هجوم سيبراني متطور يستهدف مستخدمي آيفون عبر واتساب: تحذيرات عاجلة وتدابير ضرورية

3 د
أصدرت واتساب تحذيرًا لمستخدمي آيفون بشأن ثغرة أمنية خطيرة.
تستغل الهجوم التقنيات "zero-click" التي لا تتطلب تفاعل المستخدم.
استهدفت الهجمات ناشطين وأشخاصًا عاليي الخطورة رقمياً.
ينصح بتحديث التطبيق وإعادة ضبط المصنع لتعزيز الأمن.
الهجمات تستخدم الهندسة الاجتماعية وتستهدف الكشف عن المعلومات الحساسة.
في تطور يقلق مستخدمي الهواتف الذكية حول العالم، أطلقت شركة واتساب، المملوكة لشركة ميتا، تحذيرًا حازمًا لمستخدمي آيفون بشأن ثغرة أمنية خطيرة جرى استغلالها ضمن هجوم سيبراني “شديد التعقيد” على فئة محددة من الأفراد. الخبراء يؤكدون: تحديث التطبيق ونظام التشغيل ضرورة قصوى لحماية بياناتك من برمجيات خبيثة تهدد الخصوصية والأمان الرقمي.
منذ ثلاثة أشهر تقريبًا، رُصدت حملة اختراق إلكتروني متقدمة استهدفت العشرات من مالكي أجهزة آيفون، حيث استفاد القراصنة من ثغرة باسم CVE-2025-55177 في تطبيق واتساب، بالتوازي مع أخرى في أنظمة تشغيل آبل (iOS و macOS)، لشن هجوم غير تقليدي يُعرف بـ"zero-click".
ببساطة، هذا النوع من الهجمات لا يتطلب أي تفاعل من الضحية مع الرابط أو الرسالة المعدة؛ فاختراق الجهاز قد يحدث فور تلقي رسالة تحمل شفرة خبيثة دون أن يفتحها المستخدم أو ينقر على أي رابط. وهذا أخطر بكثير من معظم هجمات التصيد التقليدية التي تستدعي منك الضغط أو الرد. وهنا يتضح مدى براعة الهجوم الجديد، لأنه يستثمر ثغرات عميقة تمكن المخترقين من الوصول للرسائل والمحادثات والملفات الخاصة بسرية تامة.
أما عن الجهات المستهدفة، فقد أظهرت تقارير مؤسسة العفو الدولية وبيانات من باحثين أمنيين أن الهجوم وصل إلى ناشطين في المجتمع المدني وأشخاص صنفوا بأنهم عاليي الخطورة رقمياً. المدهش أن التحذيرات شملت أيضًا مستخدمي أجهزة أندرويد في بعض الحالات، على الرغم من أن بيان واتساب الرسمي ركّز بالدرجة الأولى على أجهزة آيفون وماك، ما وسّع من دائرة القلق بين مستخدمي الهواتف الذكية.
ويؤكد الخبراء أن مثل هذه الهجمات جاءت مدعومة باستغلال ثغرات “غير مرئية” وبرمجيات تجسس متطورة للغاية يصعب كشفها بالطرق التقليدية. وهذا نموذج واضح على الطفرة الحالية في الهجمات السيبرانية التي باتت تستهدف الأفراد مباشرة، وليس المؤسسات فقط، وأسهمت في رفع حالة الطوارئ لدى شركات الأمن الرقمي حول العالم.
تدابير عاجلة وتوصيات للمستخدمين
استشعارًا لخطورة الموقف، أرسلت واتساب رسائل تحذيرية للمستخدمين المعنيين توضح أن أجهزتهم ربما تعرضت لهجوم رقمي، وتنصحهم باتخاذ تدابير فورية، تشمل تحديث التطبيق على الفور إلى الإصدار الأخير (2.25.21.73 على iOS أو 2.25.21.78 على Mac) كخط دفاع أول. بالإضافة لذلك، نصح المختصون بإجراء “إعادة ضبط المصنع” للجهاز لحذف أي آثار مخفية للبرمجيات الخبيثة، وتنشيط وضع “قفل التطبيقات” في أجهزة أبل أو تفعيل “الحماية المتقدمة” في أجهزة أندرويد لتعزيز حماية النظام من الهجمات المحتملة. تأتي هذه الإجراءات ضمن سلسلة من الممارسات التي أصبحت ضرورة في عالم أصبحت فيه التهديدات الرقمية واقعاً يومياً.
وهذا يتناسب تمامًا مع التزايد المستمر في وتيرة الجرائم السيبرانية عالميًا، فالأشهر الأخيرة شهدت أيضاً تحذيرات من مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (FBI) بشأن هجمات قراصنة منظمين، مثل مجموعة Scattered Spider التي طالت أنظمة شركات طيران ومؤسسات تجارية كبرى عبر أساليب الهندسة الاجتماعية وخداع مراكز الدعم التقني بهدف اختراق الأنظمة الداخلية.
فهم “الهندسة الاجتماعية” وخطورتها
من المهم أن يدرك القارئ أن الهجمات الحديثة لا تعتمد فقط على ثغرات البرمجيات، بل وأيضاً على تقنيات الهندسة الاجتماعية، وهي فن التلاعب بعنصر الثقة عبر انتحال هوية موظفين أو أفراد معروفين لإقناع المستخدم أو الموظف بالكشف عن معلومات حساسة تمنح المهاجمين وصولاً مباشراً للأنظمة. هذا الأسلوب يستهدف أحياناً حتى متقدمي الوعي الرقمي، خاصة مع زيادة احترافية المخترقين واستعمالهم للغة مقنعة ورسائل تبدو واقعية جداً.
وإذا ربطنا بين هذه التطورات وبين التحذيرات الراهنة من واتساب، نجد أن حماية البيانات الشخصية لم تعد مسؤولية الشركات فقط، بل تقع أيضاً على عاتق كل مستخدم أن يتبع أحدث الإرشادات، ويتجنب فتح الروابط غير المعروفة أو الاستجابة لأي طلبات مشبوهة في الرسائل، حتى لو كان المرسل من جهات مألوفة.
ختامًا، يأتي هذا التحذير كمؤشر جديد على أن عالم التقنية بات ساحة معركة مفتوحة تتغير أدواتها باستمرار. سرعة الاستجابة وتحديث البرامج والحرص على تبني الحماية المتقدمة لم تعد رفاهية، بل ضرورة قصوى في مواجهة مخاطر القرصنة والهجمات الرقمية المتزايدة. احرص عزيزي القارئ على تحديث جميع تطبيقاتك ونظام تشغيل جهازك بانتظام، وابقَ متيقظًا لأي إشعار أمني، فالدقيقة قد تصنع الفارق أحيانًا بين الأمان والاختراق.