ذكاء اصطناعي

أمواج وإشارت راديو غامضة تظهر في أعماق جليد أنتاركتيكا تخالف قوانين الفيزياء: هل المادة المظلمة تحاول التواصل؟

فريق العمل
فريق العمل

3 د

اكتشف العلماء إشارات راديوية غريبة من أعماق جليد أنتاركتيكا تخالف الفيزياء المعروفة.

أكّدت ستيفاني ويسل أن الموجات تأتي من زوايا عميقة تحت الجليد.

تشير الإشارات المحتملة إلى مادة مظلمة غامضة في الكون.

يعمل العلماء على تحسين أجهزة الرصد لاكتشاف أسرار جديدة.

 تخيل أنك تكتشف شيئاً غامضاً في مكان من أكثر الأماكن بُعداً وتجمداً على كوكب الأرض؛ هذا بالضبط ما واجهه العلماء مؤخراً في أنتاركتيكا. فقد التقط الباحثون إشارات راديوية غريبة تُصدر من أعماق الجليد القطبي، وتبدو هذه الإشارات وكأنها تخالف قوانين الفيزياء المعروفة.

في دراسة حديثة نُشرت في مجلة "Physical Review Letters" المرموقة، كشف فريق بحثي عن تفاصيل هذه الظاهرة اللافتة للنظر. في العادة، توجّه أجهزة العلماء مثل تجربة "أنيتا" (ANITA)، التي تطير أجهزة رصدها عبر مناطيد على ارتفاعات شاهقة، نحو رصد الموجات الراديوية القادمة من أعلى بعد انعكاسها على سطح الجليد. لكن المفاجأة كانت رصد هذه الإشارات من أسفل، من أعماق الجليد نفسه، الأمر الذي يثير أسئلة كثيرة، وربما قد يفتح الباب لاكتشاف جسيمات جديدة غير معروفة.

وبهذا الصدد، أكدت ستيفاني ويسل، أستاذة الفيزياء وعلم الفلك في جامعة ولاية بنسلفانيا، أن الموجات التي اكتشفوها بدت من زوايا عميقة للغاية—حوالي 30 درجة تحت سطح الجليد—وهو ما يُعد فعلاً محيراً. وقالت ويسل في تصريح رسمي: "ما يثير الحيرة فعلاً هو أننا لم نتمكن بعد من تقديم تفسير واضح لهذه الإشارات، ما نعرفه فقط الآن هو أن هذه الموجات ليست نيوترينوات مألوفة".

وهذا يربط بين الغموض الحالي حول تلك الموجات وفرضيّات أكثر إثارة؛ إذ يرى العلماء أن ما رصدوه قد يكون دليلاً محتملاً على وجود ما يُعرف بالمادة المظلمة، وهي شكل نظري غامض من المادة يُعتقد أنه يمثل أغلب الكتلة في الكون، لكنه غير مرئي ولا يتفاعل بالشكل المتوقع مع المادة العادية.

ويعمل فريق "أنيتا" في الأساس على رصد جسيمات النيوترينو التي تخترق الأرض باستمرار بأعداد هائلة دون أن تصطدم بأي شيء تقريباً. والنيوترينو هو جسيم دون ذري صغير للغاية، يتميز بصعوبة شديدة في اكتشافه بسبب ضعف تفاعله مع المواد الأخرى. فعلى سبيل المثال، في كل ثانية تمر مليارات النيوترينوات عبر ظفرك دون أن تشعر بها أو تترك أثراً ملموساً. لكن عندما يكتشف العلماء إحدى هذه الجسيمات، فإنهم قادرون على إعادة تتبعها وصولاً إلى مكان نشأتها، وهو ما يوفر معلومات ثمينة عن أصل هذه الجسيمات والعمليات الكونية التي سببته.

هذا ما جعل الاكتشاف الأخير أكثر غموضاً، إذ إن هذه الموجات الغريبة لا تتبع نمطاً واضحاً أو مفهوماً لجسيمات النيوترينو التقليدية، بل تظهر من اتجاهات لم يسبق رصدها من قبل. هذه "الإشارات الشاذة" تحيّر علماء الفيزياء وتجعلهم يعيدون النظر في نماذجهم المعتادة عن الجسيمات الذرية.

ذو صلة

ولهذه الغاية، يستعد العلماء حالياً لتجهيز وتعزيز تجربة الرصد بمعدات أكثر تطوراً وحساسية من أجهزة "أنيتا" الحالية، علّ ذلك يساعدهم لاحقاً في فهم أفضل لطبيعة هذه الظاهرة. وأعربت ويسل عن تفاؤلها بالمحاولة القادمة قائلة: "مع تطوير الأجهزة الجديدة، نأمل أن نتمكن من التقاط المزيد من هذه الإشارات الغريبة، وربما نصل أخيراً إلى تفسير واضح لها. لكن لا أخفي أنني متحمسة أكثر لاحتمال أن تكون هذه الظواهر مرتبطة بجسيمات أو ظواهر جديدة لم نرها من قبل."

في نهاية المطاف، لا يزال أمام العلماء الكثير من التجارب قبل الكشف عن سر هذه الموجات الغامضة. ولعل تقديم توضيحات إضافية في المستقبل أو تفسير أقوى لبعض المصطلحات مثل "المادة المظلمة" أو "الإشارات الشاذة" يساعد في تقريب هذا الموضوع أكثر من القارئ العام. أما الآن، فما علينا سوى الانتظار بشغف ما ستسفر عنه الأبحاث القادمة من أسرار مدفونة تحت جليد القارة المتجمدة.

ذو صلة