو لإعصارين ترابيين، أحدهما كبير والآخر أصغر، يقتربان من بعضهما بشكل تدريجي. وقد تم تصوير هذه اللقطات من مسافة تُقدر بحوالي كيلومتر واحد فقط، مما يجعل المشهد واضحًا ومميزا بشكل غير مسبوق.


اندماج العواصف الترابية.. من يلتهم من؟

في هذه اللقطات المثيرة، ظهر إعصار صغير قطره لا يتجاوز 5 أمتار وهو يتحرك مقترباً ببطء من الإعصار الأكبر منه، الذي يبلغ عرضه حوالي 65 مترًا. وفي مشهد درامي، بدا الأكبر وكأنه يبتلع نظيره الصغير بمجرد اقترابه منه، ما دفع العلماء لتشبيهه بحالة من "الكانبيالية الفضائية" – أي قيام كائن أكبر باستهلاك كائن أصغر من نفس النوع.

العالم "مارك ليمون"، الباحث الرئيسي في مهمة "بيرسيفيرانس" في معهد أبحاث الفضاء بمدينة بولدر الأمريكية، علق على المشهد قائلاً:


"هذه الزوابع الترابية أو ما تُعرف بـ «Dust Devils» هي ظاهرة متكررة في الغلاف الجوي للمريخ، ولكن مشاهدة إعصار ضخم يندمج مع إعصار أصغر هي حالة نادرة الحدوث ومثيرة للغاية"


رحلة قصيرة لإعصار عنيف

والجميل في الأمر، أنه وبالرغم من هذا المشهد العنيف، إلا أن هذه الظواهر قصيرة العمر. ويطمئن ليمون الجمهور، بشيء من المزاح المُريح، أنه "إذا كنت تشعر بقليل من الشفقة تجاه الإعصار الأصغر الذي تم ابتلاعه، فإن الأب الأكبر بدوره غالبًا لم يستمر سوى بضع دقائق إضافية". ويُذكر أن مثل هذه الأعاصير الترابية على المريخ نادرًا ما تدوم أكثر من عشر دقائق على الأكثر.


كيف تتشكل هذه الأعاصير؟

لفهم هذه الظاهرة بشكل أفضل، دعونا نتخيل المشهد بطريقة بسيطة: سطح المريخ تتعرض تربته لحرارة الشمس، مما يتسبب في ارتفاع الهواء الدافئ بسرعة إلى الأعلى، ليأتي بسرعة هواء أبرد من المحيط ليأخذ مكانه، ولأنه في دورة مستمرة، يأخذ هذا الهواء بالدوران بسرعة متزايدة، كما يفعل متزلج الجليد الذي يدور حول نفسه بسرعة أكبر كلما ضمّ ذراعيه إلى جسده.

وهكذا، يجذب الهواء الحامل للغبار مكونًا ما نطلق عليه "إعصارًا ترابيًا". وهي ظاهرة نعرفها جيداً على كوكبنا حتى على نطاق أصغر.


أهمية رصد الأعاصير الترابية في دراسة طقس المريخ

من جانبها، ترى الباحثة كاتي ستاك مورغان، إحدى المشرفين العلميين على المسبار في مختبر الدفع النفاث بوكالة ناسا في كاليفورنيا، أن الأعاصير الترابية ليست مجرد ظاهرة مثيرة للدهشة فحسب، بل هي "ذات أهمية بالغة في فهم طبيعة المناخ والغلاف الجوي للمريخ"، وفقًا لما نشرته ناسا عبر موقعها الرسمي.

وأوضحت مورغان بأن هذه الأعاصير تساهم في نشر حوالي نصف كميات الغبار الموجودة في الجو المريخي، كما أن رصدها وتتبع مساراتها واتجاهاتها يساعد العلماء في استخلاص معلومات مهمة حول طبيعة الرياح وقوتها وكيفية هبوبها على سطح الكوكب الأحمر.


ناسا ومشاهد غير مسبوقة لطقس المريخ

وبالرغم من أن المركبات المدارية لناسا، مثل "فايكينغ" في سبعينيات القرن الماضي، كانت أول من التقط صورًا للأعاصير الترابية من مدار المريخ، إلا أن مسبار "بيرسيفيرانس" أحدث نقلة نوعية في مجال دراسة هذه الظاهرة، حيث تمكن من التقاط مجموعة من أفضل وأوضح الفيديوهات لهذه الأعاصير، من ضمنها سرب من حوالي اثني عشر إعصاراً ترابيًا صغيراً عام 2021.

ذو صلة

كما نجح المسبار في تسجيل صوت لإعصار ترابي مريخي لأول مرة في سبتمبر من نفس العام، مما ساعد العلماء على دراسة الظاهرة بشكل أكثر عمقًا.

وبفضل هذا النوع من الدراسات والمراقبة الدقيقة، سنتمكن بلا شك من فهم أكبر لكوكب المريخ، وربما يومًا ما يصبح السفر إليه أكثر واقعية مما كنا نتخيل. من يدري؟ المستقبل قد يكون أقرب مما نظن!

ذو صلة