ذكاء اصطناعي

في عزّ النهار: الصين تصيب القمر بدقة مذهلة باستخدام الليزر

فريق العمل
فريق العمل

3 د

نجح العلماء الصينيون في استهداف قمر صناعي حول القمر بشعاع ليزري نهارًا.

يمثل هذا الاختراق تقدمًا كبيرًا في الملاحة والاتصالات بين الأرض والقمر.

يلعب القمر الصناعي تياندو 1 دورًا محوريًا في مشروع شبكة الاتصالات القمرية "كويكياو".

تجاوز العلماء تحديًا صعبًا تمثل في تداخل أشعة الشمس مع إشارات الليزر.

يضع هذا النجاح الصين في موقع ريادي في تطوير التكنولوجيا الفضائية.

في قفزة نوعية غير مسبوقة في مجال تكنولوجيا الفضاء، نجحت الصين مؤخراً في تحقيق إنجاز ملفت أثار إعجاب العالم ودهشته في آن واحد، حيث تمكن العلماء الصينيون من إطلاق شعاع ليزري باتجاه قمر صناعي يدور حول القمر في وضح النهار! هذا الحدث المذهل لم يكن مجرد تجربة عادية، بل يمثل اختراقاً رئيسياً لتحديات طالما أعجزت الباحثين في مجال الفضاء.

لتوضيح هذا الإنجاز الرائع ببساطة، تخيل معي عزيزي القارئ أنك تحاول إصابة شعرة واحدة من مسافة عشرة كيلومترات بدقة مطلقة، تبدو مهمة مستحيلة، أليس كذلك؟ هذه بالضبط هي درجة الدقة الاستثنائية التي حققها علماء مختبر استكشاف الفضاء العميق (DSEL) في الصين، عندما قاموا بإطلاق هذا الليزر الدقيق نحو القمر الصناعي "تياندو 1" الذي يدور حالياً في منطقة الفضاء المحيط بالقمر. هذه العملية، التي تمت في وضح النهار، تفتح باباً كبيراً أمام تحسين عمليات الملاحة والتواصل بين كوكب الأرض والقمر.

وهذا الإنجاز بالذات يرتبط بشكل وثيق بخطط الصين المستقبلية، وتحديداً مشروع شبكة الاتصالات القمرية "كويكياو". فالقمر الصناعي تياندو 1، الذي تم إطلاقه في مارس 2024 ضمن مجموعة تضم ثلاثة أقمار صناعية مختلفة، سيكون له دور محوري هام في أنظمة الاتصال والملاحة التي تسعى الصين لإنشائها بين الأرض والقمر، استعداداً لمهام قمرية أوسع، تشمل مركبات فضائية مأهولة ومركبات متجولة وأعمال بحثية تنطلق اعتباراً من عام 2028. وعليه فإن النجاح في تجربة الاستهداف الليزري هذه يمثل حجر زاوية في تطوير قدرات الصين القمرية المستقبلية.

ليس هذا وحسب، فقد كانت إحدى التحديات الأساسية التي تواجه تقنيات تحديد المواقع وتوجيه المركبات الفضائية بدقة عالية أثناء النهار هو أشعة الشمس التي تتداخل عادة مع إشارات الليزر وتقلل من دقتها بشكل كبير. إلا أن الفريق الصيني تمكن بمهارة فريدة من تجاوز هذه العقبة، وهو ما يعني الآن أنه بات بالإمكان التقاط قياسات دقيقة باستمرار في أي وقت، وبالتالي ضمان هبوط آمن وإدارة سلسة للمركبات والمهمات المستقبلية.

وإذا ألقينا نظرة على البرنامج الفضائي الصيني، فسنجد أن هذا الإنجاز اللافت لم يأتِ مصادفة، بل هو حلقة من سلسلة نجاحات تحققت مؤخراً في مجال استكشاف القمر، مثلما حدث مع مهمة "تشانغ إيه 6"، التي نجحت سابقاً في جلب عينات من الجانب البعيد من القمر لأول مرة في تاريخ البشرية. وبينما تستعد المهمة القادمة "تشانغ إيه 8" للاختبار على تقنيات متطورة كالمفاعلات النووية الصغيرة للبنية التحتية القمرية، ستكون هذه القفزة التقنية في مجال الاستهداف الليزري ركيزة أساسية لنجاح هذا المشروع الطموح.

ذو صلة

ويمكن القول بكل ثقة إن هذا التطور التقني الجديد الذي وصل إليه علماء الفضاء الصينيون سيكون له تأثيرات بعيدة المدى تتعدى نطاق القمر ذاته، فأي تقنية ناجحة يمكن تطبيقها أيضاً في محطات ومهمات أخرى على غرار المريخ والكواكب والأجرام السماوية الأخرى، ما يجعله إنجازاً بالغ الأهمية ويفتح المجال لتعزيز التعاون الدولي المستقبلي في مجالات الفضاء والاستكشاف العلمي.

وختاماً، يضع هذا النجاح الكبير الصين في موقع قوة وريادة جديدة بين الدول المتقدمة في مجال الفضاء، لكنه في الوقت نفسه فرصة لتحفيز التعاون العلمي الدولي وإشاعة المعرفة التي تخدم البشرية جمعاء. وبالرغم من هذا الإنجاز العظيم، يبقى مجال التطوير والتحسين مفتوحاً، حيث يمكن للصين وغيرها من الدول مواصلة التركيز على تحقيق المزيد من الدقة والتوسع في التعاون مع شركاء دوليين، حتى يكون الفضاء مستقبلاً أرضية خصبة لتوحيد الجهود العلمية بدلاً من المنافسة.

ذو صلة