اكتشاف صخري مدهش يكشف مخلوقًا أسطوريًا يجمع بين الإنسان ونصف فرس النبي!

3 د
عثر علماء الآثار في إيران على نقش يظهر مخلوقًا نصفه إنسان ونصفه فرس نبيّ.
يحتوي النقش على تفاصيل دقيقة تجمع بين السمات البشرية والحشرية.
تم استعانة الباحثين بعلماء الحشرات لتحديد النوع الذي ألهم الفنان.
يكشف النقش عن ممارسات طقسية أو رمزية معقدة للثقافات القديمة.
النقش جزء من شبكة رمزية إنسانية تتواجد في ثقافات متعددة.
في قلب الصحراء الإيرانية، وبين الصخور العتيقة في موقع "تيماره" بوسط البلاد، عثر فريق من علماء الآثار على نقشٍ حجري أربكهم تمامًا — فهو لا يشبه أي من النقوش المعهودة. المخلوق المنحوت يبدو وكأنه مزيج بين الإنسان وفرس النبيّ، يجمع بين السمات البشرية والهيئة الحشرية في مشهد يثير الدهشة والأسئلة في آنٍ واحد.
هذا النقش الصغير، الذي لا يتجاوز ارتفاعه ثلاثة عشر سنتيمترًا، يتميّز بتفاصيل دقيقة لافتة للنظر؛ أطراف طويلة، عينان بارزتان، ورأس مائل إلى الأمام يشبه تمامًا بعض أنواع فرس النبيّ المنتشرة في تلك المنطقة. لكن ما يثير الإعجاب هو طريقة وقوفه المنتصبة، تمامًا كما يقف الإنسان. هذه المقارنة بين الملامح جعلت العلماء يصفونه بـ«الإنسان الراكع ذو أذرع فرس النبيّ».
وهذا الاكتشاف يقودنا للحديث عن طبيعة الفنّ الصخري في إيران القديمة وثراء رموزه.
دلالات رمزية وحيرة علمية
تُظهر التحليلات أن الرسم لا يمثّل مجرد حشرة، بل يحمل رمزية مركبة. فقد استعان الباحثون بعلماء الحشرات لتحديد الأنواع التي قد تكون ألهمت الفنان القديم، وانتهوا إلى نوع إقليمي معروف باسم *إمبوسا* يتميّز بعنق طويل وقرن رأسي واضح، وهي سمات تجسدت بوضوح في النقش. أما الوضعية البشرية المنحنية، فربما تعكس طقسًا شعائريًا أو مفهومًا روحانيًا اتخذه الإنسان القديم وسيلة للتواصل مع القوى التي رآها في الطبيعة.
وهذا يفتح الباب أمام تساؤلات جديدة حول موقع هذا "الإنسان-الحشرة" في الميثولوجيا القديمة.
صعوبات التأريخ وتحديات البحث
لم يتمكن الباحثون من تحديد تاريخ دقيق للنقش بسبب القيود التقنية والسياسية المفروضة على التحاليل الكربونية في إيران، لكن المقارنات مع نقوش مجاورة تشير إلى عمر يتراوح بين أربعة آلاف وأربعين ألف عام. حتى في أدنى تقدير، يُعد هذا العمل من أقدم تمثيلات الكائنات الحشرية في التاريخ البشري المسجّل.
وهذا يعيدنا إلى فكرة تأثير الظروف البيئية والنفسية على الفن القديم وتنوّع أشكاله.
تفسيرات محتملة وروابط ثقافية
بحسب الباحثين، ربما استلهم الإنسان القديم ملامح فرس النبيّ لما رآه فيها من سرعةٍ وخداعٍ وهدوءٍ قبل الانقضاض — صفات جعلت منها كائنًا غامضًا يستحق التخليد في الفن الحجري. لكن ثمة فرضية أخرى أكثر جرأة، ترى في النقش انعكاسًا لحالة وعي مغايرة، ربما ناتجة عن استخدام نباتات مهلوسة، وهو طرح ما زال دون دليل قاطع.
ومن المثير أن رمزية الحشرات، ولا سيما فرس النبيّ، ظهرت في ثقافات أخرى حول العالم، من إفريقيا إلى آسيا، كرمزٍ للتأمل والقدرة على الصيد والإخفاء، مما يجعل هذا النقش جزءًا من شبكة رمزية إنسانية أوسع.
خلاصة القول
يبقى "الإنسان-فرس النبيّ" لغزًا معلّقًا بين الفنّ والأسطورة والعلم. فسواء كان إلهًا، أو روحًا حافظة، أو مجرد انبهارٍ بكائنٍ صغيرٍ غريب الشكل، فإنه يذكّرنا بقدرة الإنسان القديم على تحويل ملاحظاته للطبيعة إلى رموز خالدة، وعن سعيه الدائم لفهم ما وراء المألوف.
-