Qwen3 من Alibaba: منافس جديد يتفوق على نماذج OpenAI وDeepSeek

قامت شركة علي بابا الصينية بالكشف عن قفزة تقنية جديدة في عالم الذكاء الاصطناعي يوم الإثنين الماضي، وذلك بإصدار سلسلة نماذج ذكاء اصطناعي تحمل اسم "Qwen3". تقول الشركة إن هذه النماذج تتفوق حتى على أفضل ما قدمته الشركات العالمية مثل جوجل وOpenAI في مجالات معينة.

سيكون من السهل قريبًا الحصول على أغلب هذه النماذج وتحميلها عبر منصات تطوير الذكاء الاصطناعي مثل Hugging Face ومنصة GitHub، وهي متوفرة بتراخيص مفتوحة للاستخدام العام. تتراوح أحجام هذه النماذج من 0.6 مليار معلمة وحتى 235 مليار معلمة، وعدد المعلمات هو المقياس التقني الذي يعكس قدرة هذا النموذج الحسابية وقوته في معالجة المشكلات المعقدة، فكلما زاد حجمها زادت قوتها بشكل عام.

تأتي هذه الخطوة ضمن التنافس المحتدم بين الشركات الصينية والشركات الأمريكية في مجال الابتكار التكنولوجي والذكاء الاصطناعي. وقد أثارت نماذج الذكاء الاصطناعي الصينية مثل Qwen موجة من الضغوط على الشركات الأمريكية الكبرى مثل OpenAI لتواصل التقدم أكثر وإنتاج تقنيات أقوى.

وبسبب ذلك، اتخذ صناع القرار الأمريكيون إجراءات تهدف إلى تقييد وصول الشركات الصينية إلى الشرائح الإلكترونية المتقدمة اللازمة لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي هذه.

من الخصائص المثيرة للاهتمام في مجموعة نماذج Qwen3 الجديدة وصف الشركة لها بأنها "هجينة"، أي أنها تعمل بطريقتين: يمكنها التفكير لفترات أطول لتحليل المشاكل المعقدة بدقة عالية، كما يمكنها الرد فورًا على الطلبات البسيطة والسريعة. هذا "الوضع الهجين" يسمح للنموذج بإعادة تفحص نفسه والتأكد من دقة المعلومات التي يقدمها، مع موازنة ذلك بتقديم استجابة أسرع في المهمات الأبسط.

وأوضحت شركة علي بابا في مدونة رسمية أن هذه الميزة الهجينة تعطي المستخدمين تحكمًا أكبر، فهم يستطيعون اختيار مستوى "الميزانية الزمنية" التي يخصصها النموذج للتفكير، وبالتالي يمكنهم تخصيص الأداء وفقًا لاحتياجاتهم.

تعتمد بعض نماذج Qwen3 على نهج يعرف باسم تقنية "Mixture of Experts" أو "مزيج الخبراء"، وهي تقنية تتيح تقسيم المهمة إلى مهام فرعية صغيرة يقوم بها عدد من النماذج الصغيرة المتخصصة، ما يسمح بزيادة الفعالية وتوفير الوقت والموارد.

نماذج Qwen3 الجديدة تدعم نحو 119 لغة مختلفة، وتدربت هذه النماذج على قاعدة هائلة من المعلومات تقدر بنحو 36 تريليون رمز لغوي، ما يوازي مئات المليارات من الكلمات. وتتنوع المواد التي تم تدريب النماذج عليها بين الكتب المدرسية، وأسئلة وإجابات جاهزة، ومقاطع برمجية مكتوبة مسبقًا، ومحتويات أنتجتها نماذج ذكاء اصطناعي أخرى.

وبالفعل، تظهر النتائج الأولية أن نموذج Qwen-3-235B-A22B، وهو الأكبر ضمن المجموعة الجديدة، تفوق بشكل طفيف على نماذج مثل GPT من OpenAI وGemini من جوجل في مهام برمجة معروفة مثل منصة Codeforces، وكذلك في اختبارات رياضية ومنطقية أخرى. إلا أن هذا النموذج الكبير لم يتم توفيره للجمهور بعد.

أما النموذج الأكبر المتاح حاليًا للجمهور وهو Qwen3-32B، فيظهر أداءً مميزًا وينافس نماذج الذكاء الاصطناعي الموجودة في الأسواق. وقد تفوق بالفعل على نموذج o1 من OpenAI في عدد من الاختبارات وخاصة تلك المتعلقة بالبرمجة.

الخبراء يشيرون إلى أن دخول هذه النماذج المفتوحة للسوق يمثل فرصة كبيرة للشركات والاستثمارات المحلية، خاصة في ظل محاولات الولايات المتحدة تضييق الخناق والحد من قدرات الصين في الوصول إلى تقنيات الرقائق الإلكترونية المتقدمة. ويرى العديد من المختصين أن خيارات السوق الآن أصبحت متنوعة بين نماذج مفتوحة يسهل على الشركات تعديلها وتطويرها حسب الحاجة، وبين النماذج المغلقة الأكثر تحكمًا من شركات مثل OpenAI وAnthropic.

في نهاية المطاف، وبالرغم من التقدم الكبير الذي حققته علي بابا وربما الشركات الصينية الأخرى، ما زالت هناك نقاشات مستمرة حول أثر تقنيات الذكاء الاصطناعي المتزايدة على المجتمعات والاقتصاد والسياسات العامة بشكل عام، ولا شك أن مثل هذه الابتكارات تدفعنا جميعاً للاهتمام بشكل أكبر بالجانب التنظيمي والأخلاقي لتلك التقنيات المتقدمة جدًا.