مغامرة فاخرة: مارك زوكربيرغ يعبر الأطلسي بيختين فاخرين ليحلق بطائرة مروحية فوق جبال النرويج ويتزلج على منحدراتها

3 د
قام مارك زوكربيرغ بنقل يختيه الفاخرين لمسافة تزيد عن 5,300 ميل إلى النرويج لخوض مغامرة تزلج باستخدام مروحية.
تجاوز القوانين البيئية النرويجية بذكاء، حيث استخدم مهبط المروحية على اليخت لتفادي الحاجة إلى تصاريح هبوط.
أثارت الرحلة تساؤلات حول الأثر البيئي والعدالة الاجتماعية في زمن التغير المناخي.
تجسد هذه القصة مزيجًا معقدًا من الاستعراض، المهارة اللوجستية، والتحايل القانوني في عالم الأثرياء.
بينما يستغل الملايين عطلة عيد الفصح لقضاء لحظات من الراحة أو الاستجمام، قرر الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، مارك زوكربيرغ، أن يجعل من عطلته مغامرة استثنائية لا مثيل لها. فقد أطلق العنان لاثنين من يخوته الفاخرة لعبور المحيط الأطلسي نحو مضايق النرويج، في رحلة امتدت لأكثر من 5,300 ميل، لم تكن مجرد استجمام، بل استعراضًا مذهلًا للثروة والتخطيط المتقن والتحايل القانوني، مع لمسة من الرياضة القصوى.
يختان بـ330 مليون دولار لخدمة مغامرة تزلج
اليخت الرئيسي "لانشباد" (Launchpad)، الذي يبلغ طوله 387 قدمًا وتقدر قيمته بـ300 مليون دولار، انطلق برفقة "وينغمان" (Wingman)، يخت الدعم الذي تبلغ قيمته نحو 30 مليون دولار، والمجهز بمهبط لطائرة مروحية. انطلقت الرحلة من الولايات المتحدة، وعبرت المحيط الأطلسي لتصل إلى المياه الباردة للمضايق النرويجية، حيث أصبحت اليخوت بمثابة قاعدة عائمة لعائلة زوكربيرغ خلال مغامرتهم في التزلج على الجليد.
لكن ما يثير الانتباه هو الطريقة التي تعامل بها زوكربيرغ مع القوانين النرويجية الصارمة التي تمنع استخدام الطائرات المروحية لأغراض الترفيه البيئي. ففي خطوة وصفها البعض بأنها "تحايل قانوني أنيق"، استخدم مهبط المروحية الموجود على سطح اليخت لتفادي الهبوط على الأراضي النرويجية، ما يعني أنه لم يكن بحاجة للحصول على أي تصاريح، نظرًا لأن الطائرة لم تلمس اليابسة.
تزلج فاخر لا يصل إليه إلا النخبة
التزلج باستخدام الطائرات المروحية (Heliskiing) هو أحد الرياضات الحصرية التي لا تُمارَس إلا من قبل فئة محدودة جدًا من الأثرياء، إذ تتيح للمغامرين النزول على منحدرات جليدية بعيدة ومعزولة لا يمكن الوصول إليها بوسائل النقل التقليدية. وبما أن زوكربيرغ معروف بولعه بالرياضات غير التقليدية مثل الفنون القتالية وركوب الأمواج، فقد جاءت هذه المغامرة كامتداد طبيعي لنمط حياته، ولكن على نطاق أكثر فخامة وتحديًا.
ويبدو أن هذا ليس حدثًا معزولًا؛ ففي عام 2024، أرسل زوكربيرغ يخته الفاخر "لانشباد" إلى تاهيتي في رحلة بحرية مترفة، دون أن يصعد على متنه. وتشير بيانات الملاحة الحديثة إلى أن اليخت اليوم يتمركز في "لونغييربين"، أحد المستوطنات الشمالية في أرخبيل سفالبارد، ما يؤكد جاهزيته الدائمة لتلبية رغبات الملياردير في أي لحظة.
عبقرية لوجستية أم استعراض للثروة؟
من جهة، تعكس هذه العملية قدرة تنظيمية خارقة في تخطيط وتنفيذ رحلة معقدة بهذا الحجم، ومن جهة أخرى، تطرح تساؤلات حول ما إذا كان زوكربيرغ قد استغل ثغرات قانونية لتجاوز القيود البيئية، دون خرقها رسميًا. استخدام المروحية دون الهبوط على اليابسة النرويجية هو بمثابة اللعب على الحافة القانونية، يسلّط الضوء على كيف يمكن للأثرياء إعادة تشكيل القوانين وفق مصالحهم، دون الخروج عنها ظاهريًا.
الأمر لا يقتصر على المغامرة أو المهارة اللوجستية، بل يكشف عن عقلية تسمح بإعادة تعريف الممكن والمسموح، متى توفرت الثروة والمعرفة القانونية والقدرة على التنفيذ.
رفاهية لا تُحدّ... ولكن من يدفع الثمن البيئي؟
ورغم الجاذبية التي تمثلها هذه الرحلات بالنسبة للبعض، إلا أنها تفتح بابًا لنقاشات أوسع حول المسؤولية البيئية والاجتماعية للطبقة الثرية. إذ تخلّف مثل هذه المغامرات بصمة كربونية هائلة، تتعارض مع المبادئ التي يروج لها بعض هؤلاء الأثرياء أنفسهم بشأن الاستدامة والعدالة البيئية.
كما أن هذا النوع من الترف يسلّط الضوء على الفجوة المتنامية بين النخبة الاقتصادية وسائر فئات المجتمع. فبينما يعيش الملايين تحت ضغوط معيشية خانقة، يمكن لملياردير أن يحرك أسطوله البحري والجوي لمجرد الاستمتاع بمنحدر جليدي في أقاصي الأرض.
بين المتعة الشخصية والمسؤولية الجماعية
تجسد رحلة زوكربيرغ إلى النرويج إحدى أكثر الصور وضوحًا لعصر تُختزل فيه القوة في المال والقدرة على تجاوز الحواجز القانونية والجغرافية والبيئية. ومع أن لا أحد ينكر حقه في الإنفاق على مغامراته، إلا أن المجتمع يواجه اليوم سؤالًا ملحًا: إلى أي حد يمكن القبول بمثل هذا الإنفاق المفرط في عالم يئن تحت أعباء المناخ والتفاوت الطبقي؟
ربما لا تكمن الخطورة في الرحلة بحد ذاتها، بل في الرمزية التي تحملها — رمزية عالم يُعاد تشكيله بما يتلاءم مع رغبات القلة، بينما يُطلب من الأغلبية تقليص استهلاكها باسم "الاستدامة".