ذكاء اصطناعي

مركبة “بيرسيفيرانس” تسحق صخرة على المريخ وتكشف عن دلائل على وجود الماء في الماضي

فريق العمل
فريق العمل

3 د

أجرت "بيرسيفيرانس" تجربة غير مسبوقة بسحق صخرة على سطح المريخ لكشف مكوناتها الداخلية.

كشف التحليل عن وجود معدن السربنتين، وهو دليل محتمل على تفاعلات سابقة بين الماء والصخور.

يعزز هذا الاكتشاف الفرضية بأن المريخ كان يضم بيئات مناسبة لنشوء حياة ميكروبية في الماضي.

تتجه المركبة الآن إلى منطقة "ويتش هازل هيل" لاستكشاف طبقات جيولوجية أقدم بحثًا عن مزيد من الأدلة.

في تطور علمي جديد، قامت مركبة "بيرسيفيرانس" التابعة لوكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) بتجربة غير مسبوقة على سطح كوكب المريخ، حيث استخدمت تقنيتها لسحق صخرة من أجل كشف الطبقات الداخلية وتحليل مكوناتها. وأسفر هذا النهج المبتكر عن اكتشاف معادن "السربنتين"، التي تحمل مؤشرات قوية على وجود المياه في العصور السحيقة للكوكب الأحمر، وهو ما قد يعيد رسم تصوراتنا حول قابلية المريخ للحياة في الماضي.


اختراق علمي: نظرة جديدة إلى باطن المريخ

يُعد هذا الاكتشاف جزءًا من مهمة المركبة "بيرسيفيرانس"، التي تعتمد على أداة التحليل الطيفي SHERLOC، المصممة خصيصًا للكشف عن المركبات العضوية وتحليل المعادن على سطح المريخ. ويواجه العلماء تحديات كبيرة عند محاولة دراسة الصخور المريخية، نظراً لتعرضها المستمر للأشعة فوق البنفسجية القاسية والغلاف الجوي المؤكسد الذي يؤدي إلى تحلل المواد المكشوفة بمرور الوقت.

عادةً ما تلجأ فرق البحث إلى استخدام أدوات الحفر أو الكشط لكشف الطبقات الداخلية للصخور، إلا أن التجربة الجديدة اعتمدت على نهج غير تقليدي، حيث تم الضغط على شظايا صخرية صغيرة لتوفير سطح أملس يمكن تحليله بدقة أكبر.


كيف نجح العلماء في "سحق" الصخور؟

بدأت التجربة عندما قامت "بيرسيفيرانس" بالحفر في صخرة سُميت "غرين غاردنز"، والتي تحتوي على نسبة عالية من معدن السربنتين، وهو معدن يرتبط عادة بالتفاعلات الكيميائية بين الماء والصخور الغنية بالمغنيسيوم والحديد. لكن عملية الحفر خلّفت أكوامًا من الشظايا غير المنتظمة، مما جعل تحليلها باستخدام أداة SHERLOC صعبًا.

لحل هذه المشكلة، قرر مهندسو ناسا استخدام جهاز الاستشعار الخاص بالمركبة، وهو جهاز مخصص للكشف عن التلامس مع السطح أثناء عمليات الحفر، للضغط على الشظايا المبعثرة، مما أدى إلى تسطيحها وإنشاء سطح مستقر يمكن تحليله بدقة عالية.


لماذا يُعد السربنتين مهماً في البحث عن الحياة على المريخ؟

يُعرف معدن السربنتين بتكوّنه نتيجة تفاعلات بين الماء والصخور البركانية الغنية بالحديد والمغنيسيوم، وهي عمليات تحدث أيضًا على الأرض وتنتج غاز الهيدروجين، الذي يمكن أن يكون مصدرًا للطاقة للكائنات الميكروبية.

أظهرت التحليلات الطيفية التي أجرتها أداة SHERLOC أن التكوينات الصخرية في "غرين غاردنز" تحتوي على بصمات كيميائية واضحة للسربنتين، ما يشير إلى أن هذه الصخور تعرضت في الماضي لتدفقات مائية قديمة. ويفتح هذا الاكتشاف الباب أمام احتمالية أن المريخ كان يحتوي على بيئات مناسبة لنشوء حياة ميكروبية في العصور الغابرة.


إعادة توظيف الأدوات لتحقيق اكتشافات غير متوقعة

أثبتت هذه التجربة أن إعادة توظيف الأدوات الموجودة على المركبة بطريقة مبتكرة يمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا في طريقة استكشاف المريخ. فجهاز الاستشعار المستخدم لم يكن مصمماً أصلاً لمثل هذه العمليات، لكن فريق "ناسا" وجد طريقة جديدة للاستفادة منه، مما عزز من قدرة المركبة على تحليل الصخور الدقيقة وتحقيق اكتشافات علمية هامة.

ويؤكد هذا الاختراق العلمي أن المرونة والإبداع في استغلال الأدوات يمكن أن يساعد في تجاوز العقبات التقنية، ويفتح آفاقًا جديدة في دراسة الكواكب الأخرى.


ما الخطوة التالية لمركبة "بيرسيفيرانس"؟

ذو صلة

بعد هذا النجاح، تتجه "بيرسيفيرانس" الآن نحو منطقة "ويتش هازل هيل"، وهي منطقة تحتوي على طبقات جيولوجية أقدم، قد تقدم أدلة أكثر تفصيلاً عن تاريخ المياه على المريخ. ويتوقع العلماء أن توفر دراسة هذه الصخور مزيدًا من البيانات التي تساعد في الإجابة على سؤال رئيسي: هل كان المريخ مؤهلاً لاستضافة الحياة في الماضي؟

تُثبت هذه التجربة أن الحلول البسيطة والمبتكرة يمكن أن تقود إلى اكتشافات علمية هائلة، مما يسلط الضوء على أهمية التفكير الإبداعي في مهام الاستكشاف الفضائي.

ذو صلة