ذكاء اصطناعي

أبل تستعد لإطلاق جيل جديد من سيري: تعاون واسع مع تطبيقات كبرى

محمد كمال
محمد كمال

3 د

تستعد أبل لإطلاق نسخة جديدة من سيري بتعاون واسع مع مطوري التطبيقات الشهيرة.

تستخدم أبل نظام App Intents لتوسيع قدرة سيري على التفاعل بسلاسة مع التطبيقات.

تتعاون أبل مع مطوري الألعاب لتجربة نظام النوايا الجديد وتعزيز ذكاء سيري.

دفع المنافسة مع أمازون لتأجيل إطلاق سيري المتوقع إلى ربيع العام المقبل.

تهدف أبل لجعل المساعد الذكي أكثر فهمًا وشمولية في التفاعل مع المستخدم.

يبدو أن شركة أبل تقترب من تحقيق قفزة نوعية في مجال الذكاء الاصطناعي، مع توسيع قدرات مساعدها الصوتي الشهير سيري. فقد باشرت أبل، حسب التقارير، في التعاون مع مطوري بعض أشهر التطبيقات على نظام iOS، تمهيداً لعصر جديد من التفاعل الذكي بين المستخدم وجهاز الآيفون. فما سر هذا الاهتمام المتزايد؟ وكيف ستؤثر التحديثات المرتقبة على مستقبل المساعدات الرقمية؟

في البداية، ينبغي أن نعرف أن أبل تعمل بجد في تطوير سيري إلى نسخة أكثر قوة وذكاءً، مع الاعتماد على نظام النوايا البرمجية للتطبيقات (App Intents). هذا النظام، ببساطة، يتيح للتطبيقات التحدث مع سيري وأبل إنتلجنس بانسيابية غير مسبوقة، ما يعني أن مطوري التطبيقات بات بإمكانهم تجهيز تطبيقاتهم ليواكبوا التحديث الجذري المنتظر. لطالما اعتمدت أبل على نظام App Intents في خدمات مثل الاختصارات (Shortcuts) وسبوتلايت (Spotlight) والويدجتس، لكن خطتها الآن توسع هذا الدعم ليشمل سيري بجماله الجديد. وهنا تتضح أهمية استعداد المطورين، إذ ستمنحهم أبل فترة محدودة لتأهيل تطبيقاتهم قبل طرح التحديث فعلياً ضمن برنامج النسخة التجريبية للمطورين.

تماشياً مع هذا المسار، تؤكد تسريبات إعلامية موثوقة أن أبل لا تخوض المعركة وحدها. فهي تتعاون حالياً، وفقاً لمصدر مطّلع، مع كبرى الشركات خلف ثمانية من التطبيقات الأكثر استخداماً على نظام iOS لتجربة وتطوير نظام النوايا الجديد. وتشمل الدائرة أيضاً تعاونات مع بعض مطوري الألعاب، في خطوة غير مسبوقة لتعزيز ذكاء سيري حتى في البيئات الترفيهية. هذه التحركات تعكس رؤية أبل في دمج الذكاء الاصطناعي مع الحياة اليومية الرقمية للمستخدم، عبر التخصيص والاستجابة الأعمق للسياق المحيط.

ولعل سر اهتمام أبل المحموم بوضع سيري في المقدمة يعود إلى سباق محتدم في عالم المساعدات الذكية. فقد كانت أبل قد كشفت الستار عن خططها لتطوير سيري بشكل كامل خلال مؤتمر المطورين الأخير (WWDC 2024)، وكان من المزمع طرح التحديث الضخم في وقت سابق من العام. لكن التعقيد الذي رافق دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة (المسمّاة بالنماذج اللغوية الضخمة - LLM) مع مكونات سيري التاريخية، تسبب في تأجيل الإطلاق الرسمي حتى ربيع العام المقبل على الأقل. هذا الأمر منح منافسي أبل فرصة لإظهار قوتهم، إذ حاولت أمازون القفز على خططها بإصدار نظام Alexa+ مستفيداً من استراتيجيات مشابهة، إلا أن المراجعات الأولية بيّنت بأن أليكسا الجديدة ما تزال أقل موثوقية في بعض المهام البسيطة، مما يترك الباب مفتوحاً أمام أبل لتقديم تجربة مُحسّنة.

توثيق السباق نحو الذكاء الفائق

انطلاقاً من كل ذلك، نشهد اليوم استعدادات مكثفة داخل أروقة أبل وشركائها، لتوفير تجربة استخدام ثورية عبر سيري الجديد. وتكمن أهمية المسألة في أنها تضع المستخدم في موقع المستفيد الأول من مجمل هذا التطور، حيث لم يعد التفاعل مع التطبيقات والأجهزة يقتصر على الأوامر الصوتية التقليدية، بل أصبح في طور الانتقال إلى تصور أكثر شمولية وسياقية، يجعل المساعد الذكي قريباً من فهم الحالة الشخصية، والمحتوى المعروض على الشاشة، وحتى التصرّف داخل التطبيقات دون عناء البحث والضغط.

ذو صلة

هذه المستجدات تضع جميع مطوري التطبيقات، بدءًا من الشركات العملاقة مرورًا بالشركات الناشئة، أمام مرحلة جديدة من الالتزام بتحديث وتحسين خدماتهم لمواكبة سيري الذكي. كما أن تجربة التعاون داخل بيئة أبل تعزز الحافز لتصميم تطبيقات تستفيد حتى أقصى حد من التكامل مع أنظمة أبل إنتلجنس. بهذا، يبدو أن المساعدات الصوتية الشخصية تدخل عهداً جديداً كليًا، حيث تصبح أقرب إلى شريك رقمي حقيقي في الحياة اليومية.

باختصار، تستعد أبل لإعادة تعريف مفهوم المساعد الذكي مع سيري الجديد، معتمدةً على التكنولوجيا المتقدمة، ودعماً لمطوري التطبيقات المنضوين تحت جناحيها. وفي ظل تنافس شديد مع منصات أخرى مثل أمازون أليكسا، يبدو أن الرابح الأكبر هو المستخدم، الذي سيحظى بحلول أكثر ذكاءً ومرونة في التعامل مع أجهزته وبيئته الرقمية. لنترقب معاً إلى أي مدى سينجح هذا التعاون في تغيير وجه التقنية الشخصية خلال الأشهر المقبلة.

ذو صلة