“الأوزميوم” معدن أغلى من الذهب… يوشك أن يختفي إلى الأبد!

3 د
الأوزميوم معدن نادر تتناقص مصادره وقد ينفد بحلول 2026.
ارتفعت أسعار الأوزميوم بشكل كبير، مما يثير قلقًا اقتصاديًا عالميًا.
يشرف المعهد الألماني على إدارة المخزون وتوزيعه للحفاظ على توازن السوق.
يسعى البحث العلمي لإيجاد بدائل للأوزميوم قبل الزوال الكامل للمخزون.
تشجع الجهود الاستعانة بالتكنولوجيا والتدوير لمواجهة ندرة الأوزميوم.
هل سبق لك أن سمعت بمعدن الأوزميوم؟ قد يبدو الاسم غريبًا قليلًا، لكن هذا المعدن بات يشغل بال الخبراء في هذه الأيام أكثر من الذهب نفسه، فما السر وراء ذلك؟ الحقيقة المثيرة هي أنّ هذا المعدن هو الأندر على الإطلاق وقد باتت مصادره على وشك النفاد من كوكبنا بحلول عام 2026، وهو ما دفع سعره للارتفاع إلى أرقام خيالية بلغت نحو 1350 دولارًا للجرام الواحد، حوالي 15 ضعفًا لسعر الذهب الحالي.
هذه الندرة الاستثنائية لمادة الأوزميوم، المُستخدمة بكثرة في إنتاج أفخم أنواع المجوهرات وصناعة الساعات الفاخرة وبعض التطبيقات العلمية المتطورة، جعلت منه كنزًا حقيقيًا. ومع اقتراب نفاد الاحتياطي العالمي من المعدن، صدر تقرير علمي حديث من مجلة "Nature Chemistry" يؤكد أن الأوزميوم قد يُستهلك كليًا بحلول عام 2026، مما أثار قلقًا عالميًّا من وقوع أزمة اقتصادية وضاعف من قيمته بشكل غير مسبوق.
ومع ازدياد حالة القلق حول نفاد الأوزميوم، تبرز خطوات حثيثة تقوم بها مؤسسات عالمية في محاولة لإدارة ما تبقى منه. ومن أبرز هذه المؤسسات معهد الأوزميوم الألماني في مورناو، الذي تحول بشكل سريع ليصبح الجهة الرئيسية عالمياً للإشراف على المخزون الاحتياطي وتنظيم توزيعه للحفاظ على استقرار السوق. وقد افتتح المعهد مؤخرًا مقرًا متقدمًا خاصًا في مايو 2025؛ هدفه متابعة مستويات الاستهلاك وتوعية الجمهور والمستثمرين بشأن الأزمة المرتقبة. وتشير التوقعات إلى أن أسعار المعدن قد تقفز 120 بالمائة إضافية قبل حلول عام 2026.
هذا الارتفاع الجنوني في السعر لم يأتِ من فراغ، فلهذا المعدن خصوصية لا مثيل لها؛ فهو شديد الكثافة ومقاومٌ استثنائي للحرارة والتآكل، ويمتلك لونًا أزرق لامعًا يمنحه مكانة متميزة في صناعة المجوهرات الفاخرة والصناعات الدقيقة. وعلى خلاف العناصر الأرضية النادرة الأخرى كالنيوديميوم واللانثانوم، والتي تتحكم فيها دول صناعية قوية مثل الصين، فإن سوق الأوزميوم نجا من الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على معادن مماثلة. هذه الاستقلالية تجعله أكثر جاذبية للمستثمرين الباحثين عن مواد نقية ونادرة وبعيدة عن التقلبات السياسية.
لكن مع اقتراب المعدن النادر من الزوال تمامًا، وجدت العديد من الشركات العالمية نفسها أمام خيارات صعبة. بعض العلامات التجارية الفاخرة بدأت بالفعل في تسويق منتجاتها بوصفها تحمل معدنًا "على حافة الانقراض"، لمحاولة رفع قيمتها والتمهيد لرفع الأسعار بشكل هائل. العديد من المصنعين قد يضطرون إلى شراء ما تبقى من المخزون الحالي بمبالغ خيالية، أو التفكير بجدية في بدائل عملية وسريعة.
وبالفعل، بدأت المؤسسات البحثية والهيئات الصناعية بالدخول في سباق مع الزمن لإيجاد بدائل محتملة للأوزميوم قبل نفاد المخزون نهائيًّا. على نحو مشابه لما حدث في صناعة الطاقة الشمسية من ابتكارات لتبني حلول مستدامة، يدرس العلماء الآن إمكانية تطوير مواد صناعية تحاكي أفضل خصائص الأوزميوم. بالإضافة لجهود معهد الأوزميوم بإطلاق مبادرات لإعادة تدوير المعدن والاستفادة القصوى من المخزون الحالي، والتي تمثل نقلة حاسمة نحو مستقبل مستدام. بل ويحاول بعض العلماء الذهاب إلى مدى أبعد في أبحاثهم، كتوجه لاستكشاف إمكانية العثور على رواسب جديدة من المعدن خارج كوكب الأرض مثل المريخ أو من النيازك التي تصل بين الحين والآخر إلى كوكبنا، في محاولة أخيرة لإنقاذ هذه المادة النادرة من الزوال التام.
وبينما نتجه نحو مستقبل قد يخلو تمامًا من مادة الأوزميوم الثمينة، تبدو الحاجة ماسة لتطوير أساليب أكثر ذكاءً واستدامة للتعامل مع المصادر النادرة من مكونات الطبيعة. ربما من الحكمة النظر بشكل أكبر لمسألة تدوير تلك المواد، واستخدام التكنولوجيا المتقدمة للعثور على بدائل مقنعة بدل الاعتماد التام على موارد محدودة قابلة للزوال. في نهاية الأمر، تظل قدرة البشرية على الابتكار والتأقلم مع أزمات شبيهة بهذه هي ما يجعل مستقبلنا يبدو أكثر اطمئنانًا رغم كل التحديات.