اكتشاف غامض على خرائط جوجل يدفع ناسا للتحقيق… والنتيجة تصدم الجميع!

3 د
علماء يكتشفون إعصارًا نادرًا في أستراليا من صور خرائط جوجل.
الإعصار خلف أثراً يُشبه الندبة، دون دمار بشري يُذكر.
صور الأقمار الصناعية ساعدت في تحليل الأثر وتأكيد الإعصار.
الحادثة تبرز دور التقنية في اكتشاف الظواهر الطبيعية بالمناطق النائية.
انتشار التطبيقات المفتوحة يُعزز التعاون بين العلماء والهواة.
لم يكن يتوقع أحد أن يؤدي فضول رجل يتصفح خرائط «جوجل إيرث» إلى كشف ظاهرة جوية نادرة غيّرت تضاريس إحدى أكثر المناطق عزلة في أستراليا. لكن صورة غير مألوفة ظهرت على الشاشة قادت العلماء إلى اكتشاف مذهل، عنوانه «إعصار لم يره أحد».
في البداية لاحظ متتبع للكهوف خطاً طويلاً أشبه بندبة على سطح سهول «نالاربر»، المنطقة الشهيرة بسطحها الجيري الجاف والمنبسط. هذا الشكل الغريب أثار فضوله، فقرر إخطار خبراء من جامعة كيرتن الذين استعانوا بصور الأقمار الصناعية لتحليل الظاهرة. وهنا بدأت خيوط القصة تتضح شيئاً فشيئاً.
وهذا يربط بين شغف الهواة بعلم الخرائط والدور المتنامي للأقمار الصناعية في فهم التغيرات البيئية الدقيقة حول العالم.
مسار إعصار لم يشهده أحد
كشفت التحليلات في النهاية أن «الندبة» الممتدة لنحو 11 كيلومتراً وعرضها ربع كيلومتر تقريباً ما هي إلا أثر لإعصار دوار بقوة تتراوح بين **F2** و**F3** على مقياس فوجيتا، أي برياح تجاوزت سرعتها 200 كيلومتر في الساعة. المدهش أن هذا الإعصار ضرب السهول بين 16 و18 نوفمبر 2022، لكن لم يلحظه أي شاهد بشري بسبب العزلة الشديدة للمكان.
تشير بيانات «مكتب الأرصاد الأسترالي» إلى أن تلك الأيام كانت مصحوبة بجبهة باردة قوية وأمطار غير معتادة. بفضل صور الأقمار «لاندسات» و«سنتينل‑2»، تمكن العلماء من تتبع التغيرات في لون التربة وأنماط التعرية التي خلفتها الدوامات الصغيرة داخل الإعصار.
وهذا يوضح كيف يمكن للتقنيات الحديثة قراءة سجل الطبيعة كما لو كانت صفحات مفتوحة على سطح الأرض.
بصمات الرياح على الأرض
العلامات الدائرية الدقيقة التي رُصدت على الأرض، والمعروفة باسم «آثار الدوامات الفرعية»، أكدت أن الإعصار دار في اتجاه عقارب الساعة، وهو أمر نادر في نصف الكرة الجنوبي. هذه الأنماط الدقيقة كانت محفوظة بشكل استثنائي بفضل جفاف المنطقة وبطء نمو النباتات فيها، ما سمح ببقاء الأثر واضحاً حتى مايو 2023 حين زاره فريق البحث ميدانياً.
وربط العلماء هذه الظاهرة بما لا يزيد على ثلاثة أعاصير سبق أن وُثّقت على سهول نالاربر، جميعها حدثت في شهر نوفمبر أيضاً، غير أن هذا الإعصار تميز بأنه لم يترك وراءه دماراً عمرانياً ولا شهوداً، بل أثر جغرافي نقي يمكن دراسته بحرية.
وهذا يعطي لمحة عن قيمة المناطق النائية كمختبر طبيعي لدراسة العواصف دون تدخل بشري.
اكتشاف بالصدفة يغيّر أسلوب البحث
العجيب أن كل الاكتشاف بدأ من متصفح إنترنت يبحث عن الكهوف الجيرية والحفر الطبيعية؛ لاحظ شكلاً طويلاً لا يشبه قنوات التصريف أو الكثبان المعروفة. بعد الإبلاغ عنه، استخدم الباحثون أدوات الاستشعار عن بُعد لتأكيد وجود ما وصفته عين الهاوي. وهنا لعبت البيانات المفتوحة من الأقمار الصناعية دور البطولة، إذ وفرت أدلة كمية سمحت بتوثيق الظاهرة لأول مرة.
ويرى العلماء أن مثل هذه الأحداث قد تتكرر في أماكن نائية حول العالم دون أن يلاحظها أحد، وأن انتشار التطبيقات المفتوحة مثل «جوجل إيرث» و«سنتينل» يجعل من الممكن للهواة والعلماء معاً تتبع آثار الطقس العنيف بعد انقضائه.
وفي هذا السياق يشدد الجيولوجي ماتاي ليبار، قائد الدراسة، على أن قيمة الحدث لا تكمن في قوته فقط بل في الطريقة التي تم بها اكتشافه: «في هذه الحالة كتبت الطبيعة سجلها بنفسها، ونحن قرأناه من الفضاء».
الخلاصة
من مجرد صدفة على خريطة رقمية، وُلد اكتشاف علمي يعيد تعريف كيفية مراقبة الظواهر الجوية في المناطق البعيدة. يكشف هذا الإعصار الخفي عن مستقبلٍ يكون فيه العلم التشاركي بين الهواة والباحثين أحد مفاتيح فهم مناخ كوكبنا المتغير.