ذكاء اصطناعي

اكتشاف غريب: كل انسان يمتلك بصمة تنفس مختلفة عن الآخر، وتكشف أسرار صحتك النفسية والجسدية

فريق العمل
فريق العمل

3 د

للتنفس بصمة فريدة مثل بصمة الإصبع تميّز كل فرد.

التنفس قد يكشف عن مؤشرات صحية ونفسية مثل القلق والاكتئاب.

العلماء لاحظوا اختلافات في أنماط التنفس بين الأشخاص المكتئبين والقلقين.

قد نتمكن في المستقبل من تحسين حالتنا النفسية بتدريب على التنفس.

الأبحاث تأمل في استفادة العلاج الطبي والنفسي من فهم بصمات التنفس.

هل تصدق أن لطريقة تنفسك بصمة فريدة تميّزك عن الآخرين؟ يبدو الأمر غريباً، لكن العلماء يعتقدون أنها حقيقة مثيرة تفتح آفاقاً مذهلة لفهم صحتنا الجسدية والنفسية بشكل جديد وطريف.

في بحث حديث نُشر في مجلة Current Biology، اكتشف الباحثون أن كل شخص يتمتع بنسق تنفس خاص به، فريد من نوعه، ويشبه إلى حد كبير بصمة الإصبع. تمكن الباحثون من تحديد هوية الأفراد المشاركين في دراستهم اعتماداً على نمط تنفسهم فقط، بدقة تقارب المائة في المائة، وتحديدًا 96.8 بالمائة. الأمر لا يقتصر على مجرد التمييز بين شخص وآخر، بل قد يتعداه ليُظهر في المستقبل دلالات مهمة حول حالتنا الصحية والنفسية.

وقد قام العلماء بمراقبة حوالي مائة متطوع باستخدام جهاز قابل للارتداء، رُكب تحت أنوفهم، لرصد تدفق الهواء من فتحتي الأنف طوال أربع وعشرين ساعة أثناء ممارسة حياتهم اليومية المعتادة. ومن هؤلاء المشاركين المائة، تابع العلماء 42 شخصًا منهم ليوم إضافي لمزيد من الدقة والمتابعة. خلال مدة الدراسة، سجّل المشاركون أنشطتهم اليومية، وأجابوا على استبيانات لقياس سمات تتعلق بالقلق والاكتئاب وحتى اضطرابات طيف التوحد.

والمفاجأة أن النتائج كانت فائقة الدقة إلى حد كبير. بل إن التعرف على الأشخاص بناءً على بصمة التنفس كانت نتائجه تماثل تقنيات التعرف على الصوت أو تتجاوزها أحياناً. الباحثة «تيمنا سوروكا» من معهد وايزمان للعلوم أعربت عن دهشتها قائلة: \"كنت أعتقد أن من الصعب تحديد الناس من خلال التنفس فقط، خاصة مع قيامهم بأنشطة مختلفة مثل الركض أو الدراسة أو الاستراحة. لكن اتضح أن أنماط التنفس كانت فعلاً فريدة ومميزة بوضوح لدى كل مشارك\".

وما يثير الاهتمام حقاً، أن هذه البيانات لا تعطينا فقط بصمة شخصية، بل يمكن أن توفر معلومات حول مؤشرات صحية متعددة كالوزن (مؤشر كتلة الجسم BMI)، وكذلك دورة النوم واليقظة، وحتى الخصائص المرتبطة بنوبات القلق والاكتئاب المحتمل.

على سبيل المثال، توجد علاقة غير متوقعة بين طريقة التنفس والشعور بالقلق: فقد لاحظ العلماء أن الأشخاص الذين سجّلوا نقاطاً أعلى في استبيانات القلق كانت أنفاسهم أثناء النوم أقصر وأكثر تباينًا، مع فترات توقف متفاوتة. فيما كانت أنفاس من سجّلوا نقاطاً أعلى في استبيانات الاكتئاب أعمق وأكثر قوةً أثناء الاستيقاظ، تلتها وقفات أطول بعد الزفير.

لهذا، فإن العلماء ما زالوا غير متأكدين حتى الآن أيهما السبب وأيهما النتيجة: هل حالات القلق والاكتئاب هي ما يغير من نمط التنفس؟ أم أن نمط التنفس نفسه هو ما يسبب في ظهور هذه الحالات؟ ويرى «نعام سوبل»، وهو باحث في معهد وايزمان، أن الإجابة قد تكون مفاجئة: \"دائماً ما اعتقدنا أن الشعور بالاكتئاب أو القلق يغير من طريقة تنفسنا، لكن قد يكون العكس صحيحاً! هل من الممكن أن يكون نمط التنفس هو الذي يؤدي لحدوث القلق أو الاكتئاب؟ إذا صح ذلك فقد نتمكن مستقبلاً من تحسين حالتنا النفسية بالتدريب على طريقة تنفس صحية أكثر\".

ذو صلة

ورغم أن البحث لا يزال في مراحله المبكرة، فإن الفريق المتخصص يأمل في الاستفادة من هذه البصمة التنفسية الفريدة في التشخيص والعلاج. ولأن النتائج واعدة ومشجعة، يعمل الباحثون حالياً على التحقق من فكرة أن تقليد أنماط تنفس صحية يمكن أن يؤدي لتحسين الحالة النفسية والعقلية.

ختاماً، من يدري؟ ربما خلال السنوات القادمة يصبح لدينا جهاز منزلي بسيط قادر على تحديد بصمة التنفس الشخصية، ما يساعدنا في تدارك مشكلات صحية مبكرة أو حتى تحسين الحالة النفسية والعاطفية. لذا، فإن تكثيف هذه الأبحاث وإضافة مزيد من التجارب على فئات أوسع قد يكون الخطوة التالية لتحويل هذه الفكرة المثيرة إلى واقع ملموس. وبينما نتابع باهتمام هذه التطورات العلمية، فقد يكون من المفيد جداً أن نلتفت أكثر إلى الطريقة التي نتنفس بها، فهي قد تخبرنا الكثير عنا دون أن ندرك ذلك!

ذو صلة