ذكاء اصطناعي

عذرًا ترامب… مصير تيك توك تقرّره بكين لا واشنطن

فريق العمل
فريق العمل

4 د

لا تزال الصين تحتفظ بالسيطرة على خوارزمية "تيك توك"، مما يعقّد مساعي البيع أو الفصل الكامل عن الشركة الأم ByteDance.

عرضت شركات أمريكية مثل أمازون وBlackstone اهتمامها بالاستحواذ على "تيك توك"، لكن دون حلول واضحة لمسألة الخوارزمية.

يستخدم الرئيس ترامب ملف "تيك توك" كورقة تفاوض في حربه التجارية مع الصين، مهدداً ومتباطئاً في آن معاً.

يضعف غياب سياسة أمريكية واضحة لتنظيم المنصات الرقمية حجج الأمن القومي ويجعل القرار الحقيقي في يد بكين.

رغم التصعيد الأميركي ومحاولات الضغط المتواصلة، يبدو أن مصير تطبيق "تيك توك" في الولايات المتحدة ليس في يد البيت الأبيض، بل في بكين. فعشية الموعد النهائي الذي حددته واشنطن لتجريد التطبيق من تبعيته لشركته الأم الصينية ByteDance أو حظره نهائياً داخل البلاد، لا تزال الصورة غامضة، ويدور في الكواليس سباق محموم لمحاولة الوصول إلى صفقة ترضي جميع الأطراف—لكن الكلمة الفصل على ما يبدو ستظل للصين.


عروض اللحظة الأخيرة: شركات أمريكية تسعى لشراء "تيك توك"

في الأيام القليلة الماضية، تكثفت محاولات اللحظة الأخيرة لشراء التطبيق، حيث دخلت شركات ضخمة مثل Amazon، وشركة الاستثمار Blackstone، وحتى Andreessen Horowitz حلبة المنافسة للاستحواذ على "تيك توك" أو أجزاء منه. لكن العقبة الأكبر تظل في "الخوارزمية"؛ قلب التطبيق النابض، والتي يبدو أن ByteDance تصرّ على الاحتفاظ بها داخل الأراضي الصينية.

هذا السيناريو يهدد بتقويض جوهر القانون الأمريكي الجديد الذي يهدف إلى حظر التطبيق بسبب المخاوف من إمكانية استغلال الخوارزمية للتأثير على المحتوى الذي يُعرض على المستخدمين الأمريكيين، والبالغ عددهم نحو 170 مليون مستخدم. وقد سارعت الصين إلى تعديل قوانين التصدير الخاصة بها في وقت سابق، لتشمل الخوارزميات ضمن المواد التي يُحظر تصديرها، في خطوة بدت وكأنها استباق لمحاولة انتزاع "تيك توك" بالقوة القانونية.


ترامب يصعّد ويتراجع... والصين تراقب بصمت

المثير أن هذه التطورات تتزامن مع تصعيد اقتصادي من إدارة الرئيس دونالد ترامب، الذي أطلق مؤخرًا حزمة جديدة من الرسوم الجمركية على الصين ضمن ما سمّاه "يوم التحرير". ومع ذلك، صرّح ترامب في الأسبوع ذاته بأنه قد يوافق على "خفض بسيط في الرسوم" إذا ساهم ذلك في الوصول إلى اتفاق بشأن "تيك توك"، بل ألمح إلى احتمال تمديد المهلة المفروضة، مما يعكس تردده الواضح وتوظيفه للملف كورقة تفاوضية.

في المقابل، التزمت بكين وشركة ByteDance الصمت، ما عدا بعض الإشارات الواضحة في وسائل الإعلام الصينية الرسمية التي اعتبرت ما يجري سابقة خطيرة، من شأنها أن تفتح الباب أمام "نهب" الشركات الصينية مستقبلاً من قبل واشنطن.


أمن قومي أم مصالح اقتصادية؟

منذ البداية، طُرحت المسألة باعتبارها مسألة "أمن قومي". لكن مواقف ترامب وتصريحاته المتقلبة توحي بأن الأمر تحوّل إلى أداة ضمن حربه الاقتصادية المتصاعدة مع الصين، وهو ما أضعف الحجة الأصلية وفتح الباب أمام التشكيك في الدوافع الحقيقية للإدارة الأمريكية.

وإذا كان هدف الولايات المتحدة حماية بيانات المستخدمين الأمريكيين ومنع التأثير الأجنبي في الفضاء الرقمي، فإن مجرد بيع "تيك توك" دون المساس بالخوارزمية يترك الباب مفتوحًا أمام المخاوف ذاتها.


الصين تتشدّد مع "دويين"... وأمريكا بلا خطة بديلة

اللافت أن التطبيق الشقيق لـ"تيك توك" في الصين، وهو "دويين"، كان قد خضع لموجة تنظيمات مشددة من السلطات الصينية، أجبرته على نشر تفاصيل دقيقة حول كيفية عمل خوارزمياته وآلية التوصية بالمحتوى، كما أكدت الشركة أن التطبيق لا يتجسس على المستخدمين. هذا الإجراء جاء في إطار حملة أوسع على شركات التكنولوجيا الصينية، شملت أيضًا منافسين آخرين، وأظهرت أن بكين قادرة على فرض قواعد صارمة تضمن الشفافية—حتى لو كان ذلك لأغراض رقابية ذات طابع سياسي.

أما في الولايات المتحدة، فلا تزال المقاربة فوضوية وتفتقر إلى أي إطار تنظيمي شامل للتعامل مع مخاطر شركات التكنولوجيا. فبعد سنوات من الجدل، لم ينجح الكونغرس في تمرير أي قانون فعّال لتنظيم المنصات الرقمية، ولم يكن هناك سوى ردود فعل عشوائية لكل أزمة على حدة.


من يملك القرار؟

ذو صلة

إذا ما تم تأجيل الحظر مجددًا، فإن ذلك سيعني عمليًا أن ترامب يستخدم القانون كورقة مساومة سياسية، بينما يبقى القرار الحقيقي بيد بكين، التي لا ترى أي مصلحة وطنية أو سياسية في التخلي عن "تيك توك". ومع تلاشي الحدود بين الأمن القومي والمصالح الاقتصادية، يصبح من الصعب تمييز ما إذا كانت واشنطن تسعى فعلاً لحماية مستخدميها أم لخوض معركة تجارية بغطاء أمني.

في نهاية المطاف، قد تنجح الصين في الحفاظ على قبضتها على التطبيق، بينما تكتفي واشنطن باستعراض سياسي بلا أثر حقيقي. وما لم تُصاغ سياسة أمريكية شاملة تفرض الشفافية على جميع المنصات التكنولوجية، فإن "تيك توك" سيكون مجرد بداية لمسلسل طويل من المواجهات العقيمة.

ذو صلة