كويكب؟ لا، إنها سيارة إيلون ماسك تتجول في الفضاء 😅

3 د
أعلن مركز الكواكب الصغيرة في يناير 2024 عن اكتشاف الجسم "2018 CN41".
تبين أن هذا الجسم هو سيارة تسلا التي أطلقها إيلون ماسك في 2018.
أكملت السيارة أكثر من أربع دورات ونصف حول الشمس.
تحدث أخطاء مماثلة عند رصد مركبات فضائية كالأقمار الصناعية المقبلة.
تشدد الأوساط العلمية على أهمية الشفافية والوعي الظرفي بالفضاء لتجنب اللبس.
طوال عقود، حدق البشر إلى الفضاء بفضول وترقب، كثيراً ما سحرتهم أسرار النجوم والكواكب البعيدة. لكن المفاجأة الجديدة جاءت من كائن فضائي مختلف هذه المرة— ليس مذنباً أو نجماً، بل شيئاً من صنع الإنسان تبين أن له قصة مثيرة للانتباه.
قبل أيام قليلة فقط، في الثاني من يناير 2024، أعلن مركز الكواكب الصغيرة التابع للاتحاد الفلكي الدولي عن اكتشاف جسم جديد اعتبر في البداية كويكباً يمر قريباً من الأرض، وأطلق عليه رسمياً الاسم "2018 CN41". الاكتشاف جاء بجهد هاوٍ فلكي في تركيا كان يعمل على تحليل البيانات المتاحة للجمهور. فرحة الاكتشاف هذه لم تدم طويلاً، حيث تبين بعد أقل من يوم أن هذا الكائن هو— صدق أو لا تصدق— سيارة تسلا الشهيرة التي أطلقها إيلون ماسك في عام 2018 عبر الصاروخ العملاق "فالكون هيفي" من شركة سبيس إكس.
قد تتساءل، كيف وصلت سيارة رياضية حمراء اللون للفضاء الخارجي؟ للإجابة على ذلك، لا بدّ أن تعود معنا قليلاً للوراء. في السادس من فبراير عام 2018، قرر ماسك اختبار قدرات صاروخه الجديد القادر على حمل شحنات ثقيلة إلى مدارات بعيدة. وبدلاً من تحميل الصاروخ بحمولة تقليدية مثل الأقمار الصناعية، حمل معه سيارة تسلا رودستر حمراء أنيقة يقودها مجسماً دمية في زي قائد فضاء أطلق عليه اسم "ستارمان". الهدف كان إضافة لمسة من المرح والابتكار للاختبار الأول للصاروخ، الذي انطلق من دون أخطاء تذكر، لكن السيارة تخطت مدار المريخ المتوقع وانطلقت لمدار مستقر حول الشمس.
اليوم وبعد مرور سنوات عديدة، أكملت هذه السيارة الغريبة أكثر من أربع دورات ونصف حول شمسنا بسرعة خيالية تقدّر بـ 72 ألف كلم/ساعة. وبالطبع، تفاجأت الأوساط العلمية تماماً عندما اكتشفت أن هذا الجسم، الذي اعتُقد أنه كويكب يهددنا أو على الأقل يلفتنا، هو نفسه سيارة ماسك الشهيرة التي تجاوزت ضمانها الأصلي (58 ألف كلم) بقفزة مليونية مدهشة بنحو 100 ألف ضعف المسافة الأصلية.
هذا الالتباس ليس غريباً بحد ذاته، فالخبراء يؤكدون أن مثل هذه الأخطاء أصبحت أكثر شيوعاً مما نتوقع. فمراكز رصد الأجسام السماوية رصدت سابقاً مركبات فضائية كبعثة وكالة الفضاء الأوروبية "روزيتا"، وحتى المركبة لوسي التابعة لناسا، باعتبارها في البدء صخوراً فضائية قبل أن يتم تصحيح الخطأ لاحقاً.
وبحسب عالم الفلك الشهير جوناثان مكدويل من مركز هارفارد-سميثسونيان للفيزياء الفلكية، ينبّه الخبراء إلى أن مثل هذا اللبس قد يتسبب في أخطاء كارثية في المستقبل، كأن تتكلف وكالات الفضاء مبالغ طائلة لإطلاق مجسات لدراسة ما قد يظنونه كويكبات، قبل أن يكتشفوا في الحقيقة أنها أجسام صناعية من صنع بشر.
هذا يرتبط بشكل واضح مع قضية أوسع أثارت قلق العلماء مؤخراً، وهي مسألة الوعي الظرفي بالفضاء— بمعنى توفير معلومات دقيقة وموثوقة عن أماكن الأجسام الصناعية والطبيعية وتفعيل نظام شفاف ودقيق لمتابعتها. مؤخراً أصدر مجتمع الفلك الأمريكي بياناً يشدد فيه على ضرورة تعزيز الشفافية حول الأنشطة في الفضاء السحيق، لتجنب الوقوع في خطأ الخلط بين الأجسام البشرية وبين الأجسام الفضائية الطبيعية التي تحتاج إلى دراسات دقيقة ومعمقة.
وإذ تأخذ هذه الحادثة أبعاداً جديدة، فإنها تكشف لنا أهمية إيجاد حلول لضمان تفادي مثل هذه الأخطاء في المستقبل. لذا ربما نحتاج إلى رفع معايير الشفافية، وتحسين آليات التتبع، وتشديد قواعد الرصد الفضائي لتلافي وقوع الحوادث المكلفة أو الالتباسات الخطيرة.
وفي المرة القادمة التي يُعلن فيها عن اكتشاف كويكب جديد، ربما قد تتحقق بنفسك مرة أخرى قبل إطلاق المجسات الفضائية، فلعله يكون ببساطة واحداً من الأمور المثيرة مثل سيارة حمراء ضلت طريقها في أنحاء مجموعتنا الشمسية الشاسعة.