ذكاء اصطناعي

بطارية بمعدة ذكية… تٌنقي المياه الملوثة وتولّد طاقة نظيفة في آن واحد

بطارية بمعدة ذكية… تٌنقي المياه الملوثة وتولّد طاقة نظيفة في آن واحد
مجد الشيخ
مجد الشيخ

3 د

ابتكر فريق هندي بطارية تولد الطاقة وتنقي المياه الصناعية.

تعتمد البطارية الزنك-هواء المعدلة على محفز كربوني بدلاً من المحفزات المعدنية النادرة.

ينتج بيروكسيد الهيدروجين ويتفاعل مع الملوثات الصناعية لتحييدها.

تتميز التقنية الجديدة بأنها صديقة للبيئة ومنخفضة التكلفة وقابلة للتوسع.

يمكن استخدام البطاريات في المناطق الريفية لتنقية المياه وتوفير الطاقة.

من كان يتصور أن البطارية التي نستخدمها عادة لتشغيل الأجهزة وتخزين الطاقة قد يصبح بإمكانها أيضًا المساهمة في تنظيف مياه المصانع من المواد الكيميائية السامة؟ هذا ما نجح في تحقيقه فريق بحثي من الهند، في تطوير لافت قد يغير مسارات إنتاج الطاقة ومعالجة المياه الصناعية بشكل كامل.


تقنية جديدة لبطارية قديمة.. إليك التفاصيل

قام فريق من الباحثين في "المعهد الهندي للعلوم" (IISc) بإعادة تصميم بطارية الزنك-هواء (Zinc-Air Battery)، وهي تقنية تُستخدم فيها مادة الزنك كقطب سالب (أنود)، والهواء المحيط كقطب موجب (كاثود)، لصنع نوع جديد من الأنظمة التي لا تكتفي بتوليد الطاقة وتخزينها فحسب، بل تقوم أيضًا بإنتاج مادة "بيروكسيد الهيدروجين" (H₂O₂) كمادة ثانوية أثناء عملية التشغيل.

من المعروف أن بطاريات الزنك-هواء كانت موضع أبحاث علمية لسنوات طويلة، بعد أن أُعتُبِرَت بديلًا اقتصاديًا وفعالًا من حيث كثافة الطاقة مقارنة ببطاريات الليثيوم التقليدية التي نستخدمها اليوم في مختلف أجهزتنا وأنظمة الطاقة.


كيف تعمل هذه الفكرة الجديدة؟

تعمل هذه البطارية المعدلة من خلال تفاعل كيميائي محسوب بدقة، يقوم بتحويل الأكسجين الموجود في الهواء الخارجي إلى مادة بيروكسيد الهيدروجين بشكل مباشر، بدلًا من إنتاج الماء كما كان يحدث عادة في بطاريات الزنك-هواء التقليدية. وتمكن العلماء من تحقيق هذا الأمر المهم عبر الاستعانة بمادة محفزة جديدة، عبارة عن الكربون المعدّل كيميائيًا، بدلًا من اعتماد المحفزات المعدنية التقليدية الغالية الثمن أو النادرة.


تنظيف المياه من الملوثات الصناعية

لكن كيف يمكننا الاستفادة عمليًا من إنتاج بيروكسيد الهيدروجين خلال عملية تشغيل البطارية؟

اكتشف العلماء أن هذه المادة التي تنتجها البطارية يمكنها التفاعل بسهولة مع ملوثات المصانع وخاصةً الأصباغ الكيميائية السامة التي تنتجها مصانع النسيج بكميات ضخمة، وهي مواد يصعب التعامل معها عادةً. عند تفاعل بيروكسيد الهيدروجين مع هذه الأصباغ الخطرة، فإنه يقوم بتكسيرها كيميائيًا وإزالة ألوانها، مما يؤدي تدريجيًا إلى القضاء التام على تأثيراتها السامة والضارة.

أوضح الباحث أسوتوش بيهيرا، الذي قاد الفريق البحثي، أن بيروكسيد الهيدروجين ينتج عنه أيضًا مواد نشطة جدًا تسمى الجذور الحرة، مثل الجذور الهيدروكسيلية التي تساعد على تفكيك وتحييد هذه الملوثات بشكل فعال وآمن.


مميزات بيئية واقتصادية واعدة

هذه الطريقة الجديدة التي اقترحها المعهد الهندي للعلوم لتصنيع بيروكسيد الهيدروجين، تتفوق بشكل واضح على الأساليب التقليدية التي تعتمد على عملية تُسمى "الأنتراكينون"، وتحتاج هذه الطريقة التقليدية للكثير من الطاقة وتعتمد على معادن نادرة مرتفعة الثمن، مثل البلاديوم والبلاتين، ولها انبعاثات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون.

تتميز الطريقة الجديدة بأنها تستخدم عناصر بسيطة ومتوفرة بسهولة مثل الزنك والأكسجين الموجود في الهواء، مما يجعلها أسلوبًا صديقًا للبيئة ومنخفض التكلفة وقابلًا للتوسع السريع في الصناعات المختلفة. في هذا السياق أكد البروفيسور أنيندا باتاتشاريا، المشرف على هذه الدراسة، أن هذه الطريقة سهلة التطبيق، وتعتبر صديقة للبيئة ومستدامة اقتصاديًا على المدى الطويل.


توسيع الآفاق نحو استخدامات متعددة للبطاريات

لا تقتصر الفائدة من هذه التقنية الجديدة على تنظيف مياه المصانع والصناعات فقط، بل يفتح هذا الابتكار المجال أمام استخدام أنواع متعددة من البطاريات كمفاعلات كيميائية أيضًا. فعلى سبيل المثال، هذه البطاريات يمكن أن تُستخدم في المناطق الريفية والمناطق البعيدة غير المتصلة بشبكات الكهرباء، بحيث توفر الطاقة اللازمة وتشغل في الوقت ذاته أنظمة لتنقية المياه وتعقيمها.

ذو صلة

كما أن مادة بيروكسيد الهيدروجين نفسها مطلوبة في قطاعي الطب والصحة لتعقيم المعدات وفي صناعات أخرى مثل المنسوجات والمعالجة الصناعية، وهو ما يجعل هذه البطارية الجديدة جذابة للعديد من القطاعات المختلفة.

أخيرًا، لا يمكن إغفال حقيقة أن هذا الابتكار يندرج ضمن الموجة العالمية من إعادة التفكير في كيميائية البطاريات القديمة، وتطوير الطرق المبتكرة التي تحول النواتج الثانوية غير المرغوبة إلى منتجات مفيدة ذات فائدة حقيقية عبر الصناعات العديدة، مما يفتح الباب لمزيد من التقدم بمجالات التكنولوجيا النظيفة والاقتصادية في المستقبل.

ذو صلة