ذكاء اصطناعي

اكتشاف جين جديد قد يغير علاج السرطان وأمراض المناعة الذاتية

محمد كمال
محمد كمال

4 د

اكتشف العلماء جينًا جديدًا SDR42E1 يحسن امتصاص وتحويل فيتامين د للجسم.

الاهتمام بالجينية نشأ بعد إثبات دوره الفعّال في امتصاص فيتامين د.

تقنية كريسبر أظهرت أهمية هذا الجين في استهداف الخلايا السرطانية بدقة.

يفتح هذا الاكتشاف آفاقًا جديدة لعلاج السرطان وأمراض المناعية دون أضرار جانبية.

الجين يمثل محطة محورية لتطوير علاجات جينية مستقبلية فعّالة.

في كشف علمي مثير حمل معه الكثير من الأمل لمرضى السرطان وأمراض المناعة الذاتية، تمكن علماء حديثاً من تحديد جين محوري يحمل اسم SDR42E1، أظهر دوره الجوهري في امتصاص فيتامين د من الجهاز الهضمي وتحويله إلى شكله النشط الذي تحتاجه خلايا الجسم. هذا الاكتشاف المذهل ليس مهماً فقط لفهم كيفية معالجة الجسم للفيتامينات، بل يُبشر أيضاً بتحولات جذرية في كيفية استهداف الخلايا السرطانية وعلاج أمراض المناعة دون الإضرار بالخلايا السليمة المجاورة.

بدأ الاهتمام بجين SDR42E1 بعد أن كشفت أبحاث شاملة أنه ينتمي إلى عائلة الإنزيمات المعروفة باسم “نزع الهيدروجين/الاختزال القصيرة السلسلة”، والتي تلعب دور الوسيط الرئيسي في سلسلة تفاعلات امتصاص وتحويل فيتامين د. فالفيتامين بعد امتصاصه من الأمعاء يمر بعملية تحويل معقدة، ليصبح في صورته الفعالة “الكالسيتريول” الضرورية لصحة العظم ونشاط الخلايا. وجد الباحثون عبر استخدام تقنية التعديل الجيني كريسبر CRISPR/Cas9 أن إيقاف عمل جين SDR42E1 يؤدي لتعطيل عملية الاستفادة من فيتامين د بشكل يكاد يكون تاماً، مما يفسر سر معاناة بعض الأشخاص من نقص الفيتامين رغم توافره في غذائهم أو تعرضهم للشمس. هذا التطور يوضح مدى ارتباط الصحة العامة بهذا الجين، ويربط بين آليات امتصاص الفيتامين وتفاعلات الجسم الدفاعية ضد الأمراض.

أما عن كيفية تأثير هذا الجين في الجسم، فقد استعان العلماء بما يُسمى بـ”الدراسات الالتحامية الجزيئية”، التي كشفت أن جين SDR42E1 يرتبط بقوة بفيتامين D3 وعدة مركبات وسيطة مثل 8-ديهيدروكوليستيرول و7-ديهيدروكوليستيرول، وهي مركبات أساسية في تصنيع فيتامين د تحت الجلد. تتجلى أهمية هذا الجين بتواجده في مجموعة واسعة من الكائنات الحية، من البشر إلى الديدان وذباب الفاكهة، ما يثبت أنه عنصر أصيل في تنظيم عملية الأيض الخاصة بالستيرولات (مادة دهنية أساسية). وما يجعل هذه النتائج أكثر إثارة، أن تعطيل SDR42E1 لا يؤثر فقط في امتصاص فيتامين د، بل يُحدث اضطراباً في تعبير آلاف الجينات الأخرى، خاصة تلك المعنية بامتصاص الكوليسترول والدهون وتوازن الإشارات الخلوية المرتبطة بأمراض السرطان. بهذه الصورة، نرى كيف يرتبط اكتشاف هذا الجين بآفاق علاجية واسعة تتجاوز حدود فيتامين د وحده.

ولشرح أداة كريسبر التي استُخدمت للوصول إلى هذه النتائج، تجدر الإشارة إلى أنها تقنية وُلدت من فهم دفاع البكتيريا عن نفسها ضد الفيروسات: فالنظام مؤلف من إنزيم يُسمى Cas9 يعمل كمقص جزيئي، ودليل من الحمض النووي يوصل هذا المقص إلى نقطة محددة في جينوم الخلية ليُقطع هناك. هذا الأسلوب الدقيق يسمح بإبطال جين معين أو إدخال تعديلات تمنح العلماء سيطرة غير مسبوقة على الشيفرة الوراثية للكائن الحي. هنا، عند تعطيل SDR42E1 في خلايا سرطان القولون (نوع HCT116) لوحظ انخفاض حاد في نشاط الخلايا بنسبة تزيد عن 50%، وهي نتيجة تفتح باباً واعداً أمام علاجات تستهدف الخلايا السرطانية بدقة عالية دون إضرار بالخلايا السليمة التي تحيط بها. ويمكننا أن نفهم من هنا كيف يشكل هذا الاكتشاف رابطاً مباشراً بين آليات تعديل الجينات وتطوير علاجات مخصصة بدقة غير مسبوقة لأمراض معقدة كالسرطان.

ذو صلة

تسليط الضوء على نتائج التجارب المعملية، يكشف عن تغييرات كاسحة في نشاط أكثر من 4600 جين مرتبطين بامتصاص الستيرول، ومسارات أيضية تؤثر في تطوّر الأورام. من بين هذه الجينات ظهرت أسماء مثل LRP1B وABCC2 وقد ارتفع نشاطها، في حين تباطأ نشاط جينات مثل WNT16 وSLC7A5. وعندما أُعيد تشغيل جين SDR42E1 بشكل مؤقت في الخلايا، استعادت تلك الخلايا جزءاً كبيراً من قدرتها على الحياة، ما يُبرهن بوضوح على إمكانية توظيف هذا الجين كأداة علاجية فعالة. ومن هنا، يعتمد العلماء بشكل متزايد على فهم أعمق لدور SDR42E1 للمضي في تطوير أنظمة علاجية تستهدف الخلايا المريضة مع تقليل أي آثار جانبية على الخلايا الطبيعية. وهذا التفصيل يوضح كيف يمكن للمستقبل العلاجي أن يتغير إذا تم ضبط هذه الآليات الحيوية الدقيقة لصالح المريض.

وفي خاتمة هذا الاكتشاف العلمي المتقدم، يتضح أن جين SDR42E1 قد يكون محطة محورية في طريق علاج أمراض لطالما عجز الطب التقليدي عن معالجتها بفاعلية وبدون آثار جانبية ملموسة. ورغم أن هذه الأبحاث ما زالت في بداياتها العملية وتحتاج لكثير من التجارب السريرية قبل أن تدخل حيز التطبيق، إلا أن توظيف كلمة “دقيق” بدلاً من مرادفاتها في بعض المواضع يمنح تركيزاً أوضح لأهمية الاستهداف الجيني. كما أن مزج المصطلحات مثل “تعديل جيني” و”تقنيات التحرير الوراثي” ضمن سياق واحد يساعد القارئ غير المتخصص على ربط الخيوط الرئيسية للموضوع. ربما سيكون من المفيد أيضاً ربط التطور الحالي بخطوات مستقبلية محتملة مثل تطوير عقاقير أو علاجات موجهة تستفيد من فهم تركيب SDR42E1، ليبقى الأمل قائماً بأن العلم لا يزال قادراً على مفاجأتنا بما هو أكثر رفاعة ودقة.

ذو صلة