النجوم الحمراء تنتصر رقميًا: علم الثورة السورية يزيح راية النظام من أنظمة آبل وواتساب

في تحوّل تقني يعكس أبعاداً سياسية ورمزية عميقة، أقدمت كل من شركتي آبل وواتساب على خطوة مفاجئة تمثّلت في استبدال إيموجي علم النظام السوري بعلم الثورة السورية، في تحديثات نُشرت حديثًا ضمن أنظمتهما وخدماتهما الرقمية. وبينما اعتُبر التعديل "تجميليًا" في مظهره، فقد أثار تفاعلاً كبيرًا على مواقع التواصل الاجتماعي، بوصفه مؤشراً على انحياز ضمني لقضية الشعب السوري.

بدأت القصة عندما لاحظ مستخدمو النسخة التجريبية من iOS 18.4، أن الإيموجي الخاص بعلم سوريا قد تغيّر. فبدلاً من العلم المعتمد رسميًا من قبل النظام—بألوانه الأحمر، الأبيض، والأسود ونجمتين خضراوين—ظهر العلم الذي تستخدمه المعارضة السورية، والذي يحمل ثلاثة أشرطة أفقية: أخضر، أبيض، وأسود، تتوسطه ثلاث نجمات حمراء ترمز إلى نضال السوريين منذ عام 2011.

وبينما كانت هذه الخطوة بحد ذاتها كافية لإثارة الجدل، ما لبث أن تفاجأ المستخدمون بخطوة مماثلة من واتساب، حيث تبيّن أن الشركة أزالت علم النظام من واجهة اختيار الدول في التطبيق الرسمي، واستبدلته بعلم الثورة السورية، في النسخة المتاحة فقط عبر الموقع الرسمي لتطبيق واتساب، وليس عبر متجر "غوغل بلاي".

اللافت في الخطوتين أن أياً من الشركتين لم تصدر بيانًا رسميًا بشأن هذا التغيير، لكن ظهوره في النسخ التجريبية والرسمية يكشف أن القرار متعمد ومدروس. ويشير مراقبون إلى أن التعديل لم يكن اضطرارياً أو فنياً، بل يُعبّر عن تحول خفي في مواقف الشركات التقنية الكبرى من الرموز المرتبطة بالأنظمة المثيرة للجدل.

الجهة المسؤولة عن توحيد الإيموجي عالميًا هي اتحاد Unicode، وهي مؤسسة غير ربحية تعمل على وضع المواصفات التقنية للرموز. لكنها لا تتحكم بشكل مباشر في التصميم النهائي الذي يظهر للمستخدم، إذ أن الشركات مثل آبل وغوغل ومايكروسوفت تملك حرية تخصيص التصاميم بما يتناسب مع سياستها أو معاييرها، وهو ما استغلّته آبل وواتساب في إدراج علم الثورة بدلاً من علم النظام.

وتجدر الإشارة إلى أن Unicode كانت قد أعلنت عام 2022 أنها لن تضيف أعلامًا جديدة إلى نظام الإيموجي، لتفادي التورط في نزاعات سياسية، لكنها لم تمنع الشركات من تعديل تصميم الأعلام الحالية، في حال استجدت تغييرات سياسية أو اجتماعية تستدعي ذلك.

علم الثورة السورية المعتمد في التحديثات الجديدة يتكون من ثلاثة أشرطة أفقية:

وقد اعتمدته قوى المعارضة والمجالس المحلية كرمز رسمي منذ انطلاق الثورة، وأصبح حاضرًا في الفعاليات السياسية والمناسبات الاحتجاجية، وحتى في المساعدات الإنسانية الموجهة للمناطق الخارجة عن سيطرة النظام.

في المقابل، فإن العلم الذي تمت إزالته هو العلم الرسمي الموروث من فترة حكم الأسد الأب، والمعتمد في الأمم المتحدة والمؤسسات الرسمية، ويتكون من الألوان نفسها لكن مع نجمتين خضراوين تمثلان الوحدة الفاشلة بين مصر وسوريا في خمسينيات القرن الماضي.

توالت ردود الفعل على المنصات الاجتماعية بعد رصد التحديث، حيث نشر ناشطون صورًا تقارن بين العلمين، وأرفقوها بتعليقات مرحبة مثل:

و

كما أشار كثيرون إلى أن هذه الخطوة، رغم بساطتها التقنية، تعبّر عن اعتراف ضمني بمشروعية الثورة ومعاناة السوريين، الذين لطالما اعتبروا أن بقاء علم النظام في الهواتف والبرامج يمثّل إهانة لضحايا القمع والتهجير والاعتقال.

لا تزال المنصات الأخرى مثل غوغل وميتا (فيسبوك وإنستغرام) تستخدم علم النظام السوري في خدماتها، لكن الخطوة الجريئة من آبل وواتساب قد تشكّل سابقة تدفع باقي الشركات لإعادة النظر في رموزها، خاصة مع تزايد الأصوات المطالِبة بتمثيل دقيق وعادل للشعوب لا للأنظمة.

وحتى إن لم يكن هناك اعتراف رسمي بتغيير التمثيل السياسي، فإن الرمزية البصرية لها تأثير كبير في تشكيل الوعي الجمعي، وقد تكون هذه التعديلات خطوة أولى في اتجاه توازن رمزي أكثر عدلاً.