ذكاء اصطناعي

اصطفاف كوني نادر يمنح ناسا نافذة ذهبية لفك أسرار غلاف أورانوس الجوي

اصطفاف كوني نادر يمنح ناسا نافذة ذهبية لفك أسرار غلاف أورانوس الجوي
فريق العمل
فريق العمل

3 د

حقق علماء ناسا فرصة نادرة لدراسة كوكب أورانوس بفضل الاحتجاب النجمي.

شارك أكثر من 30 فلكياً في "حملة ناسا للاحتجاب النجمي لأورانوس 2025".

مكّن حدث الاحتجاب من قياس درجات حرارة وضغط غلاف أورانوس بدقة غير مسبوقة.

الهدف هو جمع بيانات دقيقة تعزز التخطيط لرحلات فضائية مستقبلية إلى أورانوس.

في حدث فلكي استثنائي، استغلت وكالة ناسا الفرصة النادرة التي وفّرها اصطفاف كوكبي مميز لدراسة كوكب أورانوس بتفصيل غير مسبوق، والتعمق أكثر في خصائص غلافه الجوي وحلقاته، وحتى الحرارة الغامضة التي يصدرها هذا الكوكب المثير للاهتمام.


فرصة لا تتكرر لدراسة الغلاف الجوي لأورانوس

في السابع من شهر أبريل عام 2025، تمكن علماء وكالة الفضاء الأمريكية من متابعة ظاهرة نادرة تُسمى "الاحتجاب النجمي"، وهي تحدث عندما يمر كوكب أمام نجم بعيد ويخفي ضوءه لفترة قصيرة. هذا الحدث سمح للعلماء بمراقبة تفاصيل دقيقة عن غلاف أورانوس الجوي، إذ أن مرور ضوء النجم عبر الغلاف الجوي للكوكب جعل الضوء ينكسر ويخفت بشكل تدريجي، مما ينتج عنه منحنى خاص يسميه علماء الفلك "منحنى الضوء".

كانت هذه هي المرة الأولى منذ عام 1996 التي يحصل فيها العلم على فرصة ممتازة كهذه لمراقبة أورانوس بشكل متعمق. وللاستفادة الكاملة من هذا الحدث الفريد، تعاون أكثر من 30 عالم فلك يعملون ضمن 18 مرصداً مختلفاً على امتداد غرب أمريكا الشمالية ضمن مشروع كبير أطلق عليه اسم "حملة ناسا للاحتجاب النجمي لأورانوس 2025".

هذا الجهد الكبير ساعد في رصد معلومات دقيقة للغاية حول بنية الغلاف الجوي وحلقات أورانوس، إضافة إلى تحديد أكثر دقة لمسار الكوكب داخل مداره، وهو ما كان مجهولاً بدقة تزيد على نحو 160 كيلومتراً في السابق.


ما هي طبقة الستراتوسفير وما أهميتها؟

خلال لحظات مرور أورانوس أمام النجم البعيد، تفاعل الضوء القادم من النجم مع طبقة الستراتوسفير الخاصة بأورانوس، وهي طبقة من الغلاف الجوي تقع في الوسط بين الطبقات الجوية العلوية ونظم الطقس في الأسفل. ومن خلال قياس عميق ودقيق لمنحنيات الضوء من عدة مراصد، استطاع العلماء قياس درجات الحرارة والكثافة والضغط على مستويات مختلفة من هذه الطبقة بشكل دقيق.

وقد أوضح الباحث الرئيسي في مركز لانغلي التابع لناسا، ويليام سوندرز، أن "تسجيل بيانات هذه الظاهرة من مواقع متباعدة يسمح لنا بدراسة طبقات متعددة من الغلاف الجوي في الوقت نفسه". تكمن أهمية هذا الأمر في كونه ثاني فرصة من هذا النوع خلال نحو 30 عاماً، وهو ما يمنحنا نافذة نادرة لدراسة هذا الكوكب الجليدي الغامض.


تطوير بيانات ملاحية دقيقة لرحلات مستقبلية إلى أورانوس

لم يكن الحدث مفيداً فقط على مستوى الدراسة الجوية، بل كان أيضاً فرصة مهمة لتحسين فهمنا لمسار أورانوس. فالبيانات الجديدة التي جمعها العلماء ستساعد على توفير إحداثيات دقيقة للغاية عن مدار الكوكب، ما سيكون مهماً للمركبات الفضائية المستقبلية التي قد تتجه نحو أورانوس في العقود المقبلة. وتشير التوقعات الحالية إلى إمكانية إطلاق رحلات فضائية للكوكب في الثلاثينات من هذا القرن.


استعداد وتجارب مكثفة لتحقيق النجاح

نجاح هذا الرصد في أبريل 2025 لم يأت من فراغ، بل كان ثمرة لتخطيط متقن واختبارات عملية خاصة جرت في نوفمبر 2024، وشملت مراصد في اليابان وتايلاند والهند، بهدف ضبط الحسابات الزمنية وتجربة المعدات والأدوات المستخدمة. أدت تلك التجارب التحضيرية إلى تحسين كبير في مستوى دقة عملية رصد الموقع المتوقع لأورانوس، بفارق كبير وصل لـ200 كيلومتر تقريباً، مما انعكس إيجابياً على دقة الرصد الرئيسي في أبريل.


تعاون دولي يبرز أهمية العمل الجماعي

الشابة إيما دال، وهي باحثة ما بعد الدكتوراه من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا (كالتيك)، شاركت أيضاً ضمن فريق العلماء في عملية الرصد من مرصد ناسا للأشعة تحت الحمراء في هاواي، وعبرت عن حماسها قائلة:

ذو صلة

"نحقق أفضل النتائج العلمية عندما نتعاون معاً. الأغلفة الجوية للكواكب الغازية والجليدية مثل أورانوس، توفر لنا فرصة ثمينة لندرس ظواهرها الجوية وتوزيع الغيوم فيها دون أي عقبات أو عوائق من سطح صلب"

وبهذا التعاون الدولي الكبير وجهود التنسيق الدقيقة، تمكّن الباحثون من استغلال فرصة نادرة أعطتها الظاهرة الفلكية، لتمنحنا اليوم معلومات جديدة ومثيرة عن كوكب أورانوس، الذي لا نزال نعرف عنه القليل نسبياً مقارنةً بكواكب أخرى في مجموعتنا الشمسية.

ذو صلة