إيلون ماسك سخر من شخص كفيف على X.. ثم بدأ الهجوم الجماعي

4 د
قام إيلون ماسك بالسخرية من مسؤول كفيف عبر تغريدة، مما أدى إلى حملة تنمر إلكتروني ضده.
يمتلك ماسك نفوذاً غير مسبوق على منصة "X"، مما يسمح له بتأجيج الهجمات على منتقديه.
تزايدت المخاوف من استغلاله نفوذه المزدوج كمالك لـ "X" ومسؤول حكومي.
يحذر الخبراء من أن ممارسات ماسك قد تؤدي إلى تكميم الأفواه وتقويض حرية التعبير.
في تصعيد جديد للجدل الذي يحيط بإيلون ماسك، قام الملياردير الشهير باستخدام نفوذه الواسع على منصة "X" للسخرية من ديلان هيدتلر-غوديت، وهو موظف في منظمة رقابية غير حزبية تُعنى بمراقبة الهدر الحكومي، والذي تصادف أنه كفيف.
بدأت الواقعة عندما أدلى هيدتلر-غوديت بشهادته أمام الكونغرس الأميركي الأسبوع الماضي، حيث وجه انتقادات إلى خدمة "DOGE" التي يديرها ماسك تحت مظلة الحكومة الأميركية. ورد ماسك بسلوك وصفه هيدتلر-غوديت بأنه "طفولي ويمثل نوعاً من التعصب الصريح".
ماسك يشعل الهجوم بتغريدة ساخرة
أعاد ماسك نشر تغريدة على "X" تشير إلى أن "المدير الكفيف لمجموعة رقابية ممولة من جورج سوروس يشهد بعدم وجود أدلة على هدر حكومي واسع النطاق"، مرفقاً التغريدة بأيقونتين ضاحكتين. لم تتوقف الأمور عند هذا الحد، فقد اجتذبت التغريدة أكثر من 21 مليون مشاهدة، وأدت إلى سيل من التعليقات الساخرة والمسيئة لحساب هيدتلر-غوديت.
كان من بين تلك التعليقات تعليق ينص على: "لم يستطع رؤية أي شيء... عذر مثالي لعدم أداء وظيفته"، بينما كتب آخر: "هذا المدير الكفيف لا يستطيع رؤية الفساد... لا يمكنك اختلاق هذا الهراء".
وحتى أن أحد المستخدمين دعا إلى نشر تفاصيل الحسابات المصرفية لهيدتلر-غوديت، في خطوة اعتُبرت تصعيداً خطيراً من قبل مؤيدي ماسك.
نفوذ ماسك الرقمي.. سلاح ذو حدين
تعكس هذه الحادثة كيف أصبح ماسك قادراً على شن حملات انتقاد قاسية ضد الأفراد الذين ينتقدون سياساته، مستخدماً نفوذه الرقمي الضخم على منصة "X". فبتغريدة واحدة فقط، يستطيع ماسك توجيه عشرات الآلاف من المستخدمين نحو هجوم منظم ضد شخص معين.
ويُذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها ماسك منصته للتأثير على النقاشات السياسية والإعلامية. فقد سبق له أن روج لمزاعم لا أساس لها ضد قاضٍ فيدرالي، ونشر أسماء موظفين حكوميين مع التشكيك في أدوارهم، مما أدى إلى مطالبات بإقالتهم.
خبراء: الوضع غير مسبوق وخطير
يرى خبراء في حقوق الإنترنت أن هذا التفاعل غير المتوازن بين ماسك ومنتقديه يخلق حالة فريدة من الترهيب الرقمي، خاصة أن ماسك ليس فقط رجل أعمال يمتلك منصة تواصل اجتماعي، بل أيضاً مسؤول حكومي لديه صلاحيات على البيانات الحساسة.
قال رايان كالو، أستاذ القانون بجامعة واشنطن:
"الناس في الولايات المتحدة لم يعودوا يشعرون بالأمان عند انتقاد الحكومة، لأن شخصيات مثل ماسك وحتى الرئيس الأميركي نفسه قد يستخدمون سلطتهم لتأجيج حملات انتقامية"
أما هيدتلر-غوديت، فقد وصف سلوك ماسك قائلاً:
"إنه شخص صغير على الرغم من كل نفوذه الكبير"
سجل ماسك في المضايقات الرقمية
يعود تاريخ استخدام ماسك لحسابه لمهاجمة الأفراد إلى ما قبل امتلاكه لمنصة "X". ففي عام 2018، سخر من الصحفية إيرين بيبا بعد أن كتبت مقالاً عن هجومه على العلماء والصحفيين، مما دفع العديد من متابعيه لمضايقتها برسائل ذات طابع جنسي مسيء.
ومنذ استحواذه على تويتر في 2022 وإعادة تسميته إلى "X"، أجرى ماسك تغييرات جوهرية على سياسات الإشراف، بما في ذلك تقليص فريق الثقة والأمان واستبدال التحقق من الحقائق المحترفة بآلية "الملاحظات المجتمعية".
تزايد المخاوف من تأثير ماسك
مع ارتفاع عدد متابعيه إلى 217 مليون شخص، يتمتع ماسك الآن بأكبر منصة تأثير رقمي في السياسة الأميركية، حيث تروج خوارزميات "X" لمنشوراته بشكل واسع، مما يزيد من تداعيات أي تعليق يدلي به.
ووفقاً لخبراء مثل جوان دونوفان، الأستاذة المساعدة في كلية الصحافة بجامعة بوسطن، فإن تغريدات ماسك "ليست سوى شرارة"، تؤدي إلى موجة هجمات إلكترونية تشمل تعقب الأفراد وعائلاتهم، والإبلاغ الكاذب عنهم لدى أرباب العمل، وحتى شن هجمات رقمية ضدهم.
أحد أبرز الأمثلة على ذلك كان في 2022، عندما نشر ماسك ادعاءً كاذباً عن يويل روث، رئيس الثقة والأمان السابق في تويتر، مما دفع متابعيه إلى شن هجوم مناهض للسامية والمثليين ضده، ما أجبره في النهاية على مغادرة منزله.
تداعيات جديدة في عهد ترامب
تزايدت مخاوف الخبراء مع إعادة انتخاب دونالد ترامب، إذ يُعتبر ماسك الآن موظفاً حكومياً خاصاً يمتلك نفوذاً مزدوجاً: السيطرة على البيانات الحساسة من خلال DOGE، والقدرة على فرض سياسات المحتوى عبر "X".
يرى كالو أن هذه التوليفة تمنحه قوة غير مسبوقة لتكميم الأفواه، مضيفاً: "لدينا الآن مسؤول حكومي معين من البيت الأبيض يستخدم منصته الإعلامية الخاصة للتنمر وتهديد الأفراد. إذا لم يكن هذا مثالاً على السيطرة القسرية، فلا أعلم ما هو".
تأثير طويل المدى على حرية التعبير
تؤكد جيتا جوهار، أستاذة في جامعة كولومبيا متخصصة في سيكولوجيا المستهلك، أن تكتيكات ماسك قد تؤدي إلى تقليل الانتقادات المستقبلية له. وتضيف:
"الناس يتوقعون أن يتعرضوا للهجوم، لذا يتجنبون التعبير عن آرائهم خشية التنمر الإلكتروني"
أما هيدتلر-غوديت، فرغم أنه لم يتعرض لأي أذى جسدي حتى الآن، إلا أنه يخشى من المستقبل. ويقول:
"لدى الإنترنت قوة حقيقية. أحياناً أضحك على الأمر، لكنه قد تكون له عواقب حقيقية"