ضربة فضائية موجعة لسبيس إكس: شركة أميركية تطلق 250 قمرًا صناعيًا دفعة واحدة وتكتب التاريخ

4 د
تخطط شركة SpinLaunch لإطلاق 250 قمرًا صناعيًا دفعة واحدة، متجاوزة سجل SpaceX السابق.
قررت الشركة استخدام صواريخ تقليدية مؤقتًا لتسريع إدخال أقمار Meridian Space للخدمة.
تُعِد الكوكبة الجديدة لتحقيق إنترنت عالي السرعة بجودة تفوق الحلول الحالية بكثير.
يهدف نظام الإطلاق الحركي لتخفيض الكلفة والأضرار البيئية بإطلاق الأقمار دون وقود تقليدي.
يثير إعلان SpinLaunch حماسة وتحديات تتعلق بتجنب التصادمات والمخلفات الفضائية الممكنة.
تستعد الساحة الفضائية لمنافسة كبيرة بعد إعلان شركة "SpinLaunch" الأمريكية عن مشروعها الطموح لإطلاق كوكبة مكونة من 250 قمرًا صناعيًا دفعة واحدة، في خطوة من شأنها أن تتجاوز الرقم القياسي الحالي المسجل باسم شركة "سبيس إكس" التي حققت عام 2021 إنجازًا لافتًا بإرسال 143 قمرًا صناعيًا في مهمة واحدة.
فهل بدأت بالفعل مرحلة جديدة من السباق نحو الفضاء؟ وكيف ستؤثر هذه الخطوة على مستقبل تقنيات الاتصالات والبث الفضائي؟
لقاء بين التقنية التقليدية والابتكارات الثورية
بالرغم من أن شركة SpinLaunch اشتهرت بشكل رئيسي بتقنيتها المبتكرة لإطلاق الأقمار الصناعية التي تعتمد على استخدام قوة الدفع الحركية الناتجة عن تقنية الطرد المركزي، قررت الشركة -لأسباب عملية- أن تبدأ استخدام صواريخ الإطلاق التقليدية في المرحلة الأولى من هذا المشروع الطموح. وقد أثار هذا القرار تساؤلات في قطاع الفضاء عن سبب هذه الخطوة، وهل هي تنازل مؤقت أم تحول استراتيجي؟
دافيد ورين، الرئيس التنفيذي لشركة SpinLaunch، أوضح أن الاعتماد على الصواريخ التقليدية هو خطوة مؤقتة تساعدهم في تسريع دخول أقمار "Meridian Space" للخدمة مبكرًا، مع استمرار العمل في تطوير تقنيتهم الفريدة القائمة على القوة الحركية. بهذا تتبع الشركة مسارين متوازيين يسمح كلٌّ منهما بتخفيف المخاطر وتسريع عملية الابتكار وإثبات نجاح المشروع بشكلٍ مبكّر.
تفاؤل كبير بعصر جديد من خدمات النطاق العريض
كوكبة الأقمار الجديدة التي تحمل اسم "Meridian Space"، سوف تؤمن حسب وعود القائمين عليها خدمات إنترنت ذات نطاق عريض بجودة وسرعة فائقة تفوق بكثير ما تقدمه الحلول الحالية.
وفي تصريحاته، أكد إيريك لي، رئيس قطاع الدفاع والفضاء في شركة Kongsberg، التي دخلت في شراكة مع SpinLaunch بتمويل بلغ 12 مليون دولار، أن هذه الكوكبة ستوفر إمكانيات هائلة وواسعة النطاق لتلبية الطلب المتزايد على الاتصالات الفضائية.
من ناحية أخرى، أكد دافيد ورين في مداخلته أن التعاون مع شركة NanoAvionics لتصنيع الأقمار الصناعية الصغيرة (ميكروساتيلايت) ساهم في إيجاد بنية مستقرة وموثوقة قابلة للتوسع بشكل سلس سريع وفعّال.
الطموح نحو تقنية فريدة بكلفة أقل وأضرار بيئية محدودة
ورغم استخدامها مؤقتًا للصواريخ التقليدية، تظل الشركة متمسكة بهدفها النهائي المتمثل في الاستفادة من منصتها المبتكرة المعروفة باسم نظام الإطلاق الحركي Kinetic Launch، وهو نظام أثبت فعاليته من خلال اختبارات سابقة عام 2022 مع وكالة ناسا، إذ نجح الجهاز في إطلاق شحنات بسرعة تصل إلى 5 آلاف ميل في الساعة.
هذا النظام يستفيد من تقنية دوران عالية السرعة لدفع الأقمار الصناعية إلى الارتفاعات المطلوبة دون الاعتماد على وقود الصواريخ التقليدي، وهو ما يوفر مبالغ ضخمة في ميزانية الإطلاق ويحمي البيئة من انبعاثات وفضلات الوقود التقليدية.
المجتمع العلمي بين التشكيك والتأييد
فور إعلان SpinLaunch عن مخططها لإطلاق 250 قمرًا صناعيًا، تباينت ردود الأفعال وتنوعت بين الإشادة بالإبداع الجريء والتحفظ بسبب إدخال الصواريخ التقليدية خلال مرحلة أولى من التنفيذ.
على سبيل المثال، أشار إريك بيرغر، الخبير في شؤون الفضاء في موقع Ars Technica، إلى الشكوك المحيطة بهذه الخطوة المؤقتة متسائلًا عما إذا كانت مجرد تكتيك وقتي أم تعكس تحديات حقيقية تواجه الشركة في استخدام التقنية الحركية حتى الآن. غير أن ورين علّق مؤكدًا أن هذا القرار يتسم بالواقعية والمرونة ولا يعني تراجعًا عن تطلعاتهم الأصلية.
الفرصة والتحديات مع اقتراب موعد الإطلاق
وبينما تترقب الأوساط العلمية والتجارية إطلاق أول دفعة من أقمار Meridian Space خلال العام المقبل، يزداد الحماس لمعرفة نتائج هذه الخطوة الجريئة، وهل ستتمكن SpinLaunch بالفعل من تخطي سجل SpaceX الناجح.
لكن هذا المشروع الواعد ليس خاليًا من المخاطر، فإطلاق هذا العدد الكبير من الأقمار مرة واحدة يثير تساؤلات فنية وتقنية حول كيفية تجنّب احتمالية الاصطدام أو خلق المزيد من المخلفات الفضائية.
وعلى الرغم من هذه الشكوك، فإن الشركة أثبتت بالفعل قدرتها سابقًا في تعاونها مع جامعة ولاية بورتلاند على تطوير أجهزة قادرة على تحمل قوى الجاذبية العالية الناتجة عن نظامها الحركي، ما يجعل الأنظار تتجه إليها بتفاؤل كبير نحو المستقبل وقدرتها على إحداث نقلة نوعية.
وأخيرًا، قد يبدو الوقت مبكرًا للحكم على نجاح SpinLaunch ومشروعها Meridian Space، إلا أن المؤكد حقًا أن هذه الخطوة الجريئة من شأنها أن تحفز المنافسة والإبداع، وتعزز الجهود المبذولة في تحسين الكفاءة والاستدامة في قطاع الفضاء على المستويين البيئي والاقتصادي. فهل نشهد قريبًا مرحلة جديدة من منافسة حاسمة في هذا المجال الممتع؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة.