زوكربيرغ: الذكاء الاصطناعي قد يحل مكان بعض المهندسين في Meta

3 د
مارك زوكربيرغ يعلن عن قدرات الذكاء الاصطناعي لإنجاز مهام بعض المهندسين في ميتا.
الذكاء الاصطناعي يمكن أن يقوم بعمل مهندس برمجيات متوسط المستوى بحلول 2025.
تتيح هذه التقنيات لفِرق صغيرة التركيز على الأفكار المبتكرة بجودة عالية.
المفهوم الجديد "برمجة الفايب" يصف البرمجة البسيطة بالتواصل مع نماذج الذكاء الاصطناعي.
التحديات تشمل "هلوسات" الذكاء الاصطناعي واحتمالية الفجوات الأمنية في البرمجيات.
بينما يتقدم عالم الذكاء الاصطناعي بسرعة مذهلة، خرج علينا مارك زوكربيرغ، مؤسس ميتا (فيسبوك سابقًا)، ليقول إن الذكاء الاصطناعي قريبًا قد ينجز مهام بعض المهندسين في الشركة بنفسه. فما الذي يعنيه هذا التحول الكبير، وكيف يؤثر على طريقة تأسيس وإدارة شركات التكنولوجيا اليوم؟
في حديثه الأخير بمؤتمر ستراب سشنز، أشار زوكربيرغ إلى أن الوضع اختلف كثيرًا عما كان عليه قبل عشرين عامًا. فمن يريد بدء شركة تقنية اليوم لم يعد بحاجة لبناء جميع القدرات من الصفر داخل شركته، بل يستطيع الاعتماد على منصات ذكاء اصطناعي متطورة تتيح التركيز على جوهر الفكرة الأساسية، وتخفيض الاعتماد على فرق كبيرة من المهندسين. وأوضح أن هذه التقنية ستتيح لفِرق صغيرة لكنها مبدعة التركيز الكامل على تطوير أفكار مبتكرة بجودة عالية، مما يعد ثورة حقيقية في عالم ريادة الأعمال.
وترتبط رؤية زوكربيرغ بطموحات أكبر وأشمل لدى شركات التكنولوجيا العملاقة الأخرى؛ فقد تحدث بنفسه عن قرب امتلاك منصة ميتا وغيرها من الشركات الرائدة، بحلول عام 2025، أنظمة ذكاء اصطناعي بمقدورها القيام بعمل مهندس برمجيات من المستوى المتوسط، كتطوير البرامج وكتابة الأكواد البرمجية. لكن هذه القدرة الجديدة تأتي مصحوبة بتحديات محتملة، مثل أخطاء من نوع "هلوسات"، وهي أنماط خاطئة أو نتائج غريبة قد يقدمها الذكاء الاصطناعي في بعض الحالات، بالإضافة إلى احتمالية حدوث فجوات أمنية في البرامج إذا لم تتم مراجعتها بصورة دقيقة من قبل خبراء بشريين.
وهذا التوجه الكبير نحو الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في البرمجة، أطلق عليه مفهوم جديد يعرف بـ"برمجة الفايب" (Vibe Coding)، الذي ابتكره أندريه كارباثي، الشريك المؤسس لأوبن إيه آي، حين وصف كيف أنه أثناء تطوير التطبيقات صار مبرمج اليوم يكتفي بالتواصل مع نماذج الذكاء الاصطناعي ووصف ما يريد، دون الانشغال كثيرًا بالتفاصيل التقنية المعقدة. ويبدو أن هذا النوع من البرمجة البسيطة والواضحة بدأ يلقى انتشاراً واسعاً في وادي السيليكون.
كما أكد جاري تان، المدير التنفيذي لمنصة واي كومبيناتور الرائدة في مجال دعم الشركات الناشئة، الاتجاه نفسه موضحًا أن الشركات الناشئة باتت قادرة على الوصول لإيرادات مليونية بأقل من عشرة موظفين فقط، وهذه ظاهرة جديدة وغير مسبوقة في عالم الاستثمار التكنولوجي. بهذا الشكل، لم يعد رائد الأعمال بحاجة لفريق ضخم من المبرمجين، حيث أصبح بإمكانه ببساطة محاورة نظام ذكاء اصطناعي متقدم لإنجاز مشروعه بسرعة وكفاءة، ما يرفع من إنتاجية الشركات الناشئة بشكل استثنائي.
وبالطبع ليست ميتا وحدها من سار على هذا النهج، فشركات كبرى مثل جوجل وأوبن إيه آي وشوبيفاي بدأت فعليًا إدخال الذكاء الاصطناعي ضمن عملياتها الأساسية، وأعلنت جوجل في تصريحات رسمية لرئيسها التنفيذي سوندار بيتشاي أن الذكاء الاصطناعي يقوم بكتابة أكثر من ربع الأكواد الجديدة، ما يسهم في تسريع عمليات التطوير وتحسين كفاءة فرق العمل لديهم.
وبينما تتسارع وتيرة هذا التطور الكبير، حَوّل مارك زوكربيرغ عام 2023 إلى "عام الكفاءة" لشركة ميتا، وهو نهج اتبعته أيضًا شركات أخرى للتعامل بذكاء مع الموارد، مع الاستغناء عن آلاف الوظائف على مدار العام الماضي والتركيز على فرق عمل أصغر تؤدي مهاماً أكثر إنتاجية وجودة.
إذاً، يبدو مفهوم توظيف الذكاء الاصطناعي في مهام البرمجة لدى "ميتا" وغيرها من عمالقة التكنولوجيا ليس مجرد ظاهرة عابرة، بل تغيير استراتيجي وجذري قد يجعلنا نعيد النظر في مستقبل الوظائف وأساليب الإدارة وتطوير المنتجات. ومع أن هذا التقدم يحمل فرصًا رائعة، لكن من الضروري أيضًا أن تكون الشركات حذرة من المبالغة في الاعتماد عليه؛ فلا غنى عن دور المهندس البشري المتخصص الذي يراجع ويحدث الأنظمة باستمرار لتجنب فعليًا بروز مشاكل فنية أو أمنية قد يغفل عنها الذكاء الاصطناعي وحده. ولعل الاهتمام بتوازن دقيق بين الآلة والعنصر البشري سيكون هو مفتاح النجاح في هذه المرحلة الفارقة من تاريخ التكنولوجيا.