زيرو إي من إيرباص: طائرات المستقبل تحلّق بلا وقود، بل بالهيدروجين!

3 د
تستعد "إيرباص" لإطلاق طائرة "زيرو إي" التي تستخدم الهيدروجين كوقود.
يُنتج طاقة الهيدروجين بخار الماء فقط، مما يقلل الانبعاثات الضارة.
البطاريات غير مستدامة بيئياً، لذا تحول الاتجاه نحو وقود الهيدروجين.
يشمل التحدي تخزين الهيدروجين السائل في درجات حرارة منخفضة للغاية.
من المتوقع أن تصل الطائرة لإنتاج تجاري كامل بحلول عام 2030.
تستعد صناعة الطيران لقفزة نوعية مذهلة نحو مستقبل أكثر استدامة وصديق للبيئة، بعد إعلان شركة "إيرباص" الأوروبية العملاقة عن إطلاق طائرتها الحديثة "زيرو إي" (ZeroE)، التي تُعدّ أول طائرة في العالم تستخدم الهيدروجين كوقود بدلاً من الوقود الأحفوري التقليدي.
ما هي "زيرو إي".. وكيف تعمل؟
بالتأكيد تساءلت يوماً عن إمكانية إطلاق طائرات تعمل بالطاقة النظيفة، بعيداً عن التلوث والانبعاثات الضارة التي تتسبب بها وسائل النقل الجوي الحالية. مع طائرة "زيرو إي"، يبدو أن هذا التساؤل أصبح واقعاً ملموساً، حيث تستخدم هذه الطائرة وقود الهيدروجين لإنتاج طاقة لتحريك محركاتها. وعندما يحترق الهيدروجين فإنه ينتج بخار الماء فقط، من دون أية انبعاثات كربونية ضارة بالبيئة.
والهيدروجين كوقود ليس فكرة جديدة بالكامل؛ فقد ظهرت تقنية السيارات التي تعتمد عليه في السنوات الأخيرة وحققت نجاحاً ملحوظاً. لكن التحدي الصعب بالنسبة لصناعة الطيران تمثل دائماً في تكييف هذه التقنية مع احتياجات الطائرات، نظراً للطلب الضخم على الطاقة وطول الرحلات الجوية.
الابتعاد عن البطاريات.. لماذا؟
كانت "إيرباص" سابقاً تركز بشكل كبير على تطوير طائرات تعمل بالطاقة الكهربائية، وهو ما يعني الاعتماد على بطاريات الليثيوم. إلا أن دراسة الشركة الموسعة في هذا المجال، كشفت أن إنتاج واستخراج الليثيوم يتطلب عمليات معقدة وطويلة الأمد، ولها آثار كبيرة على البيئة. ذلك ما دفع عملاقة الطيران الأوروبية للبحث عن بديل أفضل وأكثر استدامة، وكان الهيدروجين أحد الحلول التي برزت بوضوح.
كيف يُنتج الهيدروجين بطريقة نظيفة؟
قد يظن البعض أن إنتاج الهيدروجين ذاته يعد ملوثاً، لكن في الواقع يمكن إنتاجه من مصادر طاقة نظيفة مثل الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح. ومن هنا تأتي الميزة الحقيقية لهذا الوقود الجديد، حيث يصبح تأثيره البيئي محدوداً للغاية، خصوصاً إذا تم إنتاجه من خلال الطاقات المتجددة.
ما هي التحديات والعقبات التي تواجه "زيرو إي"؟
بالرغم من إيجابيات استخدام الهيدروجين كوقود للطائرات، إلا أن هناك بعض التحديات الكبيرة، من ضمنها تخزين الهيدروجين السائل، حيث يجب الاحتفاظ بالهيدروجين تحت درجات حرارة منخفضة للغاية. الأمر الذي يستدعي تطوير بنية تحتية جديدة بالكامل وتوفير استثمارات ضخمة في منشآت خاصة تضمن عمليات تخزين وإمداد آمنة للمطارات حول العالم.
خطوات متقدمة في طريق إنجاح المشروع
على مدى الأشهر الماضية، أجرت إيرباص عدداً من التجارب والاختبارات الأرضية على أنظمة تعتمد على الهيدروجين السائل، وحققت نتائج مبدئية واعدة. ومن خطوات النجاح اللافتة في التجارب الأخيرة، نجحت الشركة في تجربة تحليق أولية للطائرة باستخدام حرق الهيدروجين، وتأكدت خلالها من فاعلية أنظمتها الجديدة دون مشاكل تذكر.
والشركة اليوم تركز على ضمان أمن وسلامة الركاب والطواقم الجوية من خلال تصميم "خزانات معزولة متعددة الطبقات"، لحفظ الهيدروجين واستقراره في ظروف آمنة حتى أثناء التحليق. كما أنها لن تتوقف هنا؛ إذ تتحرك حاليًا للتعاون مع مختلف الجهات الدولية من أجل ضمان تطوير البنى التحتية اللازمة للتزود بالوقود الهيدروجيني حول العالم.
متى سنرى الطائرة "زيرو إي" تحلق حول العالم؟
وفق خطط إيرباص، فمن المتوقع أن تصل طائرة "زيرو إي" إلى مرحلة الإنتاج التجاري الكامل بحلول عام 2030. وهو موعد ليس بعيدًا جدًا ضمن المقاييس التقنية، خصوصاً إذا أخذنا بعين الاعتبار ضخامة التحديات والأنشطة التي يتوجب إنجازها. وتسعى الشركة لأن تصبح بذلك رائدة في مجال النقل الجوي النظيف على المستوى العالمي.
في النهاية، لا شك أن هذه الخطوة من إيرباص تمثل تحولاً جوهرياً قد يغير ملامح السفر الجوي مستقبلاً. وسواء نجحت هذه التقنية في احتلال السماء بسرعة أم لا، إلا أن الواضح أن قطاع الطيران يقف اليوم أمام مفترق طريق جاد، من أجل مستقبل أفضل للبيئة وللأجيال القادمة.