ذكاء اصطناعي

إنفيديا وAMD تحصلان على موافقة لتصدير الرقائق إلى الصين مقابل حصة للحكومة الأمريكية من إيراداتهما

مصطفى يسري
مصطفى يسري

4 د

حصلت شركتا نفيديا وAMD على ترخيص لتصدير رقائق معدلة للصين بنسبة أرباح 15% للحكومة.

فرضت الإدارة الأمريكية قيودًا على تصدير معالجات الذكاء الاصطناعي لحماية الأمن القومي.

ارتفعت أسهم نفيديا وAMD بعد الإعلان، لكن المحللين يتريثون في تعديل التقديرات.

حققت الصين طلبات ضخمة على رقائق الذكاء الاصطناعي، مما يعزز التنافس التكنولوجي العالمي.

العائدات المشتركة مع الحكومة تعكس تحول التكنولوجيا إلى ملف سيادي معقد.

في خطوة حملت الكثير من الجدل وأثارت أسئلة في أروقة صناعة التكنولوجيا، حصلت شركتا نفيديا وAMD الأمريكيتان على ترخيص رسمي يتيح لهما تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي المعدلة خصيصاً لسوق الصين الضخم، بشرط أن يحصل الجانب الأمريكي الحكومي على 15% من عائدات هذه المبيعات! هذه الصيغة غير المألوفة سلطت الضوء مجدداً على الجدل الدائر حول تجارة التقنيات المتقدمة بين القوى الكبرى، وإلى أي مدى يمكن أن تذهب الولايات المتحدة في تنظيم تدفق منتجاتها الحيوية إلى الخارج.


في قلب المنافسة التقنية: ما وراء الترخيص المشروط

إذا عدنا بضعة أشهر للوراء، نجد أن الإدارة الأمريكية فرضت قيوداً مشددة على تصدير معالجات الذكاء الاصطناعي إلى الصين لحماية أمنها القومي ومنع استخدام تلك الشرائح في تطبيقات عسكرية أو أمنية أجنبية. ومع تصاعد الضغط من كبريات شركات التكنولوجيا التي خسرت جزءاً ضخماً من أرباحها وأسواقها—حيث يتجاوز سوق مراكز البيانات في الصين 50 مليار دولار سنوياً وفق تصريحات المدير التنفيذي لنفيديا جينسن هوانغ—بحث صناع القرار عن حلول وسط تتيح استمرار النشاط الاقتصادي مع الحفاظ على السيطرة.

ننتقل من هنا لنتساءل: كيف تعمل هذه الآلية الجديدة؟ ببساطة، تصدر نفيديا AMD رُقاقات تربوها شركات تجميع في الصين، على أن تسلم كلتيهما للحكومة الأمريكية 15% من إيرادات هذه المبيعات. خبراء التجارة العالمية وصفوا الاتفاق بـ "السابقة الغريبة"، إذ من النادر أن تجبر دولة شركاتها على تقاسم أرباح الصادرات السيادية بهذه الطريقة. ورغم ذلك، حقق الإعلان عن الموافقة انتعاشًا ملحوظًا في أسهم الشركتين وقفزة في توقعات عائداتهما، رغم أن بعض المحللين ما زالوا يتريثون في تعديل تقديراتهم حتى يتأكدوا من استقرار الاتفاق وفعاليته.

وهذا يعكس كيف تضع التقنية الحديثة—لا سيما الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية—الدول أمام تحديات متجددة في الموازنة بين التفوق الاقتصادي وضبط الأمن الاستراتيجي.


موجة طلب هائلة… ومتغيرات جديدة

لا شك أن الصين ليست مجرد سوق كبير للرقائق الذكية، بل هي أيضاً طرف متعطش للحصول على أحدث ما تنتجه مصانع أشباه الموصلات العالمية. فور إعلان نفيديا عن استئناف شحنات معالجها المتطور H20 إلى الصين، تكشفت تقارير صحفية عن طلبات إضافية فورية تضم مئات الآلاف من القطع الجديدة من شركاء التصنيع مثل TSMC التايوانية. ويبدو أن المشهد مرشح لمزيد من التصعيد مع صدور تعليمات من الجهات التنظيمية الصينية ببعض التريث من طرف عملاء رئيسيين مثل بايدو وعلي بابا وتينسنت لدواعي أمنية، وهو ما ألقى بظلال من الترقب على مستقبل التعاون في هذا القطاع.

ومن الطبيعي أن نجد أن سياسات التصدير والطلب الصيني لعبا دوراً محورياً في تغيير توقعات المحللين حول مبيعات الشركات الكبرى في 2025، حيث تسارعت التوقعات النهائية بالنسبة لـAMD في الأسابيع الأخيرة، بدافع الأمل أن هذه الاتفاقات ستنعكس أخيراً على النمو المالي، خاصة وأن المنافسة بين اللاعبين الكبار على أشدها، وسط سباق على ريادة الذكاء الاصطناعي.


نقطة تحول للأسواق العالمية للشرائح الإلكترونية

المشكلة لا تقتصر فقط على العلاقات الأمريكية الصينية، بل أصبحت ذات صدى عالمي. فعقوبات التصدير السابقة تسببت بخسائر قدرها 4.5 مليار دولار لنفيديا و800 مليون دولار لـAMD في نتائج الربع الأول، واضطر كل طرف لمراجعة استراتيجياته الإنتاجية والتسويقية. لكن مع بزوغ فجر التراخيص الجديدة، عاد الحديث عن قدرتهم على اللحاق بقطار الطلب المتنامي، والحد من تداعيات المنافسة مع المصنعين الصينيين وشركات تقنية ناشئة تقتحم سوق الحوسبة المتقدمة.

بالانتقال من هنا إلى زاوية أوسع، يمكننا ملاحظة أن تحقيق عائدات استثنائية للقطاع الحكومي الأمريكي—من خلال مشاركة الأرباح—يوضح كيف تغيرت قواعد اللعبة، وكيف تحولت إدارة التكنولوجيا المتقدمة من مجرد نشاط تجاري إلى ملف سيادي معقد حافل بالمساومات والمصالح المتداخلة بين الاستثمار والأنظمة الأممية.

ذو صلة

التنافس مستمر والتحديات تتجدد

في النهاية، لم تعد قصة تصدير الرقائق الإلكترونية مجرد فصل اقتصادي اعتيادي. هي الآن مرآة لعصر جديد، تتشابك فيه الكلمات المفتاحية مثل الأمن القومي، الذكاء الاصطناعي، الحوسبة السحابية، التجارة العالمية، القيود التكنولوجية، السوق الصيني والربح السيادي في معادلة واحدة. يبقى السؤال الأبرز: هل سينجح النظام الجديد في تلبية طموح الجميع، أم أننا على موعد مع جولات أصعب من شد الحبل بين الابتكار الحر والرقابة الحكومية؟ كل المؤشرات تقول إن السباق ما يزال في بدايته.

ذو صلة