ذكاء اصطناعي

لا ملاذ آمن لـ Apple: تصعيد ترامب مع الصين يضع العملاق التقني في مهبّ العاصفة

لا ملاذ آمن لـ Apple: تصعيد ترامب مع الصين يضع العملاق التقني في مهبّ العاصفة
مجد الشيخ
مجد الشيخ

4 د

واجهت شركة آبل تحديات كبيرة بسبب الحرب التجارية بين واشنطن وبكين.

تعتمد آبل على الصين لإنتاج حوالي 80% من هواتفها الآيفون.

تهدد التعريفات الجمركية المرتفعة بزيادة أسعار الآيفون بنسبة تصل إلى 85%.

تصطدم جهود آبل لتحويل الإنتاج إلى الهند بالتحديات اللوجستية والفنية.

يبحث الخبراء في إمكانية استحصال إعفاءات جمركية لتخفيف الأزمة.

عندما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن وقف مؤقت لمدة ثلاثة أشهر للتعريفات الجمركية مع كثير من الشركاء التجاريين، استقبلت الأسواق هذا الخبر بتفاؤل واضح، لكن بالنسبة لشركة آبل العملاقة الوضع بدا قاتمًا للغاية.


محنة آبل في مواجهة الحرب التجارية

يقول الخبراء إن شركة آبل، التي لطالما اعتمدت على الصين كمصدر أساسي لإنتاج هواتف الآيفون ومنتجاتها الأخرى، باتت الآن في قلب العاصفة بسبب تصاعد الحرب التجارية بين واشنطن وبكين. فمع استمرار الإدارة الأمريكية في فرض رسوم جمركية ثقيلة، وصلت القيمة التراكمية للرسوم على واردات المنتجات الصينية إلى 145%، وهو ما يجعل شركة آبل في مأزق حقيقي.

المحلل التقني البارز دان آيفز من مؤسسة "ويدبوش سيكيوريتيز"، صرح لشبكة CNBC قائلًا:


"هذه الرسوم قد تُعيد آبل إلى الوراء سنوات طويلة". وأضاف بأسلوب لافت يصف مدى الصعوبة التي تمر بها الشركة: "إنهم أشبه ما يكون بسفينة تعرضت للانقلاب في وسط المحيط ولا تمتلك أي قوارب نجاة".


لماذا تزداد الأزمة عمقًا؟

ورغم كل المحاولات لتقليص الاعتماد على الصين في سلاسل التوريد للشركة، لا تزال الصين مسؤولة عن 80% تقريبًا من إجمالي هواتف آيفون التي ترسلها آبل للولايات المتحدة سنويًا، والتي وصلت لنحو 77 مليون هاتف العام الماضي. ووفقًا لتقديرات شركة أبحاث السوق "أومديا"، فإنه إذا ما أرادت آبل الحفاظ على هامش أرباحها الحالي في ظل التعريفات الجديدة، فستضطر لرفع أسعار هواتفها بنسبة تصل إلى 85%، مما يعني أن الأسعار قد تخرج عن نطاق معقول بالنسبة للمستهلكين.

يرى "لي شوان شيو"، مدير الأبحاث في "أومديا" أن الوضع الحالي أصبح غير قابل للتعامل معه، ويقول:


"عندما كانت التعريفات الجمركية 54% تقريبًا، كان الوضع صعباً لكن يمكن التعامل معه، أما الآن ومع هذه النسب المرتفعة بشكل جنوني، فإن الشركة لا تستطيع فعليًا أن ترفع الأسعار للدرجة اللازمة لاستيعاب تكاليف الرسوم الجديدة".


الهند بوابة محتملة... لكن التحديات قائمة

انتشرت مؤخرًا تقارير تشير لقيام آبل بنقل حوالي 600 طن من هواتف آيفون، أي ما يقارب مليون ونصف المليون هاتف، من مصانع الهند إلى الأسواق الأمريكية في خطوة عاجلة للالتفاف حول هذه الرسوم قبل دخلوها حيز التنفيذ.

في الوقت نفسه، يرى "شيو" أنه رغم أن تخزين كميات إضافية من الهواتف قبل تطبيق هذه الرسوم يعد استراتيجية جيدة قصيرة الأجل لتخفيف الصدمة، فإن هذه الطريقة ليست مستدامة أو قابلة للتوسع على المدى الطويل.

وعلى الرغم من الجهود الكبيرة، فإن تصنيع هواتف آيفون عالية الجودة مثل "برو" و "برو ماكس" في الهند بدأ فقط خلال العام الماضي، وبحسب خبراء الصناعة، فإن زيادة معدل إنتاج الهند بحيث يكون كافيًا لتغطية الطلب الأمريكي قد يحتاج سنة أو سنتين على الأقل، مع وجود مخاطر من تطبيق رسوم جمركية جديدة على الهند كذلك في المستقبل.


هل الإعفاء الجمركي طوق النجاة الأخير؟

يحذر خبراء الصناعة أن الحلول المتاحة الآن ليست كثيرة. الخيار الأقوى وربما الأكثر منطقية لآبل الآن هو مطالبة الإدارة الأمريكية بالحصول على إعفاءات خاصة من هذه الرسوم. هذه الفكرة سبق وأن طبقتها إدارة ترامب السابقة خلال فترة ولايتها الأولى مع بعض المنتجات التي تنتجها آبل، وهو أمر يعتقد بعض المحللين أنه ممكن تحقيقه مجددًا.

في هذا السياق، يقول المحلل "دانيال نيومان"، المدير التنفيذي لمجموعة "فيوتشروم":


"أنا متفائل بعض الشيء بأنه مع التزامات آبل الأخيرة بالاستثمار في أمريكا بقيمة وصلت إلى 500 مليار دولار وخلق 20 ألف وظيفة جديدة، قد تحظى الشركة ببعض التسهيلات الجمركية أو الإعفاءات".


لا حلول سريعة أو معجزات قيد الانتظار

ولكن "كريغ موفيت"، المحلل المؤسس لمؤسسة "موفيتناثانسون"، لم يكن متفائلًا بنفس الدرجة:


"حتى لو تم الاتفاق على خفض التعريفات أو منح إعفاء خاص، سيبقى التحدي كبيرًا أمام آبل، حتى نسبة 10% من التعريفات الجمركية تصنع أزمة هائلة بالنسبة للشركة".

ذو صلة

ومع سعي آبل لخفض مخاطر الرسوم الجمركية والجغرافيا السياسية بتنويع سلسلة إمداداتها خارج الصين، تظل الحقيقة البسيطة واضحة للجميع: الأمر ليس بهذه السهولة. فإنتاج هاتف آيفون داخل الولايات المتحدة، كما طالب ترامب مرارًا، سيؤدي إلى وصول سعر الهاتف الواحد إلى نحو 3500 دولار، بدلًا من السعر الحالي وهو حوالي 1000 دولار، بحسب تقديرات الخبراء.

تواجه آبل الآن واحدة من أصعب الأزمات في تاريخها الحديث، وبينما تتفاقم الحرب التجارية وتزداد ضبابية المستقبل، يبقى السؤال الأكثر إلحاحًا: هل ستنجح آبل في عبور هذه الأزمة دون خسائر فادحة؟ الأيام المقبلة كفيلة بالإجابة.

ذو صلة