ذكاء اصطناعي

الكون ليس ساكنًا كما نظن… فلكي يُلمّح إلى دوران كوني هائل

الكون ليس ساكنًا كما نظن… فلكي يُلمّح إلى دوران كوني هائل
فريق العمل
فريق العمل

3 د

قام فريق بقيادة الأستاذ إستفان زابودي بجامعة هاواي بفرضية دوران الكون ببطء شديد.

تم طرح هذه الفرضية لحل مشكلة تُعرف باسم "توتر هابل" المتعلق بسرعة توسع الكون.

اقترح الفريق أن دوراناً واحداً للكون كل 500 مليار سنة قد يفسر اختلاف القياسات.

لا تتعارض النظرية مع القوانين الفيزيائية وتدعمها توقعات الموديلات الكونية الحالية.

يعتزم الباحثون تطوير نماذج حاسوبية لتحسين التنبؤات واكتشاف دوران الكون المحتمل.

فيما يبدو كخبر مثير قد يغيّر تصورنا التقليدي للكون، توصل فريق من العلماء بقيادة الأستاذ إستفان زابودي، الباحث في معهد الفلك بجامعة هاواي، إلى فرضية جديدة تقول إن الكون ربما يدور ببطء شديد جداً، الأمر الذي قد يلقي ضوءًا على أحد أكثر الألغاز إرباكاً للعلماء في عالم الفلك.


الفكرة الأساسية: هل حقاً يدور الكون حول نفسه؟

قد يظن البعض أن الحديث عن كون في حركة دائرية قد يكون مجرد فكرة فلسفية أو خيال أطفال بعيداً عن حقائق العلم، ولكن في الواقع، هذه الفكرة تم تداولها مؤخراً بجدية شديدة وفي إطار علمي صارم. الدراسة، التي نُشرت في مجلة "الإخطارات الشهرية للجمعية الفلكية الملكية"، أشارت إلى أن الأكثرية الساحقة من النماذج المتبعة لوصف الكون تعتمد على فكرة ثابتة تقول بأنه يتوسع بشكل متساوٍ في جميع الاتجاهات، دون أن يدور أو يدور بشكل يكاد يكون معدوماً.

رغم تأكيد هذه الفرضية الشائعة على توافق كبير مع بيانات الفلك الحالية، إلا أن هناك إشكالية مستعصية تسمى "توتر هابل" أو "لغز هابل". وهي ببساطة مسألة خلاف متخصص حول سرعة توسع الكون. فما هي هذه المشكلة بالضبط، وكيف قد يساعدنا دوران الكون المحتمل في حلها؟


لغز هابل بين قياسين مختلفين

حتى الآن، قام العلماء باعتماد طريقتين رئيسيتين لقياس مدى سرعة توسّع الكون. الأولى تعتمد على قياس المسافات المقدّرة للمجرات البعيدة باستخدام الانفجارات النجمية العظمى أو "السوبرنوفا". وتعطينا هذه الطريقة بيانات عن توسع الكون على مدى مليارات الأعوام الماضية. أما الطريقة الثانية، فتستند على قياس الإشعاعات القديمة أو "الإشعاع الكوني" المتبقي من الانفجار العظيم، والذي يقدم بيانات عن توسع الكون في مراحله المبكرة جدًا، قبل حوالي 13 مليار سنة.

المشكلة تكمن في أن كل طريقة من الطريقتين تعطينا نتائج مختلفة بشكل ملحوظ عن معدل التوسع، وهو أمر حيّر العلماء لفترة طويلة، حتى بات يعرف باسم توتر هابل (Hubble Tension).


تجربة جديدة بفرضية بسيطة

الفريق البحثي لزابودي اتخذ نهجًا مبتكرًا لمحاولة تفسير هذا التضارب المحير، وذلك عبر تصميم نموذج رياضي جديد للكون. في البداية، طبّق الباحثون هذا النموذج وفقاً للقواعد والنظريات التقليدية المتفق عليها. وبعدها، أضافوا تعديلاً صغيراً جداً: افترضوا دوراناً بطيئاً للغاية للكون.

نتيجة هذا التغيير البسيط، لاحظ العلماء شيئاً ملفتاً: هذا النموذج الافتراضي الجديد أزال فعلياً التعارض والاختلاف بين القياسين. بل إنهم وجدوا أن دوراناً واحداً للكون كل 500 مليار سنة - رغم كونه بطيئاً جداً مما يجعل اكتشافه صعباً للغاية حالياً - يكفي لإحداث فروقات كبيرة في نتائج قياسات التوسع على مدار حياة الكون.

وحول هذه المفاجأة العلمية، علّق الاستاذ زابودي ممازحاً ومستلهماً من مقولة الفيلسوف اليوناني هيراقليطس "كل شيء يتحرك"، قائلاً:


"يبدو أننا يمكن أن نقول الآن: كل شيء يدور".


هل يخالف دوران الكون قوانين الفيزياء؟

المثير للاهتمام في هذه النظرية هو توافقها مع جميع القوانين الفيزيائية التي يعرفها البشر حالياً. فلا يوجد أي مانع فيزيائي يمنع تخيل الكون كشيء متحرك ويدور ببطء مذهل على نفسه. كما أن النظرية المقترحة من هذا الفريق البحثي يمكنها بسهولة التوافق مع نماذج كونية أخرى سبق أن افترضت وجود هذا الدوران.


خطوة قادمة: من النماذج الرياضية إلى الكمبيوتر

ذو صلة

حالياً، يعتزم فريق الباحثين نقل هذه الفرضية من حالة النماذج الرياضية إلى بناء نموذج كمبيوتر متكامل، يمكنه تقديم تنبؤات أدق حول تأثيرات هذا الدوران الافتراضي البطيء. كما يخططون لتحديد طرق جديدة يمكن من خلالها إثبات أو اكتشاف علامات قد تدل على وجود هذا الدوران بالفعل.

أخيراً، ما زال الوقت مبكراً لإعادة كتابة الكتب الدراسية، لكن المؤكد هو أن مثل هذه الأبحاث تسلط الضوء مجدداً على أن الكون دائماً ما يحتفظ بمفاجآت لنا. فما زال أمامنا طريق طويل لاكتشاف جميع أسراره المدهشة!

ذو صلة