ذكاء اصطناعي

Neon يصعد في متجر آبل… تطبيق يدفع لك مقابل تسجيل مكالماتك ويبيع صوتك لشركات الذكاء الاصطناعي

مجد الشيخ
مجد الشيخ

3 د

تطبيق Neon يقدم للمستخدمين أرباحًا مقابل تسجيل مكالماتهم وبيعها لشركات الذكاء الاصطناعي.

يثير الجدل حول الخصوصية بمقابل 30 سنتًا لكل دقيقة، وحد أقصى 30 دولارًا يوميًا.

المخاوف تتزايد بشأن تسجيل البيانات واستخدامها بمجالات احتيال صوتي وانتحال شخصية.

تحذيرات من مخاطر التطبيقات على الخصوصية ومعايير الأمان الشخصية دون الإفصاح عن الشركاء المعتمدين.

من كان يتخيّل أن تطبيقاً يدفع للمستخدمين مقابل تسجيل مكالماتهم الهاتفية سيصبح ثاني أكثر تطبيق اجتماعي تحميلاً في متجر آبل بالولايات المتحدة؟ هذا ما فعله تطبيق Neon، الذي يحوّل محادثاتك اليومية إلى سلعة مطلوبة بشدة من قبل شركات الذكاء الاصطناعي.

المثير أن فكرة التطبيق تقوم على وعد مباشر: “شارك صوتك، واحصل على المال”. فبحسب موقعه الرسمي، يدفع التطبيق 30 سنتاً مقابل كل دقيقة اتصال بين مستخدمَين للتطبيق، مع إمكانية الوصول لما يقارب 30 دولاراً كحد أقصى يومياً. بالإضافة لذلك، يعرض مكافآت لكل من يجلب أصدقاء جدد عبر ميزة الإحالة. وهنا يظهر السؤال الكبير: هل القيمة المالية تعوّض بالفعل التضحية بالخصوصية؟

وهذا يقودنا إلى النقطة الأهم: ما مصير هذه التسجيلات بعد جمعها؟


بين الوعود التسويقية والواقع القانوني

وفق شروط الخدمة، تحتفظ الشركة بحق تسجيل المكالمات الصادرة والواردة، لكنها تقول إنها تسجّل طرفاً واحداً فقط ما لم يكن الطرف الآخر أيضاً من مستخدمي Neon. لكن الواقع التقني والقانوني يترك مجالاً واسعاً للتأويل. بعض خبراء الخصوصية مثل المحامية جنيفر دانيلز يشيرون إلى أن تسجيل جانب واحد فقط قد يكون محاولة للهروب من تشريعات التنصت التي تشترط موافقة طرفَي المكالمة.

وهذا يعيدنا إلى الجدل الدائم حول مدى أمان “إخفاء الهوية” الذي تعد به مثل هذه التطبيقات.


مخاطر تتجاوز المستهلك الفرد

يؤكد خبراء الأمن السيبراني أن هذه التسجيلات، حتى لو جرى حذف الأسماء والأرقام، لا تزال تحمل بصمة صوتية مميزة يمكن استغلالها. والنتيجة المحتملة؟ عمليات احتيال صوتية أو انتحال شخصية باستخدام الذكاء الاصطناعي، حيث يمكن خلق نسخة مزيفة لصوتك لتنفيذ جرائم مالية أو خداع معارفك. الأخطر أن التطبيق لا يوضح من هم “شركاؤه الموثوقون” ممن قد تُباع إليهم البيانات الصوتية، ما يجعل الباب مفتوحاً على احتمالات غير محدودة.

وهذا بدوره يعيدنا إلى التجارب السابقة مع تطبيقات جمع البيانات التي أثارت جدلاً واسعاً، بدءاً من فضائح فيسبوك مع برامج المراقبة، مروراً بتطبيقات VPN المريبة، وصولاً إلى تقارير حكومية عن شراء بيانات شخصية من السوق المفتوح.


من الخصوصية إلى المكسب السهل

ورغم التحذيرات، يبدو أن الكثير من المستخدمين يتبنون عقلية “إذا كان سيتم بيع بياناتي على أي حال، فلأربح منها أنا أيضاً”. هذه النزعة البراغماتية تُظهر كيف غيّرت تطبيقات الذكاء الاصطناعي علاقتنا بخصوصيتنا الشخصية. لم يعد البعض يمانع التضحية بسرّيته اليومية مقابل دولارات سريعة. لكن الخطورة تكمن في أن الأمر لا يتعلّق بهم فقط، بل بكل من يتحدثون إليهم أيضاً، من زملاء العمل إلى أفراد العائلة.

ذو صلة

وبهذا تصبح المسألة أبعد من مجرد تطبيق عابر، بل علامة على التحوّل الجماعي في مفهوم القيمة بين الخصوصية والمال.

قصة Neon ليست مجرد خبر عن تطبيق صاعد في متجر آبل، بل هي مرآة تعكس كيف يمكن للسوق أن يُكافئ منتجات تضع الراحة والربح السريع فوق حماية البيانات الشخصية. باختصار، نحن أمام معادلة جديدة: الصوت مقابل المال، لكن الكلفة الحقيقية قد تكون أثقل بكثير من بضعة دولارات يومية.

ذو صلة