ذكاء اصطناعي

أسرار معالجات 2 نانومتر: تحقيقات في تسرب تقني من TSMC إلى شركة Rapidus اليابانية

محمد كمال
محمد كمال

3 د

أثارت شركة TSMC قضية حول تسرب محتمل لأسرارها التقنية لشركة Rapidus اليابانية.

يشتبه في تآمر موظفَين من TSMC لتمرير مئات الصور الفنية الحساسة.

ربط تسرب الصور بتوجهات TSMC قد يمنح Rapidus فهمًا عامًا لتوجهاتها.

تفاوتت التقارير حول عدد الموظفين المتورطين وطبيعة الصور المتسربة.

تؤكد Rapidus على تطوير تقنيتها بشكل مستقل بالتعاون مع IBM.

في عالم رقائق أشباه الموصلات، حيث المنافسة على أشدها وفرصة التفوق مرهونة بأدق التفاصيل، طفت إلى السطح قضية غامضة تهدد أكبر الأسماء في الصناعة. تتصدر شركة TSMC التايوانية عناوين الأخبار بعد أن كشفت عن تحقيق داخلي حول تسرب محتمل لأسرارها التقنية المتعلقة بتصنيع الرقائق بتقنية 2 نانومتر لصالح شركة Rapidus اليابانية الصاعدة. ومع تزايد الأسئلة حول عمق وآثار هذه الحادثة، يبقى الغموض سيد الموقف حول مدى ضلوع Rapidus في هذه القضية.

وفقًا لما كشفته تحقيقات أولية، فإن اثنين من موظفي TSMC – أحدهما لا يزال في الشركة والآخر انتقل إلى شركة Tokyo Electron المختصة بمعدات تصنيع أشباه الموصلات – يشتبه في تآمرهما لتمرير "مئات الصور الفنية لتكامل العمليات" إلى Rapidus التي تسعى لحجز مكانها في سوق الرقائق المتقدمة. وهذه الصور، وإن لم يكشف حتى الآن عن تفاصيل محتواها بدقة، تعتبر مادة بالغة الحساسية في قطاع الصناعات الدقيقة لما تحمله من وصف مفصل لخطوات التصنيع الدقيقة، صور الطبقات، المواد المستعملة، وتقنيات الدمج. ربط هذا التسرب المحتمل بين الموظف الحالي والسابق يشير إلى استغلال علاقات العمل السابقة وتلاقي المصالح الشخصية والتقنية.

هنا تجدر الإشارة إلى أن تكامل العمليات هو مفهوم جوهري في قطاع إنتاج المعالجات المصغرة، إذ يشمل كيفية تناغم خطوات مثل الترصيص والنقش الضوئي والترسيب وصولًا لبناء الرقاقة النهائية. وتبرز خطورة تسرب مثل هذه الصور في إمكانية كشف تصاميم الترانزستور من نوع gate-all-around، استراتيجيات النمذجة، بل وحتى فلسفة الشركة الصناعية وتوجهها في تطوير العقدة التكنولوجية الجديدة. وعلى الرغم من كل هذه المخاطر المفترضة، توضح التقارير بأن الاستفادة المباشرة من هذه الصور قد تكون محدودة نسبيًا بالنظر إلى الطابع الفريد والمعقد للغاية لأي عملية تصنيع حديثة لأشباه الموصلات.

ومن زاوية أخرى، فإن Rapidus، التي أكدت مرارًا على تطوير تقنيتها الخاصة بمعالجة 2 نانومتر بالتعاون مع IBM، تخوض حالياً تجارب أولية قبل بدء الإنتاج الكمي المتوقع في عام 2027. الفارق الثقافي والتقني بين نهج TSMC اليابانية جعل محللين يشيرون إلى أن المسروقات – في حال ثبت وجودها – ربما تقدم للفرق الميدانية فهماً عاماً حول توجه TSMC، أكثر من كونها وصفة صناعية قابلة للتكرار. وهذا يربط بين ملامح تطوير التقنية لدى الشركات الكبرى وكيف شكلت الحوكمة الأمنية نقطة ارتكاز ضرورية في صراع الابتكار العالمي.

ضبابية المشهد: وقائع وتقارير متضاربة
وسط هذا الزخم، يظل الغموض العنوان الأبرز للقضية برمتها؛ إذ تتفاوت التقارير حول عدد الأشخاص المتورطين، فبينما أشارت مصادر أولية إلى تورط ستة موظفين، أفادت تقارير لاحقة بارتفاع العدد إلى عشرة. ولم تتضح بعد طبيعة الصور – هل كانت رسوماً توضيحية أم صوراً فعلية لرقائق تحت التصنيع – ولا مدى طلب Rapidus فعليًا لهذه البيانات من الأطراف المتورطة. حتى تصريحات الجهات الرسمية المذكورة اقتصرت على ضرورة التعامل بحذر مع هذه المزاعم ريثما تكتمل التحقيقات، ما يعكس ارتباك المشهد وصعوبة تقييم الأضرار الحقيقية أو الأرباح التقنية التي قد تنجم عن ذلك.

ذو صلة

ومن أجل تعميق الفهم، من المهم الإشارة إلى أن مثل هذه القضايا ليست جديدة على القطاع – لكن الجديد هو حجم وتفاصيل المعلومات المسروقة، وكونها تمس واحدًا من أكثر الأسرار قيمة وحساسية في صناعة التكنولوجيا الحديثة. وهنا تتشابك المصطلحات التقنية مثل السيليكون، الطبقات النانوية، التصوير الضوئي، الهندسة العكسية والانتقال المعرفي، لتشكل جميعها إطار المشهد الذي تتحرك ضمنه هذه القضية.

ختامًا، ما زلنا أمام قصة تواصل فصولها، وفرصة ثمينة للتأمل في أهمية أمن المعلومات الصناعية وضرورة التدقيق المستمر من قبل الشركات العملاقة. قد يكون من الأجدى – لتقوية الرسالة وتوضيح الربط المنطقي – التركيز أكثر على مفهوم التكامل العملياتي بالصياغة أو استبدال عبارة "مئات الصور التقنية" بعبارة أكثر توصيفًا مثل "مواد ذات طابع تصميمي وتقني بالغ السرية". أما في حالات الغموض مثل هذه، فإن إضافة جملة تربط بين تداخل التحقيقات وتعدد الأطراف الدولية من شأنها تعزيز وحدوية المقال، وتذكير القارئ بأن الدقة وسرعة الاستجابة هما الركيزة الأهم في عالم الابتكار المفتوح على كل الاحتمالات.

ذو صلة