ذكاء اصطناعي

ناسا تحذر: مشروع صيني قد يُبطئ حركة الأرض ويطيل أيامنا

ناسا تحذر: مشروع صيني قد يُبطئ حركة الأرض ويطيل أيامنا
مجد الشيخ
مجد الشيخ

3 د

أكدت "ناسا" أن سد الممرات الثلاثة في الصين يمكن أن يؤثر على دوران الأرض بزيادة طول اليوم بمقدار 0.

06 ميكروثانية.

قد يؤدي حجم الخزان الهائل إلى تغييرات طفيفة في شكل الأرض، مما يجعلها أكثر انتفاخاً عند خط الاستواء.

يغطي السد فقط 3% من احتياجات الطاقة الصينية رغم تأثيره البيئي والجيولوجي الواسع.

تفرض المشاريع الضخمة مسؤوليات مضاعفة لفهم آثارها البيئية الطويلة الأمد على استقرار الأرض.

في خطوة كشفت عن عمق تأثير المشاريع البشرية العملاقة على كوكب الأرض، أكدت وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" أن سد الممرات الثلاثة، أحد أضخم المشاريع الهندسية في العالم، يساهم بشكل طفيف لكنه ملحوظ في إبطاء دوران الأرض. هذا الكشف أثار موجة من التساؤلات والقلق حول مدى قدرة الإنسان على التأثير، عمداً أو عن غير قصد، في التوازن الطبيعي الدقيق الذي يحكم كوكبنا.


البنية التحتية العملاقة وتأثيرها الخفي على الكوكب

شهد العالم خلال العقود الماضية سباقاً محموماً نحو إنشاء أبنية ومنشآت ضخمة تتحدى قوانين الطبيعة والهندسة. من برج خليفة في دبي إلى برج الساعة في مكة، أصبحت هذه المعالم رمزاً لقدرة الإنسان على تطويع الطبيعة. ومع ذلك، قلما يتم التطرق إلى الأثر العميق الذي قد تخلفه مثل هذه المنشآت على النظام الجيولوجي والفيزيائي للأرض.

ضمن هذه الفئة من المشاريع العملاقة، يتصدر سد الممرات الثلاثة في إقليم هوبي الصيني المشهد. فهو أكبر سد كهرومائي في العالم، ويعكس الطموحات الصينية للهيمنة على مصادر الطاقة المتجددة وإدارة مواردها الطبيعية. إلا أن تداعيات السد تتعدى حدود الصين، لتصل إلى التأثير على الكوكب بأسره.


كيف يؤثر السد على دوران الأرض؟

بحسب تقرير نشرته وكالة "ناسا" عام 2005، فإن التحولات الكبيرة في توزيع الكتلة على سطح الأرض — سواء بفعل الزلازل أو بناء خزانات مياه ضخمة — يمكن أن تؤثر على سرعة دوران الكوكب وشكله الجيوديسي. وفي حالة سد الممرات الثلاثة، يحمل الخزان عند امتلائه قرابة 40 كيلومتراً مكعباً من المياه، أي ما يعادل نحو 10.6 تريليون غالون.

الباحث الدكتور بنجامين فونغ تشاو، من مركز غودارد لرحلات الفضاء التابع لـ"ناسا"، أوضح أن مثل هذه الكمية الهائلة من المياه، بوزنها الهائل، قد تؤدي إلى إطالة طول اليوم بمقدار 0.06 ميكروثانية، بالإضافة إلى إعادة توزيع طفيف لكتلة الأرض يجعلها أكثر انتفاخاً عند خط الاستواء وأقل بروزاً عند القطبين.

رغم ضآلة هذه التغيرات عند القياس اللحظي، إلا أنها تبرز حقيقة دقيقة: الأرض ليست كيانا جامداً بل نظاماً حساساً للغاية لأي تغيرات في كتلته وتوزيع موارده. وكل تدخل بشري ضخم، مهما بدا محدود الأثر، يمكن أن يسهم بشكل تراكمي في تعديل التوازنات الطبيعية التي استغرقت ملايين السنين لتتشكل.


السد.. بين الحاجة الاقتصادية والخطر البيئي

سد الممرات الثلاثة يُمثل مفخرة هندسية للصين، لكنه لا يغطي سوى 3% فقط من احتياجات البلاد من الكهرباء، رغم ضخامته الهائلة. هذه المفارقة تثير تساؤلات جوهرية حول جدوى بناء مشاريع بهذه الكلفة البيئية مقابل فوائدها المحدودة نسبياً.

ولا تتوقف التداعيات عند التأثير الفيزيائي على الأرض. الخزان العملاق غيّر أيضاً الأنماط البيئية المحيطة به، حيث تسبب في تهجير أكثر من مليون شخص، وأغرق مدناً وبلدات بأكملها تحت مياهه، محدثاً تحولات بيئية واجتماعية عميقة.


هل نحن مستعدون لتحمل نتائج تقدمنا؟

مع استمرار البشرية في التوسع العمراني واستغلال الموارد الطبيعية بوتيرة غير مسبوقة، تزداد الحاجة الملحة لفهم العلاقة المعقدة بين أنشطتنا وبين استقرار كوكب الأرض. السؤال الذي يفرض نفسه: كيف نوازن بين حاجاتنا المتزايدة وبين الحفاظ على التوازن الطبيعي الهش؟

المشاريع الضخمة مثل سد الممرات الثلاثة تذكرنا بقوة التأثير الذي بات الإنسان يمتلكه على أنظمة الأرض. ومع هذه القوة، تبرز مسؤولية مضاعفة لإدراك تبعات ما نبنيه، ليس فقط على الأمد القصير بل على مستقبل الكوكب بأسره.


نظرة إلى الأمام: مسؤولية مشتركة

ذو صلة

مستقبل الهندسة العالمية يتطلب أكثر من مجرد تفوق تقني؛ إنه يستلزم وعياً بيئياً عميقاً يضع حماية الأرض في صلب معادلة التطوير. بينما نمضي قدماً في تشييد السدود والمدن العملاقة والمصانع الكبرى، ينبغي أن نتساءل دوماً: إلى أي مدى نحن مستعدون لتحمل العواقب التي قد لا تظهر فوراً، لكنها قد تحدد مصير الأجيال القادمة؟

إن إدراكنا لهذه الحقائق وتحويله إلى التزام فعلي قد يكون العامل الحاسم في ضمان استدامة الحياة على كوكبنا الأزرق.

ذو صلة