ميتا تدعو المؤسسات الإخبارية للمساهمة في تطوير تقنيتها الذكية

2 د
دخول ميتا في محادثات مع مؤسسات إعلامية لاستخدام مقالاتها في تدريب الذكاء الاصطناعي.
شهدت المؤسسات الإعلامية تراجعاً في الزوار بعد توقف تمويلات فيسبوك في عام 2022.
تتنافس ميتا وغوغل على ترخيص المحتوى لدعم تدريب خوارزمياتها الذكية.
الشركات التقنية تواجه تحديات قانونية وأخلاقية لضمان عوائد عادلة للناشرين.
الميزة الحقيقية للذكاء الاصطناعي تعتمد على شراكات عادلة مع الصحفيين والناشرين.
في خطوة لافتة تعكس التحولات السريعة في صناعة الإعلام والذكاء الاصطناعي، دخلت شركة ميتا في محادثات مع مؤسسات إعلامية كبرى مثل "آكسل سبرينغر" و"فوكس كورب" و"نيوز كورب" بهدف استخدام مقالاتها في تدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي الخاصة بها. هذه التطورات تأتي في لحظة حساسة، حيث يشهد عالم التقنية والإعلام شدّاً وجذباً حول مسألة حقوق النشر والملكية الفكرية.
بحسب ما كشفته تقارير صحفية، فإن هذه الخطوة تمثل انعطافة في سياسة ميتا التي كانت قد خفّضت دعمها للمحتوى الإخباري قبل سنوات، بعدما ضخت مبالغ ضخمة في شراكات مع ناشرين كبار لتغذية قسم الأخبار لديها. ومع توقف تلك التمويلات عام 2022، شهدت العديد من المؤسسات الإعلامية تراجعاً حاداً في عدد الزوار الوافدين من منصة فيسبوك. لكن في الأشهر الأخيرة، لاحظ بعض الناشرين مؤشرات على تعافي حركة المرور من المنصة، ما يعيد ملف التعاون إلى الواجهة من جديد.
وهنا يبرز السؤال: هل يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي هو جسر العودة بين شركات التقنية وبيوت الخبرة الصحفية؟
التحرك من جانب ميتا لا يأتي في فراغ، بل يتوازى مع مساعٍ مماثلة من عملاق آخر هو غوغل، حيث تسعى الأخيرة لإطلاق مشروع تجريبي مع نحو عشرين مؤسسة إخبارية لترخيص المحتوى لأغراض متعلقة بالذكاء الاصطناعي. هذه الحرب الباردة على جبهات البيانات والمقالات تؤكد أن المحتوى التحريري أصبح بمثابة الوقود الذي تحتاجه خوارزميات التعلم الآلي كي تصبح أكثر دقة وفاعلية.
وهذا يربط بين خطة غوغل الاستراتيجية وطموحات ميتا في صراع النفوذ حول من يقود ثورة المعرفة الرقمية المقبلة.
ومع صعود شركات مثل Perplexity، التي أطلقت برنامجاً لتقاسم العوائد مع الناشرين مقابل استخدام مقالاتهم في مساعدها الذكي ومتصفحها، تتزايد المطالب بتأمين عوائد عادلة للجهات المنتجة للمحتوى. فبينما يرى البعض أن مشاركة الإيرادات خطوة إيجابية، تتجه مؤسسات صحفية أخرى إلى القضاء لاتهام شركات الذكاء الاصطناعي بانتهاك حقوق النشر. قضية "نيكي" و"الآساهي شيمبون" ضد Perplexity في اليابان مثال حي على هذا النزاع القانوني الذي قد يرسم ملامح مستقبل العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والصحافة.
وهذا يوضح أن التحدي لم يعد تقنياً فقط بل قانونياً وأخلاقياً أيضاً، حيث تحاول شركات التقنية إيجاد صيغة ترضي الجميع وتمنع تفاقم المواجهات.
يبقى السؤال الجوهري: هل ستتمكن شركات الإعلام والتكنولوجيا من صياغة نموذج اقتصادي مستدام يوازن بين الابتكار الرقمي وحماية حقوق النشر؟ من الواضح أن الذكاء الاصطناعي أصبح لاعباً مركزياً في معادلة الإعلام الرقمي، لكن قيمته الحقيقية ستظل مرتبطة بالقدرة على بناء شراكات عادلة مع من يملكون المادة الخام: الصحفيين والناشرين.
وهذا يربط مستقبل تطور الذكاء الاصطناعي بتوافق مصالحه مع صناعة الإعلام التقليدية، إذ لا يمكن لأي طرف أن ينجح دون الآخر.