ليس خيالاً علميًا: مبانٍ بجلد حي تتنفس وتتحرك وتتكيف مع المناخ

3 د
تتكيف واجهة "فليكتولاين" الألمانية مع الطقس مثل الكائنات الحية.
تعتمد على مواد بلاستيكية مرنة تتفاعل مع الحرارة والبرودة بشكل تلقائي.
تستخدم التقنية الذكاء الاصطناعي للتحكم الذاتي وتحسين الكفاءة.
استُلهم الابتكار من دراسة النباتات والحشرات لتحسين التصميم المعماري.
حصلت الواجهة على جائزة تقديرية لتميزها في مواجهة التحديات المناخية.
عالم يقترب أكثر فأكثر إلى المستقبل الذي كنا نتخيله في أفلام الخيال العلمي. تخيّل مباني ليست مجرد كتل جامدة من الخرسانة والزجاج، بل مبانٍ حيّة تتنفس وتتكيّف مع الطقس، تماماً مثل الكائنات الحية! هذا ليس سيناريو من فيلم، بل هو ابتكار حقيقي في ألمانيا يسمى واجهة "فليكتولاين" (FlectoLine).
فكرة هذا الابتكار هي واجهة ذكية تتفاعل مع الظروف المناخية الطبيعية بشكل مباشر. هذه الواجهة تتكون من 101 لوحاً مرناً مصنوعاً من مواد بلاستيكية معززة بالألياف، تتمدد وتنقبض حسب الظروف الخارجية؛ في الأيام الحارة، تتفتح لتوفر الظل المنعش، وفي الأيام الباردة تتقارب وتطوى لتسمح لأشعة الشمس بالعبور وتدفئة المبنى. وكأنك أمام جلد حقيقي يتنفس ويتأقلم بشكل تلقائي مع حرارة الجو!
وحتى نفهم آلية عمل هذه التقنية بشكل أوضح، استعان العلماء بعلوم الذكاء الاصطناعي والشبكات العصبية لتطوير نظام من التعلم الآلي، يقوم بتحليل بيانات الطقس وتوقع الحالة الجوية وتحديد الوضع الأمثل لاستخدام الواجهة. والمذهل هنا أنّ هذه التقنية مدعومة بألواح شمسية مدمجة، توفر الطاقة اللازمة لتشغيل نفسها، ما يجعلها حلاً صديقاً للبيئة ومستداماً بالكامل.
ولكن من أين استوحى العلماء هذه الفكرة المبتكرة؟ تخيّل أنهم استمدوا الإلهام من عالم النباتات والحشرات! فقد درسوا نبتة مائية تسمى "الدولاب المائي" التي تفتح أوراقها وتغلقها لصيد الحشرات في وسط الماء بآلية مذهلة من الاستجابة السريعة. كما درسوا تركيب أجنحة نوع من الحشرات المخططة، التي تتمتع بأجزاء صلبة وأخرى مرنة تسمح بحركة دقيقة. ونجح العلماء في ترجمة هذه الآليات البيولوجية إلى تصميم معماري استعمالي يدمج بسلاسة بين الفائدة وبين أناقة الطبيعة.
والخبر المهم اليوم هو حصول هذا الابتكار على جائزة خاصة في مؤتمر الابتكارات المستوحاة من البيولوجيا في ولاية بادن-فورتمبيرغ. التقدير الذي حظيت به فليكتولاين هو شهادة واضحة على أهميتها في مواجهة التحديات المناخية الحالية، من خلال تقليل الطلب على الطاقة وتعزيز كفاءة المباني. ويقول الفريق البحثي بقيادة إديث غونزاليس، إن هذه الأفكار لا غنى عنها في تقليل الانبعاثات الكربونية وخلق بيئة عمرانية أكثر انسجاماً مع الطبيعة.
وهذا النجاح يدفع التساؤلات نحو المستقبل: هل ترى هذه التقنية النور قريباً في كل مدننا؟ الجواب أن فليكتولاين موجودة حالياً بنطاق تجريبي على مبنى بيت زجاجي في حديقة النباتات بمدينة فرايبورغ الألمانية. لكن المجال مفتوح بالتأكيد لتوسيع استخدام هذه التقنية التي قد تصير جزءًا أساسياً في تصميم المباني الجديدة.
ختاماً، يمكن القول إن تقنية فليكتولاين تمثل ثورة في الهندسة المعمارية وتبرز اتجاهاً واعداً نحو مدن مستقبلية مستدامة. لعل دمج مزيد من الأمثلة والتطبيقات العملية مستقبلاً قد يساعد القراء في تخيل ممكناتها بشكل أوضح، وليظل نص التقرير بدوره واسع الانتشار وسهل الفهم، من الممكن استبدال بعض المصطلحات المستخدمة بمفردات أوضح مثل "الذكاء الصناعي" بـ "التقنيات الحاسوبية"، وتوضيح الجوانب الفنية عبر استخدام جمل ربط تفسّر المصطلحات بطريقة أبسط وأكثر وضوحاً.