أدلة جديدة: بذور الحياة على الأرض جاءت من الفضاء!

3 د
كشف علماء عن جزيئات عضوية معقدة حول نجم شاب في كوكبة الجبار.
هذه الجزيئات تمثل اللبنات الأساسية للأحماض النووية مثل DNA وRNA.
الدراسة تشير إلى أن الجزيئات تزدهر وسط الظروف العنيفة للنجوم الوليدة.
النتائج تفتح احتمال وجود بذور الحياة في أجزاء متعددة من المجرة.
هل تساءلت يوماً كيف بدأت الحياة على الأرض؟ يكشف بحث جديد نشره علماء من معهد ماكس بلانك عن اكتشاف مثير قد يغير فهمنا لجذور الحياة، وذلك بعد رصدهم لجزيئات عضوية معقدة تحيط بنجم فتِي شاب في كوكبة الجبار (أوريون). هذه الجزيئات ليست مجرد كيمياء عابرة، بل هي اللبنات الأساسية التي تشكّل الأحماض النووية، مثل DNA وRNA، والتي تعد جوهر الحياة كما نعرفها.
منذ فترة طويلة، ظن العلماء أن أغلب الجزيئات العضوية تتعرض للتدمير التام عندما تتشكل النجوم من سحب الغاز البارد في الفضاء، وهي عملية مليئة بالفوضى والانفجارات والإشعاعات الحارقة. لكن الدراسة الجديدة تشير إلى أن هذه الجزيئات لا تنجو فحسب وسط تلك الأجواء العنيفة، بل تزدهر أيضاً، وهذا يقلب الفرضية التقليدية رأساً على عقب. فالنتائج تقترح أن المواد التي شكّلت يوماً أول خلية على كوكبنا الأزرق ربما تكون مشتتة في أرجاء المجرة، تنتظر فقط الظروف المناسبة كي تولد منها الحياة.
تفاصيل الاكتشاف: جزيئات معقدة وسط ولادة نجمية
الدراسة ركزت على نجم أولي يُدعى V883، ولاحظ العلماء هناك أكثر من 12 نوعاً من المركبات العضوية الضخمة، من بينها الإيثيلين جلايكول وجليكونيتريل. هذان المركبان بالذات يعتبران مقدمة مباشرة لصناعة الأحماض النووية. ووفق الباحث أبو بكر فضل، فإن الاكتشاف يكشف "خطاً تصاعدياً مباشراً للتعقيد الكيميائي" بين السحب المجرية الباردة ونشأة الكواكب، مما يعني أن خطوات تكوين الحياة ربما تبدأ في قلب الفضاء السحيق، قبل أن يولد أي كوكب أصلاً.
الباحثون اعتمدوا على تلسكوب "ألما" العملاق في تشيلي، الذي يتكون من 66 هوائيًا يعملون معًا لرصد تلك الجزيئات بدقة استثنائية، خصوصاً بعدما ارتفعت حرارة الجسيمات الجليدية المحيطة بالنجم بسبب انفجاراته الإشعاعية. هذا السخونة المفاجئة حررت المركبات المعقدة من غلافها الجليدي، مُرسِلة إشارات كيميائية تمكن العلماء من الكشف عنها في طيف الموجات الكهرومغناطيسية.
وهنا يتضح كيف أن العوامل العنيفة المصاحبة لنشأة النجوم – مثل الإشعاعات الصادرة والصدمات الميكانيكية – ليست عدوًا للجزيئات الحيوية بل ربما العامل الذي يساعد على نقلها من حالتها المجمدة إلى فضاء يحتمل نشوء أنظمة كوكبية جديدة.
بذور الحياة" ليست حكراً على الأرض
هذه النتائج المدهشة تفتح الباب على احتمال وجود بذور الحياة في زوايا شتى من المجرة. الباحث كامبر شفارتز، المشارك في الدراسة، يشير قائلاً: "خلافاً للمألوف، يبدو أن الأقراص الكوكبية الوريدية ترث مركبات معقدة منذ المراحل المبكرة جداً، ويمكن أن يستمر بناؤها الكيميائي أثناء تطور النظام الشمسي". فما كان يُظن أنه بداية جديدة للكيمياء مع تكوّن الكواكب، تبيّن أنه قد يكون استمراراً لتاريخ طويل بدأ قبل ذلك بكثير.
من هنا يتضح أن مراحل التحول من سحب الغاز الباردة إلى نظم كوكبية حاضنة للحياة ليست منفصلة كما اعتدنا تصوره، بل مترابطة ومتكاملة؛ إذ يمكن لجزيئات الحياة أن تعبر المراحل كلها ـ من بين الغبار الكوني إلى غلاف الكواكب النامية ـ بحيوية لافتة.
ينصح العلماء بإجراء بحوث مستقبلية عبر استكشاف أطياف أخرى من الإشعاع الكوني بحثًا عن جزيئات أضخم وأكثر تطورًا، وربما يكشف ذلك المزيد من أسرار نشأة الحياة في الفضاء بأكمله.
في النهاية، تلخص هذه الاكتشافات رسالة وطموح العلم: كلما اكتشفنا سرًا عن ميلاد الحياة على الأرض، وجدنا أن الكون ربما يعج بنفس الإمكانيات والمكونات. قد يكون من الأجدى لنا أن نستبدل كلمة "فريدة" حين نصف الأرض بكلمة "مميزة"، إذ لعل الحكاية الكونية هذه أوسع وأشمل مما استطعنا تخيله من قبل؛ هنا يمكننا أيضاً تعميق الفقرات بإضافة روابط لفظية مثل "في سياق متصل" أو "على ضوء ذلك"، أو استبدال جمل مثل "هذا يقودنا إلى" لجعل النص أكثر تماسكًا وانسيابية للقراء مما يغريهم بالاستمرار والمتابعة لما هو قادم في عالم الفلك وأسراره.