بطارية لا تموت: ابتكار بطاريات ليثيوم ذكية تتمدد وتُصلح نفسها بعد القطع والطعن

3 د
نجح فريق علماء في تطوير بطارية ليثيوم مرنة ذاتية الإصلاح تتحمل الثني والقطع.
تعتمد البطارية على بوليمر زويتيريوني قادر على جذب وتثبيت جزيئات الماء.
اجتازت البطارية اختبارات صارمة وأظهرت قدرتها على الاستمرار في العمل بعد التلف.
يتوقع العلماء تطبيقات مستقبلية مرنة مثل الملابس الرياضية ذاتية الشحن والأجهزة الطبية المزروعة.
نجح فريق من العلماء من جامعات بارزة في تطوير بطارية ليثيوم مرنة ذاتية الإصلاح، تستطيع الصمود والاستمرار في العمل حتى بعد أن تتعرض للثقب والقطع والثني المتكرر.
كيف بدأت الفكرة ولماذا هي هامة؟
خلال الأعوام الماضية، لاقت بطاريات الليثيوم المرنة رواجًا متزايدًا، خاصة مع تطور الأجهزة الإلكترونية القابلة للارتداء والتقنيات القادرة على الاندماج مع الملابس والإكسسوارات. لكن التحدي الأبرز أمام هذه البطاريات ظل دومًا يتعلق بالمتانة والقدرة على تحمل الظروف الصعبة كالانثناء أو التمزق دون أن يتأثر الأداء.
ومن هنا بزغت فكرة البطارية الجديدة. العلماء في كلٍّ من جامعة كاليفورنيا بيركلي، ومعهد جورجيا للتكنولوجيا، بالإضافة لجامعة هونغ كونغ للعلوم والتكنولوجيا، تمكنوا من إيجاد حل مبتكر قد يكون نقطة تغيير جوهرية في عالم البطاريات القابلة للارتداء.
هكذا صنعت البطارية المبتكرة
يعتمد تصميم البطارية على استخدام بوليمر يُسمى بـ "البوليمر الزويتيريوني"، وهو مركب يتميز بامتلاكه شحنتين إحداهما سالبة والأخرى موجبة. ما يميز هذا النوع من المركبات أنّه قادر على جذب جزيئات الماء وتثبيتها داخله بقوة، وفي نفس الوقت يتيح تدفق أيونات الليثيوم الضرورية لعملية شحن وتفريغ البطارية بسلاسة.
واستخدم الباحثون أيضًا عنصرًا يسمى "حمض الأكريليك" كعامل ربط متصالب، بالإضافة إلى إلكتروليت هيدروجيل مائي خالٍ من الفلور، وهو ما أتاح لهم زيادة مستويات الاستقرار لتصل فيها الفولتية إلى نحو 3.11 فولت.
ميزة أخرى توفرها هذه التركيبة المتطورة، هي قدرتها الفائقة على امتصاص جزيئات الماء من الهواء المحيط بها، مما يمنع انخفاض مستويات الماء الداخلية بشكل كبير، ويقلّص فرصة انقسام جزيئات الماء أثناء تطبيق الجهد الكهربائي عليها.
اختبارات صارمة بنتائج مذهلة
ولإثبات فعالية البطارية في الظروف الحقيقية، قام الفريق بتجارب واختبارات مكثفة. البطارية التي تحتوي فقط على 19 بالمئة من الماء حافظت على استقرار ممتاز في ظروف رطوبة تصل إلى 50 بالمئة. بالإضافة إلى ذلك، ظلت قادرة على العمل لأكثر من شهر كامل دون أي تراجع في أدائها بشكل بارز.
المفاجأة الكبرى ظهرت في الاختبارات الأكثر قسوة؛ حيث عرّض الباحثون البطارية لعمليات ثقب متعمدة بالإبر، والقطع بواسطة شفرة حادة، وتم أيضًا شدها وطيها بشكل كبير. ورغم كل ذلك، فإن البطارية كانت قادرة في كل مرة على إصلاح نفسها تلقائيًا واستعادة أدائها الطبيعي بشكل سريع وملحوظ.
تطبيقات مستقبلية واعدة
يرى العلماء أن هذا الابتكار الجديد يمكن أن يصبح الأساس لأجهزة إلكترونية مرنة في المستقبل القريب. تصور مثلاً ملابس رياضية قابلة للشحن ذاتيًا، أو أجهزة طبية مرنة يمكن زرعها بأمان داخل الجسم دون القلق بشأن سلامة البطارية واستقرارها على المدى الطويل.
وفي الوقت ذاته، ما يزال الفريق يعمل على تحسين هذه التقنية لتصبح أكثر كفاءة وتحملاً وظروفًا أكثر تنوعاً، ما يعني أن فرص تطبيقها العملية ستكون بلا حدود تقريبًا.
هكذا تستمر الأبحاث العلمية في دفع حدود الابتكار والتطوير، ما يفتح أمامنا آفاقًا رائعة تمنح حياتنا اليومية مزيدًا من المرونة والأمان.