ذكاء اصطناعي

أطباء يحذرون: فنجان قهوة واحد قد يُفسد مفعول دوائك بالكامل

محمد كمال
محمد كمال

3 د

ربط باحثون الكافيين بتقليل فعالية بعض المضادات الحيوية مثل السيبروفلوكساسين.

تؤثر القهوة على جينات بكتيريا الإشريكية القولونية مما يقلل امتصاص الدواء.

دراسة ألمانية أجرت تجارب معملية على 94 مادة كيميائية لدراسة تأثيرها على البكتيريا.

البروتين "رووب" ينظم عبور المواد في الخلايا ويُغير سلوك البروتينات الناقلة.

لم يظهر تأثير الكافيين نفسه على بكتيريا أخرى مثل السالمونيلا المعوية.

فيما اعتاد كثيرون بدء يومهم برشفة من القهوة الطازجة، يلفت باحثون دوليون الأنظار إلى مفاجأة قد تغيّر هذه العادة، خاصة لدى متناولي المضادات الحيوية. فقد كشفت دراسة جديدة أن الكافيين – المادة الفعالة في القهوة – يمكن أن يقلل من فعالية بعض أدوية المضادات الحيوية، ويؤثر بشكل غير متوقع على كيفية عملها داخل الجسم، تحديدًا عند مكافحة البكتيريا الشائعة مثل الإشريكية القولونية (E. coli).

هذه النتائج جاءت بعد سلسلة من التجارب المعملية التي أجراها فريق بحثي من ألمانيا، حيث قاموا بدراسة 94 مادة كيميائية لرصد تأثيرها على جينات البكتيريا التي تتحكم في نقليات المواد من وإلى خلايا البكتيريا. تَبيّن أن نحو ثلث هذه المواد يُمكن أن يؤثر بطرق مختلفة على نشاط الجينات داخل البكتيريا، إلا أن الكافيين كان له التأثير الأبرز، كونه تسبب بانخفاض امتصاص الإشريكية القولونية لبعض المضادات الحيوية، من بينها السيبروفلوكساسين الشهير في علاج العدوى البكتيرية.

وهذا يقودنا إلى جانب معقد من مقاومة المضادات الحيوية، ليس فقط في صورته المباشرة حين تغيّر البكتيريا جيناتها بشكل جذري لتقاوم العلاج، بل أيضاً من خلال تفاعلات دقيقة تتدخل فيها عوامل خارجية مثل الطعام والشراب. في هذا السياق، أوضح البروفسور كريستوف بينسفيلد من جامعة فورتسبورغ أن بعض المواد، حتى لو لم تُحدث تغييرات فورية في سلوك البكتيريا، قادرة على التأثير على أنظمة نقل المواد داخل الخلية، ما قد يؤدي بدوره لضعف فعالية العلاج.


كيف يتفاعل الكافيين مع المضادات الحيوية؟

من هنا، يتضح الربط بين الدراسة وتناول المضادات الحيوية عند تزامنه مع شرب القهوة أو استهلاك ما يحتوي على الكافيين. بيّنت التحليلات أن البروتين رووب (Rob) – منظم جيني في الخلية البكتيرية – يلعب دوراً أساسياً في تنظيم عبور المركبات عبر جدار الخلية. أظهر الباحثون أن الكافيين يُحفز سلوك بروتين روب، والذي يقود إلى تغيير عمل عدة بروتينات نقلية، فيقل استيعاب البكتيريا لمركبات المضاد الحيوي. النتيجة؟ ضعف فعالية الدواء المضاد، وصعوبة القضاء على العدوى بشكل كامل.

هذا الرابط يدفعنا للتساؤل حول مقدار القهوة أو الكافيين الذي قد يؤثر فعلاً على علاجاتنا اليومية، وهل نتائج المختبر تنطبق على جسم الإنسان فعلاً؟ الباحثون يقرون بأن دراستهم تعتمد على الأبحاث المخبرية (in vitro)، ولا يمكن الجزم بعد بحجم التأثير المحتمل لدى المرضى، لكنهم يشيرون إلى أهمية مواصلة البحث في هذا الاتجاه.

إضافة إلى ذلك، لاحظ العلماء أن التأثير السلبي للكافيين لم يظهر عند دراسة بكتيريا السالمونيلا المعوية (Salmonella enterica)، القريبة من الإشريكية القولونية، ما يشير إلى أن العلاقة بين الكافيين والمضادات الحيوية تختلف بين أنواع البكتيريا.

واستمرارًا لهذا الخط، يرى فريق البحث أن الخطوة القادمة تتمثل في معرفة تفاصيل أكثر حول آلية عمل مواد مثل الكافيين على المستوى الخلوي لأشكال أخرى من البكتيريا، بهدف تطوير استراتيجيات علاجية تضمن أقصى فاعلية للعلاج وتقلل من احتمالات ظهور مقاومة جديدة للمضادات الحيوية.

ذو صلة

من وجهة نظر طبية وعملية، تجمع هذه النتائج بين عاداتنا الغذائية اليومية ونجاح العلاج الدوائي. الأمر يذكرنا دوماً بأن الأدوية ليست معزولة عن ما نستهلكه من أطعمة ومشروبات.

في الختام، يبقى من المهم للقارئ الانتباه إلى تفاصيل الإرشادات الطبية، خاصة عند تناول المضادات الحيوية، ومراعاة توقيت شرب القهوة أو الشاي أو مشروبات الطاقة التي تحتوي على الكافيين. فلا ضرر من استشارة الطبيب حول أفضل الطرق لتحقيق فاعلية الدواء القصوى. وكما تُظهر هذه الدراسة، تفاصيل صغيرة في روتينك اليومي قد تصنع فرقاً كبيراً في مواجهة الأمراض البكتيرية وحماية الصحة العامة.

ذو صلة