ذكاء اصطناعي

الزهرة ليست ميتة: أدلة تكشف عن قلب يغلي بالحياة البركانية

فريق العمل
فريق العمل

3 د

تشير دراسة جديدة إلى أن قشرة كوكب الزهرة قد تكون نشطة وتخضع لتيارات حرارية دائمة تُغذي نشاطه البركاني.

تُظهر الصور الرادارية من بعثة "ماجلان" وجود حوالي 85,000 بركان على سطح الكوكب، ما يدعم فرضية النشاط المستمر.

اقترح الباحثون أن انتقال الحرارة من باطن الزهرة إلى سطحه يتم عبر حركة حرارية في القشرة، وليس فقط من الوشاح.

تربط الدراسة هذه الظواهر الجيولوجية بنماذج مشابهة على كوكب بلوتو، ما يوسّع من فهمنا لتكتونية الكواكب في النظام الشمسي.

في كشف علمي يُعيد رسم فهمنا لكوكب الزهرة، توصل باحثون إلى أن قشرة الكوكب المجاورة للأرض قد تكون في حالة حركة مستمرة تُشبه غلياناً داخلياً، ما قد يفسر العدد الهائل من البراكين على سطحه، والذي يُقدّر بنحو 85,000 بركان. هذا الاكتشاف الثوري يُسلط الضوء على آليات جيولوجية غير مألوفة في كوكب لطالما اعتُبر ميتاً جيولوجياً، ويفتح الباب أمام إعادة تقييم لتاريخه ونشاطه الداخلي.


قشرة الزهرة: ساحة نشطة للتيارات الحرارية

لطالما اعتقد العلماء أن التيارات الحرارية (Convection) تحدث في أعماق الكواكب فقط، كما هو الحال في وشاح الأرض، لكن دراسة حديثة أجراها العالمان "فياتشيسلاف سولوماتوف" و"تشافي جاين"، ونُشرت في مجلة Physics of the Earth and Planetary Interiors، تقترح أن قشرة الزهرة نفسها قد تكون مسرحاً لهذه التيارات. وبحسب الباحثين، فإن سماكة وتركيبة القشرة، إلى جانب درجات الحرارة الشديدة التي تصل إلى 870 درجة فهرنهايت (حوالي 465 مئوية)، لا تمنع حدوث هذا النوع من النشاط، بل ربما تعززه.

صرّح سولوماتوف قائلاً:


"من المفاجئ أن أحداً لم يطرح سابقاً فكرة التيارات الحرارية داخل قشرة الزهرة. حساباتنا تشير إلى أن هذه الظاهرة ممكنة بل ومرجحة."


الرابط بين حركة القشرة وعدد البراكين

تشير نتائج الدراسة إلى أن حركة القشرة المستمرة عبر تيارات حرارية يمكن أن تفسر الكم الهائل من البراكين المرصودة على سطح الزهرة. فصور الرادار عالية الدقة من مهمة "ماجلان" التابعة لوكالة ناسا سمحت برسم خرائط تفصيلية لسطح الكوكب، أظهرت ما لا يقل عن 85,000 بركان. ووفقاً للدراسة، فإن هذا العدد الكبير لا يمكن تفسيره فقط بالتصادمات أو التصدعات القديمة، بل قد يكون ناتجاً عن حركة دائمة داخلية تنقل حرارة باطن الكوكب إلى سطحه، مولدة بذلك نشاطاً بركانياً مستمراً.


فهم جديد لكيفية انتقال الحرارة إلى سطح الزهرة

يبقى التحدي الأكبر في تفسير كيفية انتقال الحرارة الداخلية إلى سطح الزهرة، خاصةً مع الغلاف الجوي الكثيف وظروف السطح القاسية. وهنا يبرز دور التيارات الحرارية في القشرة كعامل حاسم، إذ يُمكن أن تكون هذه الحركة الداخلية هي "الحلقة المفقودة" لفهم استمرار النشاط البركاني على سطح الكوكب. وصرّح سولوماتوف:


"قد تكون التيارات الحرارية داخل القشرة المفتاح الغائب الذي طالما بحث عنه العلماء."


البعثات المستقبلية: ما الذي يمكن أن تكشفه؟

ترى الدراسة أن بعثات مستقبلية إلى الزهرة يمكن أن تقدم أدلة قاطعة على صحة هذه النظرية، لا سيما من خلال قياسات دقيقة للجاذبية تُظهر التباينات في الكثافة ودرجات الحرارة داخل القشرة. وقد تساعد هذه البيانات في رسم صورة أدق للنشاط الداخلي، وتأكيد ما إذا كانت المناطق الأكثر دفئاً وأقل كثافة بالفعل هي التي تُغذي البراكين النشطة.


تشابه مفاجئ مع كوكب بلوتو

المثير في الدراسة أنها لا تقتصر على الزهرة، بل تمتد للمقارنة مع بلوتو، الكوكب القزم البعيد. فقد كشفت صور بعثة New Horizons التابعة لناسا عن أنماط سطحية متعددة الأضلاع في منطقة "سبوتنيك بلانيتيا"، تشبه حدود الصفائح التكتونية على الأرض. يرى سولوماتوف أن هذه الأنماط قد تكون ناتجة أيضاً عن تيارات حرارية بطيئة في قشرة بلوتو الجليدية، ما يجعله ثاني جرم سماوي – بعد الأرض – تظهر عليه علامات واضحة على حركة تكتونية مدفوعة بالحرارة.


آفاق جديدة لعلم الجيولوجيا الكوكبية

ذو صلة

يفتح هذا البحث الباب أمام إعادة نظر جذرية في فهمنا للنشاط الجيولوجي في كواكب النظام الشمسي، ويدعو إلى توسيع نطاق دراسات التيارات الحرارية لتشمل القشرة الخارجية، لا فقط طبقات الوشاح العميقة. فكما قال سولوماتوف:


"يمكن أن يعلّمنا الزهرة الكثير عن العمليات الجيولوجية التي لا نزال نفهمها بشكل ناقص، وربما يحمل بلوتو أيضاً مفاتيح لدفع علم الكواكب إلى آفاق غير مسبوقة."

ذو صلة