أطراف جنسية خارقة: سر بقاء ذكور عناكب الرتيلا بعد التزاوج!

3 د
أُعلنت دراسة عن أربعة أنواع جديدة من العناكب، تتميز بأطراف جنسية طويلة.
أنشأ الباحثون تصنيفًا جديدًا، Satyrex، لهذه العناكب ذات الأطراف الأطول.
المجسات الطويلة تسمح للذكور بالتزاوج من مسافة آمنة لتجنب الإناث الشرسة.
مثل Satyrex ferox، تعرض سلوكًا عدائيًا لإبعاد الذكور أثناء التزاوج.
يسهم هذا الاكتشاف في تحديث مفاهيم تصنيف العناكب استنادًا إلى الصفات البنيوية.
تخيل أن الحل الأمثل للبقاء على قيد الحياة بعد التزاوج عند بعض الذكور، هو أطراف جنسية استثنائية الطول! هذا تحديدًا ما كشفته دراسة حديثة عن أربعة أنواع حديثة من العناكب الكبيرة أو ما يعرف بالرتيلا، التي دفعت العلماء لإضافة تصنيف جديد بالكامل ضمن علم تصنيف العناكب.
في التفاصيل، أعلن باحثون بقيادة الدكتور علي رضا زاماني من جامعة توركو اكتشاف أربعة أنواع جديدة من رتيلات _Satyrex_: فرُخية الجنسية، العربي، الصومالي، والمُبهر. تنتمي هذه العناكب إلى مناطق شبه الجزيرة العربية والقرن الأفريقي، وتمتاز كافة ذكورها بأطراف تزاوجية أو بما يُسمى بالمجسات الجنسية، هي الأطول بين كافة الرتيلا المعروفة حتى الآن. والمثير أن العلماء لم يجدوا بدًا من استحداث جنس جديد لهذه الفصيلة، منحوه اسم Satyrex – وهي كلمة تجمع بين شخصية ساتير الإغريقية الشهيرة بعضلاتها وملك بلاتينية _rex_، في إشارة طريفة مباشر لطول هذه الأعضاء الجنسية.
في إحدى الفقرات الأساسية لهذا الاكتشاف، اعتبر الباحثون أن المجسات الجنسية عند هذا النوع لا تُعد أعضاء تناسلية مباشرة كما هو الحال لدى الإنسان، بل هي أطراف ثانوية لنقل الحيوانات المنوية. فعلى سبيل المثال، نوع Satyrex ferox المعروف بسلوكياته العدائية، يمتد طول مجسات الذكر إلى قرابة 5 سنتيمترات، وهو طول شبه مماثل لأطول ساقيه. وعند مقارنة هذا بالأنواع المشابهة، يصبح الفارق مذهلًا في عالم العناكب.
النجاة من شراسة الإناث: إستراتيجية التزاوج عن بعد
ربط الخبراء هذا التطور الغريب بوظيفة حيوية للغاية. فوفقًا لزاماني، فإن الإناث في بعض أنواع Satyrex ferox شديدة العدائية بل وتشتهر “بافتراس الذكور” أثناء التزاوج، ما يجعل أي اقتراب خطرًا على حياة الذكر. الأمر الذي جعل العلماء يقترحون أن المجسات الطويلة في هذه الأنواع قد تطورت أساسًا كوسيلة تمكّن الذكر من نقل الحيوانات المنوية من مسافة أمان، دون الحاجة للانكشاف التام أمام الأنثى الغاضبة. بهذا، يبقى الذكر بعيدًا بشكل كافٍ لتقليل فرصة التهامه بعد عملية التخصيب.
وهذا التفسير يوضح كيف ربط الباحثون بين خصائص تلك الأعضاء المطولة وسمات السلوك الدفاعي لعناكب Satyrex ferox، حيث تبدي الأنثى استعدادًا صاعقًا للهجوم بمجرد الإحساس بأي اقتراب، وترفع قوائمها الأمامية وتصدر صوت صفير بإحتكاك الشعيرات، وهو ما منح الفصيلة اسم _ferox_ أي “الشرسة”.
أما إن تساءلت عن بقية الأسماء الجديدة، فقد وصف العلماء نوع Satyrex speciosus بالألوان الباهرة، بينما استمد Satyrex arabicus وSatyrex somalicus تسميتهما من موطنهما الجغرافي في الجزيرة العربية والصومال. ومن اللافت أن هذا التصنيف الحديث أضاف أيضًا نوعًا خامسًا سبق اكتشافه يعرف بـ Satyrex longimanus، حيث كان سابقًا ضمن جنس Monocentropus إلا أن طول المجسات الفريد دفع لنقله مع الأنواع الجديدة في جنس Satyrex.
تغيير في قواعد تصنيف العناكب وأهمية هذه النقلة
استحداث هذا التصنيف لم يكن قرارًا اعتباطيًا؛ فقد استند إلى اختلافات جلية في الشكل وعوامل وراثية أيضًا. بينت الدراسة أن عدة صفات بنيوية، خاصة طول المجسات الملحوظ في الذكور، مثلت السمة الرئيسية للفصل بين جنس Satyrex وجنسه السابق Monocentropus. هكذا سجلت العناكب الضخمة هذه سابقة جديدة في عالم العناكب، حيث أصبح طول العضو أهم معيار في التصنيف، بحسب الباحثين. وربما تلخص العبارة الساخرة للعلماء: “في تصنيف الرتيلات، يبدو أن الحجم بالفعل له الكلمة الفصل”.
ومن هنا، نجد أن التنوع البيولوجي للعناكب لا يزال يبهر العلم يوماً بعد يوم، حيث تبرز أشكال عجيبة من التكيف والتطور أحيانًا بسبب تهديدات مباشرة، مثل الافتراس أثناء التزاوج، وأحيانًا بهدف التمايز الجيني والتأقلم مع مواطنها الصعبة.
وبالعودة لنقطة البداية، فإن فهمنا لدوافع هذا التكيف عند العناكب Satyrex يُلقي الضوء على آليات البقاء والتكاثر غير التقليدية في الطبيعة. ومن المفيد للقارئ تفضيل استخدام مفردة “المجسات الجنسية” بدلًا من “الأعضاء التناسلية” عند الحديث عن العناكب، لما في ذلك من دقة علمية. وقد تكون إضافة سطر يربط شراسة الإناث بإستراتيجيات بقاء الذكور في نهاية فقرة النجاة من شراسة الإناث أكثر وضوحًا لجذب انتباه القارئ وتوضيح الصورة، كما أن التركيز أكثر على الجانب السلوكي بجملة مختصرة سيربط التحليل بسلاسة أكبر مع تطور الصفات الجديدة في هذه الأنواع.