ذكاء اصطناعي

مهمة جريئة: الصين تتبنى خطة مجنونة لاختراق غلاف الزهرة السام

مهمة جريئة: الصين تتبنى خطة مجنونة لاختراق غلاف الزهرة السام
مجد الشيخ
مجد الشيخ

3 د

أعلنت الصين عن مهمة طموحة لجمع عينات من الغلاف الجوي لكوكب الزهرة.

ستتعاون الهيئات العلمية الصينية لإطلاق المهمة بين عامي 2028 و2035.

يستهدف العلماء دراسة الغلاف القاسي للكوكب رغم تحدياته الشديدة.

توجد مؤشرات محتملة على حياة ميكروبية بغلاف الكوكب الجوي.

إذا نجحت المهمة، قد تغيّر فهمنا لتكوين الغلاف الجوي للكواكب.

في خطوة استثنائية وغير مسبوقة، أعلنت الصين رسمياً عن مهمة فضائية جريئة تهدف إلى جمع عينات مباشرة من الغلاف الجوي لكوكب الزهرة، في مهمة قد تغير تماماً معرفتنا بالكوكب الذي طالما أسر علماء الفضاء بمفارقاته وتعقيداته المدهشة.

تأتي هذه المبادرة الطموحة في إطار تعاون بين أبرز الهيئات العلمية الفضائية في الصين مثل الأكاديمية الصينية للعلوم، والهيئة الوطنية الصينية للفضاء، إضافة إلى مكتب الصين للهندسة الفضائية المأهولة. ومن المتوقع إطلاق هذه المهمة الجديدة ما بين عامي 2028 و2035، الأمر الذي يثير الحماس بالفعل بين الأوساط العلمية وعشاق الفضاء على حد سواء.

قد تتساءل لماذا اختار العلماء كوكب الزهرة تحديداً؟ في الحقيقة، ورغم التشابه الشكلي بين الزهرة وكوكب الأرض، إلا أن ظروفه المناخية أبعد ما تكون عن كوكبنا المضياف. فدرجات حرارة الغلاف الجوي للزهرة تتجاوز 427 درجة مئوية، وقد يصل معدل الضغط الجوي هناك تقريباً إلى 90 ضعفاً مقارنة بالأرض. أَضِف إلى ذلك، أن غلافه الجوي الكثيف يتكون أصلاً من غاز ثاني أكسيد الكربون وسحب حامض الكبريتيك، مما يجعل سطحه بيئة قاسية للغاية، بل ومميتة لأي آلة أو كائن حي حاول اختراقها.

وهذا يشير بشكل واضح إلى تحديات هذه المهمة الطموحة، ولكنّ العلماء متحمسون لاكتشاف سبب وجود مؤشرات غريبة تلمح إلى إمكان وجود حياة ميكروبية في الطبقات العليا من غلاف الزهرة الجوي. فقد سبق مؤخراً أن اكتشف العلماء غاز الفوسفين في سحابات الزهرة، وهو غاز عادةً ما يرتبط بوجود حياة ميكروبية، ورغم بقاء هذا الاكتشاف محل جدل واسع، إلا أنه حفز العلماء أكثر نحو اتخاذ خطوات عملية وجريئة كهذه التجربة الصينية القادمة.

ولإنجاز هذه المهمة، ستتوجه مركبتان فضائيتان صينيتان على الأقل إلى الزهرة؛ واحدة ستستقر في مدارٍ حول الكوكب، بينما ستغوص الأخرى داخل الغلاف الجوي الكثيف والمتقلب، بهدف جمع عينات تشمل غازات وجزيئات، قبل أن تتم إعادة إرسالها إلى الأرض. وتعتمد إحدى الخطط المقترحة لجمع هذه العينات على استخدام منطاد خاص مغلف بمادة "التفلون" المقاومة للتآكل، لدراسة السُّحب الحمضية للزهرة عن قرب، قبل أن يعود إلى المركبة المدارية التي ستنقل هذه العينات الثمينة إلى الأرض.

لكن وبالرغم من الحماس، لا تزال هنالك عقبات تقنية كبيرة يجب التغلب عليها، أبرزها تحدي قطع عشرات الملايين من الكيلومترات التي تفصل الزهرة عن كوكبنا وضمان عودة العينات سالمة إلى مختبرات الأرض.

ذو صلة

إذا كُتب لهذه المهمة الطموحة النجاح، فإنها بلا شك ستصنع ثورة حقيقية في إدراكنا للزهرة، الكوكب الذي يشبه الأرض ولكنه يتميز ببيئة مختلفة جذرياً عنها. وقد تساعدنا هذه النتائج في اكتشاف أصل تكوين الغلاف الجوي للكوكب ومن ثم فهم كيفية تطور كواكب أخرى في نظامنا الشمسي وخارجه، وكيف يمكن حتى لأكثر الأماكن قسوة أن تحتضن – ربما – شكلاً من أشكال الحياة.

ويبقى العالم مترقباً هذه المغامرة الفضائية الصينية، التي تعيد الزهرة إلى قلب المشهد العلمي. وفيما يتطلع العلماء لفك ألغاز هذا الكوكب القاسي والغامض، ربما تحتاج التغطيات المقبلة لتعميق الجوانب التقنية بصورة أبسط أحياناً أو استبدال بعض المصطلحات العلمية المعقدة بأخرى أكثر وضوحاً للقارئ غير المتخصص، لجعل المتابعة أكثر متعة وشمولية. بهذا الشكل، ستصبح مهمة الزهرة المرتقبة نقطة جذب إضافية للجمهور العربي، تذكّرنا دوماً بأن الفضاء مليء بالأسئلة الكبرى، ولا يزال بانتظار أن نغامر للإجابة عنها.

ذو صلة