ذكاء اصطناعي

دراسة بريطانية: شباب اليوم يتمنون الأمس قبل الإنترنت

دراسة بريطانية: شباب اليوم يتمنون الأمس قبل الإنترنت
مجد الشيخ
مجد الشيخ

3 د

حوالي نصف الشباب البريطانيين يفضلون العيش بدون إنترنت تمامًا.

يشعر 70٪ من الشباب بمشاعر سلبية بعد استخدام وسائل التواصل لفترات طويلة.

يؤيد 50٪ من المشاركين فرض "حظر رقمي" بعد العاشرة مساءً للحد من الإدمان.

تدرس الحكومة البريطانية إمكانية فرض قيود مسائية على بعض المنصات الرقمية.

تظهر النتائج قلقًا متزايدًا حول الأمان الرقمي والسلامة النفسية للشباب.

هل يمكنك تخيل حياتك بدون إنترنت؟ لطالما كان هذا السؤال بعيداً عن الواقعية بالنسبة للكثيرين، خاصة بين أوساط الجيل الشاب الذي نشأ مع الهواتف والتطبيقات. لكن مؤخراً، استطلاع رأي جديد أُجري في بريطانيا قدّم نتائج مثيرة للاهتمام وجعلت هذا السؤال أكثر واقعية: حوالي نصف الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و21 عاماً يفضلون العيش في عالم خالٍ تماماً من الإنترنت.

تبدو النتائج ملفتة، إذ إن 46% من المشاركين في الاستطلاع يفضلون قضاء شبابهم في زمن خالٍ من التطبيقات ووسائل التواصل. كما أبدى حوالي 70% من الشباب شعوراً سلبياً بعد جلسات طويلة تقضى في تصفح منصات التواصل الاجتماعي. ويبدو أن هذه النسبة تعكس حالة من الوعي المتزايد بمخاطر الإدمان الرقمي وتأثيراته السلبية على حياتهم وصحتهم النفسية.

وهذا الاهتمام المتزايد دفع نصف المبحوثين (50%) إلى تأييد قرار فرض "حظر رقمي" أو ما يسمى "حظر التجوال الإلكتروني" ما بعد العاشرة مساءً. هذا الإجراء التنظيمي من شأنه تقييد استخدام تطبيقات مثل تيك توك وإنستغرام في ساعات المساء، بهدف الحد من الإدمان الرقمي وتأثير المحتوى الضار خلال ساعات الليل.

وتأتي هذه النتائج بالتزامن مع تصريحات وزير التقنية البريطاني بيتر كايل، الذي ألمح مؤخراً إلى توجه حكومي نحو دراسة إمكانية فرض حظر مسائي على بعض المنصات الرقمية الشهيرة، مثل تيك توك وإنستغرام. إلا أن خبراء منهم راني جوفيندر، مديرة السياسات لحماية الأطفال إلكترونياً في الجمعية الوطنية لمنع العنف ضد الأطفال "NSPCC"، أكدت أن الحظر الرقمي وحده غير كافٍ. إذ يمكن للأطفال التعرض للمحتوى الضار في مختلف أوقات النهار وليس المساء فقط، مطالبة بمزيد من التنظيم والمعالجة الجذرية للمشكلة.

وبينما التقنيات تواصل تطورها، يشير الاستطلاع إلى أن السلوكيات الرقمية عند المراهقين والشباب في المملكة المتحدة يشعرهم بالقلق. وجدت الدراسة أن 42% من المشاركين قد كذبوا بشأن أعمارهم أثناء استخدام الإنترنت، وأن 40% لديهم حسابات وهمية أو احتياطية، والمعروفة باسم "حسابات الاحتراق"، فيما اعترف 27% بأنهم يتقمصون شخصيات وهمية تماماً. بالإضافة إلى ذلك، أفاد 27% بأنهم يشاركون مواقعهم على الإنترنت مع غرباء، وهو ما يعرض سلامتهم وأمانهم الرقمي للخطر.

في الوقت نفسه، أدى وباء كورونا إلى زيادة حادة في الوقت الذي يمضيه الشباب متواجدين في العالم الافتراضي، حيث أكّد ثلاثة أرباع المبحوثين أنهم أمضوا وقتاً أطول على الإنترنت منذ الجائحة، وأقرّ حوالي 68% بأن بقاءهم المتزايد على الشبكة كان له أثر سلبي واضح على صحتهم النفسية.

ذو صلة

ودفع هذا الاتجاه السلبي بخبراء كثر من القطاعَين الحكومي والاجتماعي للمطالبة باتخاذ إجراءات عاجلة لتقنين محتوى وسائل التواصل الاجتماعي، حيث طالب آندي بوروز، المدير التنفيذي في مؤسسة "مولي روز" الخيرية للوقاية من الانتحار، شركات التكنولوجيا بالتحرك للحد من مخاطر المحتوى الموجه للشباب عبر الخوارزميات. وقال بوروز أن فرض قوانين واضحة لحماية الشباب تفرض على الشركات مسؤولية تصميم المحتوى بصورة آمنة أمر بات ضرورياً وعاجلاً.

في النهاية، نتائج هذا الاستطلاع تفتح الباب أمام نقاش واسع بين الجميع حول مستقبل علاقتنا بالفضاء الافتراضي. ومن المفيد ربما في المقال المقبل أن نستخدم كلمة مثل "التفاعل الرقمي الواعي" بدلاً من "الإدمان الرقمي"، أو نعزز النص بجمل توضيحية إضافية تربط بين مضار الإفراط في الإنترنت والأزمات النفسية، لمنح القارئ رؤية أوضح لعمق المسألة وأبعادها. فقد يراها الكثيرون فرصة لإعادة تقييم علاقاتنا اليومية بهذه التكنولوجيا، والبحث عن مساحات أكثر أماناً وصحة داخل العالم الذي ساهمنا جميعاً في تأسيسه افتراضياً.

ذو صلة