ذكاء اصطناعي

الصين تتحدى المستحيل: شوانغجيانغكو في طريقه لعرش أعلى سد على وجه الأرض

مجد الشيخ
مجد الشيخ

3 د

توشك الصين على الانتهاء من بناء سد شوانغ جيانغكو ليكون الأعلى عالميًا.

يوفر السد طاقة نظيفة ويدير الفيضانات بكفاءة في نهر دادو.

تواجه المشروع تحديات التضاريس والزلزال وتستخدم تقنيات متطورة لضمان الاستقرار.

يسهم في تقليل الاعتماد على الفحم ويعزز مكانة الصين في الطاقة المتجددة.

أثارت المخاوف البيئية والاجتماعية الحاجة لمتابعة التأثيرات وإجراء تقييمات دورية.

في خطوة لافتة تؤكد مكانة الصين كقوة عالمية في الهندسة والبنية التحتية، أوشكت الصين على الانتهاء من بناء سد "شوانغ جيانغكو"، والذي سيتربع قريبًا على عرش أعلى سد في العالم. في مطلع مايو 2025، أعلن المسؤولون أن السد بدأ بالفعل مرحلة تخزين المياه الأولية، وهي خطوة محورية نحو اكتمال المشروع بالكامل.

يقع سد شوانغ جيانغكو بمحافظة آبا ذاتية الحكم لقوميتي التبت وتشيانغ بمقاطعة سيتشوان، ويبلغ ارتفاعه 315 مترًا، متجاوزًا أعلى سد حالي، سد جينبينغ الأول، بفارق 10 أمتار كاملة. بهذا الرقم القياسي المذهل سيمثل السد علامة فارقة تؤكد قدرة الصين على إنجاز مشاريع عملاقة في مجال الطاقة المتجددة والبنية التحتية الكبرى.

وهذا الإنجاز الضخم ينطوي على مميزات متعددة، فموقع السد الاستراتيجي على نهر دادو، القادم من هضبة التبت الشرقية والمتدفق نحو حوض سيتشوان، سيمكنه من توفير كميات هائلة من الطاقة النظيفة والمتجددة. وليس هذا فحسب، بل سيعمل السد على إدارة الفيضانات بشكل أكثر كفاءة، وتزويد المنطقة بمصدر مستدام للمياه مع تنظيم مناخي أفضل للمنطقة المحيطة به.

وقد تولت شركة "باور تشاينا" الحكومية، والمعروفة بخبرتها الواسعة، مهمة إنشاء هذا السد العملاق. ولم تكن هذه المهمة سهلة بطبيعة الحال؛ إذ واجه المهندسون ظروفاً معقدة، كصعوبة التضاريس ووعورة المنطقة، إضافة إلى احتمالية حدوث هزات أرضية، نظرًا لموقعه في منطقة نشطة زلزاليًا. هذه التحديات فرضت على الفريق الهندسي استخدام تقنيات متطورة ومواد بناء ذات قدرات عالية على التحمل، لضمان سلامة واستقرار الهيكل طوال فترة خدمته.

وبالنظر إلى ما يعنيه اكتمال هذا المشروع من أثرٍ إيجابي للطاقة في الصين، تأتي هذه الخطوة كجزء من استراتيجية صينية طموحة تهدف إلى تقليل اعتماد البلاد على الفحم وتعزيز مكانتها كلاعب رئيسي في الطاقة المتجددة على مستوى العالم. ومن الجدير بالذكر أن الصين تمتلك خبرة واسعة في مثل هذه المشاريع الهيدرومائية الضخمة، مثل سد الممرات الثلاثة الشهير، مما يجعل مشروع سد شوانغ جيانغكو إضافة قيمة لتعزيز مركزها الريادي في توليد الطاقة النظيفة.

رغم الفوائد الجمة للمشروع، إلا أنه أثار مخاوف بيئية واجتماعية لدى الناشطين والجمعيات المختصة. فمن الطبيعي أن يؤدي بناء مشروع بهذا الحجم إلى تغييرات ملموسة في البيئة المحيطة، وربما إلى تهجير بعض السكان المحليين. من هنا، تشدد المنظمات البيئية على ضرورة متابعة تأثيرات هذه المشاريع عن كثب، وإجراء تقييمات دورية لمنع وقوع أضرار طويلة الأمد على النظم البيئية والموارد المائية في المنطقة.

ومع قرب اكتماله، يعد سد شوانغ جيانغكو شهادة حية على تصميم وإرادة الصين في تخطي حدود الممكن. إذ إن المشروع واجه تحديات كبيرة خلال عقد من الجهود المستمرة والكلفة المالية البالغة حوالي 36 مليار يوان صيني (4.9 مليار دولار أمريكي)، لكنه أثبت في النهاية إمكانية استخدام التكنولوجيا والتخطيط الهندسي المدروس لتجاوز أصعب الظروف والتحديات.

ذو صلة

وربما يمكن القول إن بناء سد شوانغ جيانغكو لا يُعَد مجرد مشروع بنية تحتية أخرى، إنما هو بيان عملي يوضح توجه الصين نحو المستقبل بطاقات متجددة ومستدامة، وتحدّ واضح للتحديات البيئية والجيوسياسية العالمية. ومع اقتراب موعد الافتتاح الرسمي، ننتظر أن نرى كيف سيحقق السد وعوده، ليس في إنتاج الكهرباء وإدارة الفيضانات فقط، بل في تعزيز مكانة الصين عالميًا في مجال الاستثمار بالطاقة النظيفة.

يبقى مفتوحاً سؤال مهم، كيف يمكن الموازنة بين طموحات التنمية وهذه المخاوف البيئية والاجتماعية؟ ربما يستحق أخذ هذه الجوانب بشكل أكثر تفصيلاً في التقارير اللاحقة، وإلقاء بعض الضوء على الخطوات المستقبلية المتخذة للتعامل مع تلك التأثيرات، لنمنح القارئ صورة متكاملة عن المشهد، بشكل واضح ومتوازن.

ذو صلة