لأول مرة بعد 94 مليون عام… اكتشاف أسرار النظام الغذائي لديناصور عملاق من أحفورته

3 د
استُكشِف مؤخرًا طبيعة النظام الغذائي لديناصور ديامانتيناصوروس ماتيلداي لأول مرة.
اكتُشِفَت محتويات أمعاء متحجرة تضم بقايا نباتية متنوعة من العصر الطباشيري.
أظهرت الدراسة أن الديناصور كان يتغذى على عاريات ومغطاة البذور دون مضغها.
أكد الاكتشاف أهمية دراسة النظام الغذائي لفهم الحياة والبيئة القديمة.
هل تساءلت يوماً عما كانت تتغذى عليه الديناصورات الضخمة؟ لطالما بقيت هذه التفاصيل غامضةً ومحيرةً لعلماء المستحاثات، لكن اكتشافاً جديداً نُشرت تفاصيله مؤخراً كشف لنا أخيراً بعض الأسرار التي ظلت مخبأة لملايين السنين.
في تحليل رائد هو الأول من نوعه، تمكن فريق من علماء الحفريات بقيادة الدكتور ستيفن بوروبات، الخبير في الجيوكيمياء العضوية بجامعة كيرتن في أستراليا، من دراسة محتويات أمعاء متحجرة تعود إلى ديناصور عملاق يُعرف باسم ديامانتيناصوروس ماتيلداي، عاش قبل نحو 94 مليون عام في فترة العصر الطباشيري الوسيط. وهذا الديناصور بالذات اشتهر بحجمه الهائل وطول عنقه، وينتمي لمجموعة السوروبودا، وهي من أكبر الحيوانات التي جابت الأرض عبر تاريخها.
ما يميز هذا الاكتشاف، أنه يسلط الضوء للمرة الأولى بشكل قاطع على طبيعة النظام الغذائي الذي اتبعته تلك المخلوقات الهائلة. فقد تمكن العلماء، من خلال الحفر في تكوين وينتون بولاية كوينزلاند الأسترالية عام 2017، من العثور على محتويات معوية متحجرة للديناصور الملقب بـ"جودي"، وبتحليلها وجدوا بقايا نباتية واضحة ومتنوعة، شملت أوراقاً وصنوبريات طويلة، ونباتات سرخسية تُنتج بذوراً، وحتى بقايا نباتات مزهرة.
وبفضل استخدام تقنيات جيوكيميائية عضوية متقدمة، أكد الفريق وجود نوعين من النباتات: عاريات البذور والمغطاة البذور (النباتات الزهرية)، ما يعني أن هذا الديناصور الضخم كان يستغل مختلف الارتفاعات وأنواع النباتات لتلبية احتياجاته الغذائية الضخمة والمتنوعة. والمثير للاهتمام أن هذه الفصيلة كانت تبتلع طعامها كاملاً دون مضغه—وهي طريقة غذائية تُسمى التغذية الكُتلية أو "البلع الجماعي"، وتعتمد اليوم من قبل بعض الطيور والزواحف، حيث تقوم المعدة والمكروبات في الجهاز الهضمي بالمهمة الصعبة لهضم الأطعمة كاملةً.
لم تكن هذه النتائج مجرد نظرة إلى الماضي فحسب، بل هي خطوة جوهرية لفهم تفاصيل الحياة اليومية وبيولوجيا التغذية لدى أضخم الحيوانات آكلة النباتات في تاريخ الأرض. وبحسب الدكتور بوروبات، كانت هذه الديناصورات تقوم بابتلاع كميات هائلة من النباتات، وتبقى الوجبات في جهازها الهضمي لمدة قد تصل إلى أسبوعين قبل إخراج ما تبقى من الفضلات، معتمدةً بشكل شبه كامل على البكتيريا المعوية المفيدة لتكسير وهضم الطعام.
ويُعد العلماء هذه التفاصيل الجديدة حاسمةً ليس فقط لفهم حياة هذه المخلوقات، بل أيضاً لفهم كيف أثرت أنواع معيشتها وغذائها على البيئة وأنظمة التغذية في تلك العصور القديمة. كما تساءل الباحثون ما إذا كانت تلك الديناصورات قد غيرت عاداتها الغذائية مع نضوجها ونموها، وإذا كانت تستمر بتناول النباتات ذات الارتفاع المنخفض التي تأكلها في شبابها أم تتجه نحو النباتات العالية مع نموها وازدياد حجمها الطويل.
ورغم أن هذا الاكتشاف فتح بابًا جديدًا لفهم هذه الديناصورات، فتشجيع العلماء على البحث عن مستحاثات إضافية مشابهة أصبح ضرورياً لتأكيد هذه النتائج وتعزيزها. وربما تساعد مكتشفات مستقبلية في تضييق نطاق معرفتنا عن عادات التغذية لدى تلك الكائنات العملاقة المدهشة التي سادت الأرض لملايين السنين، أو حتى اختيار تعابير أكثر دقة وإيجازًا لإيصال الفكرة بصورة واضحة للقارئ، مما يمنحنا فهمًا أكثر وضوحًا لبيئة الماضي البعيد.