ذكاء اصطناعي

اصطدامات فضائية تكشف خفايا جديدة عن مصير كواكب المجموعة الشمسية

فريق العمل
فريق العمل

3 د

كشفت دراسة جديدة سر الاختلاف بين كواكب المجموعة الشمسية بسبب الاصطدامات العنيفة.

تكونت الكواكب الصخرية مثل الأرض والمريخ والزُهرة في منطقة قريبة من الشمس.

أظهرت المحاكاة الحاسوبية أن الاصطدامات المتأخرة شكلت البنية والخصائص الجيولوجية للأجرام.

أثرت هذه الاصطدامات أيضًا على الغلاف الجوي للكواكب، وقدمت عناصر ضرورية للحياة.

الدراسة تدفع العلماء لإعادة النظر في كيفية تشكيل الكواكب الخارجية وإمكانية دعمها للحياة.

هل تساءلت يومًا لماذا تختلف كواكب المجموعة الشمسية بشكل كبير رغم أنها وُلدت من المصدر نفسه؟ يبدو أن تفسير هذا الغموض قد اقترب أخيرًا من الوضوح، بفضل دراسة جديدة كشفت عن سر مذهل يختبئ وراء الاصطدامات العنيفة التي وقعت في المراحل الأخيرة من تكوين هذه الكواكب.

المريخ، الزهرة، الأرض، وعطارد هي ما يُعرف بالكواكب الصخرية، وهي تتشابه في تكوينها العام؛ فهي تتألف من صخور ومعادن من الحديد والسيليكات، عكس الكواكب الغازية مثل المشترى وزحل، التي تتألف بالأساس من الغازات. تكونت هذه الكواكب الصخرية في منطقة حارة قريبة من الشمس، أتاحت للمواد الصلبة التكوّن من خلال قرص الغاز والغبار الأولي الذي حوّلته الظروف الفضائية القاسية إلى هذه الأجسام الصلبة.

ودائمًا ما اعتقد العلماء أن تباين أحجام وتركيبات هذه الكواكب يعود بشكل رئيسي إلى المناطق التي تشكلت فيها داخل النظام الشمسي، ولكن الدراسة الحديثة التي نُشرت في مجلة "نيتشر" العلمية، قلبت هذه النظرية قليلًا. وعوضًا عن التركيز على الموقع الأولي فقط، أكدت الدراسة أهمية مرحلة يتجاهلها الكثيرون تُسمى "الاستحواذ المتأخر"؛ وهي الاصطدامات المتتالية التي تعرضت لها الكواكب بعد جمعها لأكثر من 99% من كتلتها الأولية.


اصطدامات متأخرة صنعت مصائر مختلفة

ولتوضيح هذه الفكرة، أجرى الباحثون محاكاة حاسوبية متقدمة لاختبار كيف أثرت هذه الاصطدامات المتأخرة على خصائص كل كوكب بشكل منفرد. أظهرت النتائج أن هذه المرحلة كانت حاسمة في تشكيل البنية الداخلية، والسطح، والغلاف الجوي.

فعلى سبيل المثال، يبدو أن كوكب عطارد فقد جزءًا كبيرًا من طبقاته الخارجية جراء اصطدام ضخم سيطر على تكوينه، تاركًا له نواة حديدية ضخمة بشكل غير اعتيادي. أما كوكب الزهرة، فيشير البحث إلى أنه واجه سلسلة طويلة من الاصطدامات الضخمة، أطلقت طاقة عالية سخنت باطنه الداخلي لدرجة لا تزال تجعله نشطًا بركانيًا حتى اليوم.

أما المريخ، فتشير التوقعات إلى تعرضه لاصطدام كبير واحد على الأقل في مرحلة متقدمة من ولادته، وهو ما يفسر اختلافه الجيولوجي الواضح بين نصفه الشمالي ونصفه الجنوبي. وبالنسبة للأرض، فإن تلك الاصطدامات التي قد تكون أقل حجمًا، لكن عديدة ومتكررة، من الممكن أنها حرّكت عملية تكتونية الصفائح، وهي الحركة المستمرة لصفائح القشرة الأرضية التي لعبت دورًا مفصليًا في استقرار مناخ كوكبنا وتطور ظروف ملائمة لظهور الحياة.

وبعيدًا عن الباطن والتركيب الداخلي، أثرت هذه الاصطدامات بشكل كبير على الغلاف الجوي للكواكب؛ ففي بعض الحالات، كانت كافية لنزع الغلاف الغازي للكوكب بالكامل، وفي حالات أخرى، قدمت إليه العناصر الضرورية للحياة، مثل الكربون والمياه.

هذا الكشف يرفع أسئلة جديدة للعلماء حول ظروف قابلية العيش في الكواكب الأخرى، فما يحدث في الساعات الأخيرة والمراحل المتأخرة من تشكّل الكواكب قد يكون العامل الفارق لوصول ظروف الحياة إلى الغلاف الجوي أو انتزاعه بالكامل.

ذو صلة

وهذا بالذات ما سيدفع الفلكيين وعلماء الكونيات على نطاق واسع لإعادة النظر في آليات تشكيل الكواكب خارج مجموعتنا الشمسية، والمعروفة باسم "الكواكب الخارجية"، والبحث عن أدلة على تأثير اصطدامات متأخرة مشابهة على بنية هذه الكواكب وإمكانياتها في احتضان الحياة.

تذكُّرنا هذه الدراسة الجديدة بأنه تحت سطح عالمي هادئ وتقليدي قد تكون هناك قصة عنيفة وكارثية، وأن سر الحياة على الأرض قد يختبئ في تلك الخبطات القاسية التي شكلته. إن إدراج الربط بين قسوة الأحداث الفضائية وزهرة الحياة التي نعيشها اليوم، يفتح أعيننا على سيناريوهات كانت بعيدة عن الأذهان سابقًا، وربما تكون مفتاحًا لفهمنا للكواكب والحياة في أماكن أخرى من الكون.

ذو صلة