ذكاء اصطناعي

المٌبدعون يبدعون.. والذكاء الإصطناعي ينسخ! تحديات قانونية وأخلاقية تواجه المستقبل

مجد الشيخ
مجد الشيخ

2 د

تستخدم أنظمة الذكاء الاصطناعي المحتوى البشري دون موافقة أصحابه.

تثير هذه الممارسات قلقاً واسعاً بين الفنانين بسبب حقوقهم الفكرية.

يقترح الخبراء تنظيم قوانين لحماية حقوق المبدعين في مواجهة تطورات الذكاء الاصطناعي.

يشير البعض إلى أن التعلم من الآخرين مشروع عند استخدامه بطريقة قانونية وأخلاقية.

تحقيق توازن حضاري بين الإبداع الإنساني والذكاء الاصطناعي يعد ضرورة.

عندما تسمع أن الذكاء الاصطناعي أصبح شاعراً وموسيقياً وفناناً، قد تتحمس جداً، فهذا يعني أننا نتوجه نحو مستقبل مبتكر تُنتَج فيه الأعمال الإبداعية بضغطة زر واحدة. لكن دعنا نتوقف هنا لحظة: من أين يأخذ الذكاء الاصطناعي هذه المهارات الجديدة؟ ومن صاحب الفضل الحقيقي وراء هذه الأعمال الإبداعية المذهلة؟

حقيقة الأمر أن الأنظمة والبرامج التي تُولّد المحتوى تستند إلى كميات هائلة من الإنتاجات الرقمية التي قدمها البشر من قبل. هذا المحتوى يُجَمع ويُصنّف ويُحلّل، ويتدرب الذكاء الاصطناعي عليه مراراً وتكراراً، حتى يصبح قادراً على صُنع منتجات مماثلة. وهنا تكمن الإشكالية الكبيرة: معظم هذه المواد تُستخدم دون موافقة أصحابها من الفنانين والكتّاب والملحنين أو حتى ذكر حقوقهم، مما يُسبب موجة من الانتقادات الواسعة في الوسط الإبداعي.

وهذا يجعلنا نتساءل: هل يخطف الذكاء الاصطناعي جهود وأفكار المبدعين دون وجه حق؟ في الواقع، من الشعر إلى الرسوم الرقمية، ومن تدوينات المدونين إلى الأفلام الوثائقية، جميعها محتويات توضع على الإنترنت عاماً بعد عام، لتصبح مادة غنية ومجانية لهذه البرمجيات الخوارزمية التي تستخدمها لصناعة محتوى جديد قائم على أنماط وقواعد تم اكتسابها أصلًا من مبتكري هذه الأعمال الأصليين.

وهنا لا بد من طرح تساؤل مشروع: إذا كانت خوارزميات الذكاء الاصطناعي تتغذى على محتوى مأخوذ دون تصريح أو إذن مسبق، ألا يعني هذا استغلالاً لجهد المبدعين بشكل واضح؟ في الحقيقة، يعبر الكثير من الفنانين عن قلقهم تجاه ما يحدث، مؤكدين أن التجاهل الواضح لحقوقهم الفكرية يمكن أن يولّد أزمات قانونية وأخلاقية عديدة ويقدم نماذج غير عادلة من المنافسة في الساحة الإبداعية.

ذو صلة

وفي ضوء هذه الجدلية، يقترح العديد من الخبراء والمهتمين طرقاً لحماية الفنانين والمبدعين. من بينها مثلاً، ضرورة وجود آليات قانونية تحكم استخدام محتوى المبدعين في بناء البيانات الخاصة بأنظمة الذكاء الاصطناعي، وربما يتطلب الأمر في المستقبل دفع تعويضات مالية أو على الأقل تقديم إشارات واضحة إلى أصحاب هذه الأعمال. من جهة أخرى، يرى بعض المؤيدين للذكاء الاصطناعي أن الابتكار قائم دومًا على التراكم المعرفي وأن عملية التعلم من الآخرين مشروعة إذا أُحسن استخدامها بطريقة أخلاقية وقانونية.

ختاماً، ورغم الحماس الكبير تجاه عالم الذكاء الاصطناعي وما يمكن أن ينجزه من ابتكارات مدهشة، لا بد من تعزيز الوعي بحقوق أصحاب الإبداع الأصليين ووضع أُطر واضحة لتنظيم العلاقة بين الإنسان والآلة. وربما يكمن التوازن المثالي في توفير مناخ إبداعي تشاركي يحفظ للمبتكر حقه ويتيح للآلة صناعة محتوى مميز بشكل قانوني ومقبول. هذا التوازن – إذا تحقق – يمكن أن يرسي قواعد متينة لضمان حقوق المبدعين وتشجيع الإبداع في آن معاً.

ذو صلة