اكتشاف إنزيم جديد قد يغير مسار الوقاية من أمراض القلب والسكري

3 د
اكتشف باحثون في جامعة تكساس إنزيم IDO1 الذي يمكنه منع الالتهابات وتنظيم الكوليسترول.
الإنزيم المكتشف يُعطل الكوليسترول، ما قد يقي من أمراض القلب والسكري وبعض السرطانات.
استخدام الإنزيمات قد يُطور علاجات للأمراض المزمنة المرتبطة بالالتهاب والكوليسترول.
دراسة تأثير إنزيمي IDO1 وNOS تفتح طريقًا لعلاجات مزدوجة أكثر شمولاً وفعالية.
البحث الجديد يمثل قفزة نحو تطوير أدوية بأقل أعراض جانبية وفعالية أكبر.
تخيل للحظة وجود زر سري داخل أجسامنا يمكن بمجرد الضغط عليه وقف سلسلة من الأمراض المزمنة التي تؤرق الملايين حول العالم، من أمراض القلب إلى داء السكري وحتى بعض أنواع السرطان. هذا ليس خيالًا علميًا، بل هو ما أشار إليه أحدث بحث في جامعة تكساس بأرلينغتون، حيث أعلن فريق من العلماء عن اكتشاف إنزيم يمكن «إيقافه» ليدعم التوازن الصحي للكوليسترول داخل الجسم ويسيطر على الالتهابات الخطيرة دون أضرار جانبية.
البداية كانت من محاولة فك ألغاز الالتهاب المزمن، الذي يقف خلف كثير من الأمراض المعروفة. يعرف معظمنا أن الالتهاب هو رد فعل طبيعي من جهاز المناعة لمهاجمة الفيروسات أو شفاء الإصابات، لكنه عندما يختل بفعل القلق أو العدوى يصبح سببًا في تلف الخلايا ويساهم في ظهور مشكلات صحية خطيرة. ضمن هذه الحلقة، تفقد خلايا ماكروفاج المناعية قدرتها على امتصاص الكوليسترول بشكل ملائم، ما يمهد الطريق لتراكم الكوليسترول ثم انسداد الشرايين وحدوث أمراض القلب.
وقد ألقى هذا الاكتشاف الضوء على إنزيم يُسمى IDO1، حيث لاحظ الباحثون أنه ينشط بقوة أثناء الالتهابات ويبدأ في إنتاج مادة كينورينين التي تعطل دور الماكروفاج وتدفعها للفشل في التعامل مع الكوليسترول. هنا جاءت الفكرة المحورية: ماذا لو استطعنا «كبح جماح» هذا الإنزيم ببساطة؟
كيف يمكن لهذا الاكتشاف أن يغيّر قواعد اللعبة؟
بمنع عمل إنزيم IDO1، أو ما يمكن وصفه بمفتاح الإيقاف الجديد، استعادت الخلايا المناعية قدرتها على امتصاص الكوليسترول، ما خفض احتمالات تكدسه. لعل اللافت في هذه التجارب أنه بمجرد تعطيل IDO1، عادت آليات الجسم الطبيعية في معالجة الكوليسترول إلى العمل كما يجب، ما قد يعني أن استهداف هذا الإنزيم قد يكون وسيلة وقاية أو علاج للعديد من الحالات المرتبطة بارتفاع الكوليسترول. هذه النتائج لم تتوقف عند حد القلب، بل تلتقي كذلك مع مرضى السكري، وبعض أنواع السرطان، وحتى أمراض الشيخوخة المبكرة، فكل هذه الحالات تتشارك في طريق واحد هو الالتهاب المزمن وضعف امتصاص الكوليسترول.
ومما يعزز هذا الأمل أن الفريق البحثي اكتشف أن هناك إنزيمًا آخر يلعب دورًا في هذه السلسلة، اسمه أكسيد النتريك سينثيز (NOS)، الذي يظهر أنه يزيد من سوء تأثير IDO1 أثناء الالتهاب. فتحليل أثر هذا الإنزيم الثاني يدفع باتجاه أفكار علاجية أكثر عمقًا، فقد يصبح الطريق ممهدًا لما يُشبه مزيج علاجي مزدوج يستهدف كل منهما ليحقق نتائج أقوى وأشمل في محاربة الأمراض الالتهابية المرتبطة بالكوليسترول.
هذا التواصل بين الإنزيمين يشير إلى مدى تعقيد توازن الجسم الداخلي، وكيف يمكن لفريق بحثي واحد أن يضيء لنا زوايا جديدة في فهم الأمراض المزمنة. فالتحدي الآن هو تطوير أدوية تستطيع الوصول للهدف المنشود بكفاءة وأمان تام.
الطريق نحو علاجات مستقبلية
هذه النتائج لم تأتِ بجرة قلم بل شارك فيها علماء من تخصصات متعددة، بإشراف البروفيسور شوهبرانغسو ماندال وفريق من طلاب الدراسات العليا والباحثين الشباب الذين اشتركوا في إجراء التجارب المتقدمة، متمسكين بالأمل في أن يؤدي ذلك إلى صدور أدوية أكثر فعالية وأقل أعراضًا جانبية. بالطبع، يؤكّد الباحثون أن الخطوة التالية هي الغوص أكثر في علاقة إنزيم IDO1 بالكوليسترول وفحص ما إذا كانت هناك إنزيمات أخرى تلعب دورًا دعمياً أو معرقلاً، وذلك سيقودنا نحو معرفة منهجية أعمق لتطوير علاجات مبتكرة للأمراض الالتهابية.
وهذا الطموح العلمي يجعلنا أيضًا نعكس الضوء على العلاقة المعقدة بين المناعة والكوليسترول وعملية الالتهاب، مما يمكّن الباحثين من تقديم مقاربات علاجية لمجموعة واسعة من الأمراض، ليس فقط القلب والسكري، بل وربما حتى أمراض الشيخوخة والسرطان.
في الختام، من الواضح أن استكشاف عالم الإنزيمات مثل IDO1 ونظيره NOS لا يمثل فقط اختراقًا مخبريًا بل يفتح لنا نافذة نحو طرق علاجية واعدة. ويمكن تعزيز النص العلمي بجمل ربط أو تعبيرات أقوى، مثل الحديث عن «سلاح مزدوج» بدلًا من مجرد «استهداف إنزيمين»، أو تخصيص تركيز أكبر على تفاعل الالتهاب مع امتصاص الكوليسترول. ويظل الأمل معقودًا على الخطوات القادمة للعلماء في تحويل هذا الاكتشاف الواعد إلى علاج فعلي يعيد الأمل لملايين المرضى حول العالم.